يقول جوناثان سكانزير-محلل تمويل الإرهاب السابق في وزارة الخزانة الأمريكية- في مقاله على صفحات مجلة بولتيكيو، إنه وبالنسبة للبعض يوفر ما يحدث الآن في الشرق الأوسط أفضل عذر ممكن للإسرائيليين ليكتفوا بمجرد الجلوس، وترك أسوأ أعدائهم يقتلون بعضهم البعض. ويضيف إن كبار المسؤولين الإسرائيليين يراقبون الآن حماس كتيار مضاد لأنصار الدولة الإسلامية في قطاع غزة، وأن هذا كان جوهر مقالة من 19 يونيو كتبها المدير السابق لوكالة المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، إفرايم هاليفي، في صحيفة يديعوت أحرونوت. وأشار الكاتب أيضًا إلى التقارير التي تقول إن إسرائيل تدرس هدنة مع حماس الآن، المقصود منها تكريس الفريق لطاقاته في هزيمة داعش.
ولكن، وعلى الرغم من قول سكانزير فإنه من المرجح أن كلاً من أعداء إسرائيل سوف يغرقان بعضهما بالدماء بشدة، إلا أنه يعود ليستعيد ذاكرة الحرب بين إيران والعراق (1980-1988)، قائلاً: “عندما سكتت المدافع، لم تكن أي من الدولتين قد هُزمت، بل ظهرتا على حد سواء كجهات ملتزمة وقادرة على زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، وكتهديد للمصالح الأمريكية“.
ويقول الكاتب: “لقد كانت هذه الاستراتيجية محفوفة بالمخاطر حينها، وهي محفوفة بالمخاطر الآن. ولكن رغم ذلك، هذه الاستراتيجية بصدد العودة. وتظهر زمرة متزايدة من الحكومات الغربية الآن تغييرًا لتقييماتها بشأن التهديد الذي قد تتعرض له من قِبل الجماعات العنيفة، في محاولة واضحة لتجنيد هذه الجماعات في القتال ضد الدولة الإسلامية“. ويطلق الكاتب على هذا الدافع اسم تأثير داعش”.
ويؤكد سكانزير أن تأثير داعش ملموس على الحدود الشمالية لإسرائيل أيضًا. ويستشهد الكاتب هنا بما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال عن أن إسرائيل امتنعت عن محاربة الفصيل التابع لتنظيم القاعدة في سوريا، جبهة النصرة، رغم وجوده على حدودها منذ العام الماضي، لأنه يقاتل ضد نظام الأسد والدولة الإسلامية.
وليست إسرائيل وحدها في هذا، وفقًا لسكانزير. حيث يضيف في مقاله إن هناك جوقة أمريكية متنامية ممن يؤكدون أن جبهة النصرة جديرة بالدعم الغربي؛ لأنها تشارك أيضًا في المعركة ضد داعش. ويشير الكاتب إلى ريان كروكر، وهو السفير الأمريكي السابق في العراق وسوريا، قائلاً إن هذا الشخص يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، مقترحًا أن هذا الفصيل الجهادي قد يكون حليفًا مفيدًا، ومشيرًا إلى أنه يعمل بالفعل مع جماعات تدعمها الولايات المتحدة في سوريا، على الرغم من أنه محدد كجماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة.
وأما فيما يتعلق بالمجموعات المصنفة إرهابية الأخرى التي قد تتبع نهج جبهة النصرة هذا، فيقول سكانزير إن حركة طالبان اشتبكت مؤخرًا أيضًا مع الدولة الإسلامية، وإن المسألة قد تكون مجرد مسألة وقت قبل أن تلتزم الحكومات الغربية بالنظر إلى المضيفين السابقين لتنظيم القاعدة في التسعينيات على أنهم فصيل أكثر اعتدالاً. ويضيف الكاتب إن تأثير داعش قد يمتد أيضًا ليشمل الشركات التابعة لتنظيم القاعدة في ليبيا.
ويؤكد سكانزير أن تأثير داعش يتمثل بأقوى صوره “بين أولئك الذين يعتقدون أن إيران، وهي الدولة الرائدة في العالم في رعاية الإرهاب، تشكل بطريقة ما الجواب على تنظيم الدولة الإسلامية“.
وأشار الكاتب إلى إشادة مسؤول السياسة الخارجية السابق في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، مؤخرًا باستعداد إيران لمحاربة الجماعة الإرهابية، وإلى حث وزيرة الخارجية الأسترالية، جولي بيشوب، لاجتماع الأمم في باريس الشهر الماضي، على شمل إيران في محادثات حول الحملة ضد الدولة الإسلامية.
وأما فيما يخص تأثير داعش على علاقة أمريكا بإيران، فأشار الكاتب إلى ما قاله المحلل، فالي نصر، لصحيفة الديلي بيست مؤخرًا، من أنه، وسواءً “شئنا أم أبينا، [الولايات المتحدة وإيران] على نفس الجانب الآن“، وأيضًا، إلى ما كشفت عنه صحيفة لومبرغ فيو قبل أسبوعين من أن إيران والولايات المتحدة تتقاسمان قاعدة عسكرية في محافظة الأنبار العراقية.
وبالإضافة إلى أن الإسرائيليين، وعلى عكس أمريكا، ما زالوا ينظرون إلى جمهورية إيران الإسلامية باعتبارها عدوًا لدودًا لهم، ويقول الكاتب إن إسرائيل قلقة أيضًا من كيفية تأثير داعش على حساب التفاضل والتكامل للإدارة الأمريكية في عدم دفعها تجاه الإطاحة ببشار الأسد في سوريا.
ويقول الكاتب إن البيت الأبيض يرى أن لدى الديكتاتور السوري الإرادة والقدرة على محاربة الدولة الإسلامية، إلا أن ما هو مقلق بالموضوع، هو أنه يفعل ذلك بمساعدة كل من فيلق القدس الإيراني، ووكيل طهران اللبناني، حزب الله. ويضيف سكانزير إنه، وعلى الرغم من تصنيف كل من هاذين الفصيلين كمجموعات إرهابية من قِبل الولايات المتحدة، إلا أن أمريكا لا تفعل الكثير لمنع انتشارهما عبر العراق وسوريا لمحاربة داعش.
ويتطرق سكانزير في مقاله أيضًا إلى قلق السعوديين، ودول الخليج العربي الأخرى، من تأثير داعش. ويعطي الكاتب مثالاً على ذلك، قائلاً إن الحوثيين المدعومين من إيران، والذين يزعزعون الاستقرار في اليمن، هم أيضًا في صراع مع الدولة الإسلامية، وقد يتم بالتالي اعتبارهم معتدلين، أو على الأقل لا يشكلون تهديدًا للمصالح الغربية، مع مرور الوقت.
(بوليتكو – التقرير)