” الأثرياء لا يبالون بالآخرين، والأثرياء أنانيون، والأثرياء أيضا ليسوا بحاجة إلى العمل الجاد،” عبارات نمطية تترد على مسامعنا ومعتقدات شائعة تجول في خاطرنا عن الأثرياء، لكن لماذا؟ وكيف تؤثر تلك المعتقدات على ثرواتنا وأوضاعنا المالية؟
حاول الدكتور براد كلونتز الأخصائي النفسي المالي والمؤلف والمخطط المالي المعتمد استكشاف الإجابات على تلك الأسئلة، بقوله إن الاستعداد العام لإظهار العداء تجاه الأثرياء ينغرس داخل الإنسان منذ نعومة أظافرة.
وكتب كلونتز على مدونته: “ إذا ما كنت تعتقد أن المال شيء سلبي وأن الأثرياء أشرار، فعليك أن تراجع نفسك في الحال. فعند مرحلة ما من حياتك، فإنك تتعلم إما عن طريق التوجيهات من الأشخاص البالغين، أو حتى عبر تجربة مباشرة، بأن من هم أكثر منك ثراء ينخرطون بالضرورة في بعض السلوكيات المشينة.”
وتابع: “هنا تكمن المشكلة. فالحقيقة مفادها أن بعض الأشخاص يستغلون الآخرين أثناء قيامهم بجمع الثروات… ومع ذلك، فإنه عند تطبيق هذا القول النمطي على الأثرياء، ويُنظر إلى المال على أنه سيء في حد ذاته، يمكن أن يصبح المال محدودا من تلقاء نفسه.”
ووجد كلونتز في ورقته البحثية أن الأشخاص الذين يحملون معتقدات قوية لا تُفسر لصالح الأغنياء، يكون لديهم رغبة جامحة على الأرجح لأن يصبحوا أثرياء.
وأطلق على هذا الصراع ” تناقض المال”- الذي يمكن أن يصبح وبسرعة محدودا من تلقاء نفسه، محذرا من أن هذا قد يمثل خطورة أيضا على وضعك المالي.
وأكد كلونتز على أن هذا “ هذا الصراع الداخلي يقودك حتمًا إلى الإخفاق في النهاية.”
وتابع: “إذا ما تعلمت منذ الصغر أن تجمع المال بطمع وأنانية، فلن تصبح على الأرجح من الأثرياء،” مشيرا إلى أن ” التكلفة السيكولوجية ستكون باهظة جدا.”
وأردف بأن هذا ” يفسر، على نحو جزئي، السبب في قيام الكثير من الأشخاص وبدون وعي بنسف النجاح الذي حققوه على المستوى المالي، معتقدين أن الثروة والنزاهة لا يجتمعان أبدا.”
وأوصى كلونتز بضرورة أن يتحدى المرء معتقداته الداخلية المتعلقة بالمال كي يتفادى مسألة تقويض فرص نجاحه المالي.”
واستطرد بقوله: “ ولتنظر إلى تجاربك السابقة الخاصة بالمال والمعتقدات التي رسخت بذهنك حول الثروة والثراء… ولترى إذا ما كان ثمة رؤية أكثر توازنا تستطيع مساعدتك في تحسين أوضاعك المالية.”
وكان تقرير صادر عن مؤسسة “أوكسفام” الخيرية البريطانية، في يناير الماضي قد ذكر أن انعدام المساواة في الدخل سيصل لمرحلة جديدة بحلول عام 2016، حيث إن الأغنياء حول العالم، والذين يشكلون نسبة 1%، سيسيطرون على ثروة أكبر من بقية سكان العالم.
وحذرت المؤسسة الخيرية من أن ازدياد انعدام المساواة يعوق مكافحة الفقر حول العالم، في الوقت الذي يعيش فيه أكثر من مليار شخص على أقل من 1.25 دولارات في اليوم، ولا يملك واحد ضمن تسعة أشخاص ما يأكله.
وبحسب التقرير، سيطر الأشخاص فاحشي الثراء حول العالم على نسبة 48% من إجمالي الدخل العالمي، بينما سيطر الفقراء والذين يشكلون نسبة 80% من سكان العالم على نسبة هزيلة قدرها 5.5% من الثروة.
من جهته، علق المدير التنفيذي لمؤسسة “أوكسفام”، و”يني بيانيما”، قائلا “تقرير أوكسفام هو فقط آخر دليل على وصول انعدام المساواة لحدود صادمة ومستمرة في الزيادة”، مضيفا أن الوقت حان لـ”قادة الرأسمالية الحديثة العالميين”، وأيضا للسياسيين، أن يغيروا النظام ليصبح أكثر إنصافا.