حالة من الجدل داخل جدران المؤسسة العسكرية الحاكمة فى مصر أثارها اختلاط الأوراق عقب الهجمات التي ضربت تمركزات وكمائن الجيش فى شمال سيناء الأسبوع الماضي، فى التوتر الذى ظهر على السطح بشكل أو بأخر داخل أروقة القوات المسلحة ابتداءا باجتماع المجلس العسكري الطارئ دون السيسي لأول مرة، مرورا بغياب صدقي صبحي عن مشهد زيارة المشير إلى سيناء، وانتهاءا إلى مجهول قد تكشف عنه الأيام القليلة المقبلة بإطاحة أحد الرجلين بالأخر أو استمرار الحرب الباردة حتي حين.
أحمد فهمي -الباحث والمحلل السياسي- تناول المشهد الضبابي بشئ من التحليل والتفنيد، مؤكدا أن المعادلة السياسية لا تعرف المجاملات، ومشددًا على ضرورة استيعاب أنه بمقدار قوة الثورة تكون البدائل السياسية متوافقة مع مطالبها، فإذا ضعفت الثورة، سيكون عليها القبول ببدائل وسطية.
فهمي لخص -في تدوينة له عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”- المشهد المصري في 13 حقيقة رسختها الأحداث، موضحًا أن هناك بعض العوامل أكثر تأثيرًا في تغيير النظام المصري من بينها القوى الإقليمية والدولية.
والعوامل الـ13 التي ذكرها “فهمي” هي:
1- مركز القوة في مصر في وزارة الدفاع، وليس في قصر الاتحادية، في المنصب وليس في الشخص، لذلك كان السيسي مترددا في ترك المنصب، وحاول أن يضع ضمانات في الدستور تضمن احتفاظه به.
2-عندما ترك السيسي منصب وزير الدفاع، فقد قوته الحقيقية، وصار تابعا لا متبوعا، وبمرور الوقت ستترسخ هذه الحقيقة لدى القطاعات المؤثرة في النظام، خاصة لو تنامى الخلاف العسكري العسكري إلى درجة تباين القرارات والخيارات.
3- حاول السيسي أن يعوض فقدانه للقوة العسكرية، بأربعة أمور، هي: (قبل الانتخابات، قام بتأمين الساحة التنافسية بـ”تمويت البدائل” المحتملة، العسكرية والمدنية – بعد الرئاسة، ترسيخ شعبيته لدى الجماهير– جمع السلطات التنفيذية والتشريعية أطول فترة ممكنة– تضخيم خطر الإخوان كعدو مشترك لشركاء الانقلاب).
4-لو أزلنا الأقنعة الزائفة والشخوص الكرتونية، فإن الشريكين الأساسيين في الانقلاب هما: “السيسي”، و”صبحي”، وعادة إذا لم ينجح شريك الانقلاب الذي أصبح رأسا للنظام في تنحية شركائه، فسوف يتعرض للسقوط.
5- لذلك عندما برز السيسي كشريك للرئيس مرسي في تنحية طنطاوي وعنان، كانت القاعدة هي: لابد لأحدهما أن يزيح الآخر، تأخر الرئيس مرسي، فانقلب عليه السيسي.
6- العناصر الأكثر تأثيرا في تغيير النظام المصري، هي القوى الإقليمية والدولية قبل الداخل، الشرعية الدولية أهم من الشرعية الداخلية.
7- المشكلة التي يواجهها العسكر حتى الآن هي انعدام الشريك السياسي المقبول، الذي يمكن أن يقوم بدور الواجهة السياسية الموالية، لذلك يعجز السيسي عن إكمال بناء النظام، ويعجز شركاؤه المشاكسون عن استبداله، باختصار، من يسعى لتنحية السيسي- داخليا- عليه أن يؤسس “جبهة إنقاذ” جديدة.
8- إخفاق السيسي ليس سببه سوء إدارة بالضرورة، بل لأنه يريد أن يحقق إنجازات بدون تغيير خصائص النظام الموروث عن مبارك، حتى في شخوصه، وأي بديل عسكري لن يمكنه حل هذه الإشكالية، لذلك فإن ثقل التبعة وصعوبة تحقيق إنجازات، تمثل عائقا أمام من يحاول السيطرة على الحكم.
9- الصورة التي كان كثير من قادة العسكر يفضلونها، هي أن يتصدر للحكم شخص عسكري خارج الخدمة، يؤمن نفوذهم ولا يتحملون إخفاقاته- نموذج مبارك- لكن الآن هم يتحملون إخفاقات السيسي، وليس لديهم بديل جاهز.
10- المشهد الآن يعاني من ارتباك شديد، وتجاذبات حادة، ولا يمكن تحديد إلى أي جانب سيميل أو يستقر، وتزايد قمع الإخوان سببه الأول هو الخشية من استغلالهم للفرصة، وتعاظم الخوف من كونهم القوة الأكثر قدرة على أن تلعب دور البديل، لذلك يبذلون جهدا هائلا لإعادة تصنيف – أو فرز – الإخوان ليس كبديل سياسي محتمل، وإنما ككيان إرهابي تكفيري عنفي.
11- أي “تكتل” سياسي يتشكل الآن من قوى حقيقية مؤثرة، سيمكنه أن يلعب دورا مؤثرا، وأن يفرض خياراته.
12- استمرار الفعاليات الثورية بمعناها العام، يزيد من إنهاك النظام وعجزه، ويرفع تكلفة بقاء السيسي في المشهد، كما يقطع الطريق على أي إفرازات– بدائل- غير مستحبة.
13- المعادلات السياسية لا تعرف المجاملات، لذلك يجب استيعاب أنه بمقدار قوة الثورة، تكون البدائل السياسية متوافقة مع مطالبها، فإذا ضعفت الثورة، سيكون عليها القبول ببدائل وسطية.