نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تقريرا عن تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” مشيرة إلى أن التنظيم يتحصن بشكل قوى جدا في مدينة الرمادي العراقية بعد ستة أسابيع على انتزاعها من قوات الأمن العراقية، ولفتت إلى أن “داعش” قام بإصلاح مرافق البنية التحتية الرئيسية وإقامة حكومة محلية وبناء دفاعات للتصدي لأي هجمات قد تنفذها حكومة بغداد.
وأوضحت الصحيفة أن الجهود التي يقوم بها التنظيم من المرجح أن تعيق محاولات الحكومة العراقية لاستعادة المدينة التي تبعد 80 ميلا غرب بغداد، فحتى الآن لم تنفذ قوات الأمن العراقية والميلشيات المتحالفة معها وعدها بشن هجوم على الرمادي لاستعادتها، حيث سمح هذا التأخير لمسلحي تنظيم الدولة بتعزيز دورهم كأصحاب أمر ونهي، والإشراف على كل شيء من المساجد الموجودة داخل المدينة حتى إصلاح الطرقات وتوزيع الوقود.
ولفتت الصحيفة أن “الدولة الإسلامية” المعروف بقسوته، سعى إلى رسم نفسه كدولة حقيقية قادرة على خدمة المواطنين المسلمين بكفاءة، وإن شرعيتها معتمدة بشكل كبير على قدرتها في إدارة مثل تلك الدولة، حتى لو صدمت المواطنين بعقوباتها مثل ذبح المخالفين أمام الناس.
يقول هشام الهاشمي خبير في شؤون الدولة الإسلامية ومستشار للحكومة العراقية: إن الأيام الأولى لاستيلاء التنظيم على مدينة الرمادي شهد مصادرة كل الأسلحة وقتل المعارضين، لكن بعد ذلك بدأ المسلحون في إرساء حياة عادية وامتلأت الأسواق بالأغذية وأعيدت الكهرباء.
ويحذر الهاشمي من أن تأخر قوت الأمن في طرد تنظيم الدولة من المدينة سيعطيهم فرصة لتعزيز مواقعهم في عاصمة محافظة الأنبار التي كانت عصية على مسلحي تنظيم الدولة لأكثر من عام، حتى مع سيطرة التنظيم على أراض في العراق وسوريا المجاورة.
لكن تنظيم الدولة نمى من مهاراته العسكرية في ميادين القتال في الحرب الأهلية السورية وأسقط الرمادي في مايو الماضي بعد أن نشط خلاياه النائمة داخل المدينة وفجر عشرات السيارات المفخخة عند المنشآت التي تتحصن بها قوات الأمن العراقي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الانسحاب الفوضوي لقوات الأمن العراقية من الرمادي التي أعلنت بعد فترة عن عملية مداهمة لاستعادتها، لكن تم تأخير الاقتحام بحجة الحاجة إلى مزيد من الوقت.
وتنقل الصحيفة شهادات مسلحين من ميلشيات الحشد الشعبي الشيعية المدربة إيرانيا يعبرون فيها عن خشيتهم من وقوع كثير من الضحايا إذا ما تسرعوا في العملية.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة أن نصف سكان المدينة البالغ عددهم نصف مليون فروا منها مع دخول تنظيم الدولة، الذي عزز من قوته حيث أعدم مؤيدي حكومة حيدر العبادي وحرر سجناء التنظيم من سجون المدينة.
وتروي الصحيفة عن شهود داخل الرمادي قولهم: إن مسلحي تنظيم الدولة انتشروا في أرجاء المدينة واستجوبوا السكان وطبقوا قوانين بشأن النساء، كما نصب المسلحون شاشات عرض كبيرة في الميادين العامة لبث لقطاع فيديو لإنجازاتهم العسكرية، فضلاً عن اعتلاء القناصة الأسقف للسيطرة على محيط المدينة.
وتشير الصحيفة إلى أن إشراف الدولة الإسلامية على كل مساجد مدينة الرمادي ما يعد أوضح إشارة على تحصن التنظيم وتثبيت قدمه، برأي الباحث أيمن التميمي زميل منتدى الشرق الأوسط، الذي يلفت إلى أن التنظيم “يشدد كثيرا على تنظيم ما يجب فعله وما لا يجب فعله في المساجد”.
وأضافت أن التنظيم شكل لجنة دينية جديدة في الرمادي وأصدر تعليمات للمساجد تقضي بإطلاق العاملين فيها لحاهم والتحلي بشخصية جيدة، كما شددت اللجنة على ضرورة عدم وجود دراسة غير رسمية للقران خارج المساجد التي تحت سيطرة التنظيم.