قامت الولايات المتحدة مؤخرا برفع الحظر المفروض على الدولة الخليجية الصغيرة بسبب سجلها الضعيف في مجال حقوق الإنسان، ولكن النشطاء هناك يؤكدون أنه لم تحدث بعد أي تغيرات تذكر.
على الرغم من قرار الولايات المتحدة هذا الأسبوع برفع الحظر عن المساعدات الأمنية والعسكرية إلى البحرين، على أصداء حملة القمع العنيفة ضد المتظاهرين عام 2011، إلا أن مجموعات النشطاء والحملات الحقوقية قالت إن الدولة الخليجية لا تزال تعاني من مشاكل كبرى فيما يتعلق بقضايا حقوق الأنسان.
هناك أكثر من 3000 سجين رهن الاعتقال التعسفي في البلاد، وفقا لما أورده مركز البحرين لحقوق الإنسان يوم الاثنين الماضي، وهو ذات اليوم الذي أعلنت خلاله الولايات المتحدة رفع الحظر.
«حالة حقوق الإنسان في البحرين تتدهور بشدة»، جاء ذلك على لسان «سعيد يوسف» نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، ويخشى أن التحرك الأمريكي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من قمع الحكومة للحقوق البحرينية. مضيفا: «تعد هذه إشارة سلبية للغاية».
وفرض الحظر الأمريكي بعد قيام النظام الملكي السني في البحرين بشن حملة على المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية خلال الربيع العربي، عندما هب السكان في منطقة الشرق الأوسط بشكل جماعي لإسقاط بعض الطغاة الحاكمين في المنطقة منذ فترة طويلة. منذ ذلك الحين، تم اتهام أكثر من 100 ناشط بحريني بارتكاب جرائم ضد الدولة وتجريدهم من الجنسية، وفقا لبيانات مركز البحرين.
وأشار تقرير وزارة الخارجية الأمريكة حول ممارسات حقوق الإنسان في البحرين للعام 2014 إلى ما وصفت بأنها «مشاكل كبيرة تتعلق بقضايا حقوق الإنسان، الحرمان التعسفي من الحياة – الإفلات من العقاب لضباط الأمن المتهمين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان – الاعتقال التعسفي، قد اعتمدت عددا من الإصلاحات «ذات المغزى» في مجال حقوق الإنسان تستحق ظاهريا رفع الحظر المفروض عليها.
«في حين أننا لا نعتقد أن حالة حقوق الإنسان الراهنة في البحرين قد بلغت الحد المناسب أو المأمول، نحن نعتقد أنه من المهم أن ندرك أن حكومة البحرين قد أحرزت بعض التقدم ملموس على الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان والمصالحة»، وفقا لما قاله المتحدث باسم وزارة الخارجية «جون كيربي» في بيان يوم الإثنين.
وجاء هذا الاعلان بعد الحكم بالسجن بحق الشيخ «علي سلمان»، زعيم حركة الوفاق البحرينية، الحركة السياسية المعارضة الرئيسية في البلاد، لمدة أربع سنوات،وهي العقوبة التي تعرضت لانتقادات على نطاق واسع عالميا، بما في ذلك عدد من المجموعات الحقوقية الأمريكية ومنظمة العفو الدولية، والذي دعت الحكم بأنه «صادم»، ووصفت «سلمان» بأنه معتقل رأي ألقي به في السجن فقط لقيامه بالتعبير عن آرائه.
وكان نائب الأمين العام لجمعية الوفاق «خليل المرزوق» عير متاح للتعليق نظرا لأنه قد تم استدعاؤه يوم الثلاثاء من قبل وزارة الداخلية البحرينية ووجهت إليه تهمة إهانة وزارة الداخلية.
«لايمكن وصف ما يحدث باعتباره خطوة جيدة»، وفقا لمنظمة بريان دودلي لحقوق الإنسان والتي قالت في بيان لها «إنها خطوة سيئة للبحرين وسيئة للمنطقة وسيئة بالنسبة للولايات المتحدة».
وربما تتلقى وزارة الدفاع في البحرين والحرس الوطني الآن من الولايات المتحدة صواريخ من طراز هامفي وتاو ومركبات سيارة وأسلحة صغيرة وذخائر متنوعة، ومع ذلك، فإن الحظر لا يزال قائما على إرسال المعدات إلى وزارة الداخلية، وهي المسؤولة عن الأمن الداخلي والتي قادت حملة شرسة لإخماد الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
يستمر استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين. في /أيار أيدت محكمة الاستئناف الوطنية حكما بالسجن لمدة ستة أشهر إضافية للمعارض «نبيل رجب» لتمتد بذلك فترة محكويته إلى خمس سنوات وشهر. وكان رجب قد وجهت له اتهامات بالتغريد حول أن الأجهزة الأمنية البحرينية لعبت دورا في دعم «الدولة الإسلامية» في العراق والشام (ISIL). كما اتهم أيضا الحكومة البحرينية للقمع والتعذيب، وفقا لمركز البحرين.
وفي يونيو/حزيران، تم تمديد فترة حبس الناشطة «زينب الخواجة» لتسعة أشهر لتصل فترة سجنها لمدة خمس سنوات وشهر واحد. ووجهت إليها تهمة بارتكاب جرائم تتعلق بحرية التعبير وتدمير الممتلكات الحكومية في عام 2012. وقيل إنها مزقت صورة للملك «حمد بن عيسى آل خليفة» عاهل البحرين.
وفي الوقت ذاته، حكم على المدونة والناشطة «غادة جمشير» بقضاء 20 شهرا في السجن لكتابتها تغريدة اتهمت خلالها إدارة مستشفى الملك حمد بممارسة الفساد.
تستضيف البحرين مقر قيادة الأسطول الخامس الأمريكي، وتنحاز أيضا إلى صفوف واشنطن في حربها ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، مما دفع بعض المحللين إلى التكهن بأن رفع الحظر له علاقة بالسياسة الإقليمية بأكثر من ادعاء تقدم ملموس في سجل حقوق الإنسان في البحرين.
وقال «مايكل ستيفنز»، وهو زميل أبحاث لدراسات الشرق الأوسط في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، «هناك مشكلات سياسية واجتماعية متفاقمة في البحرين لم يتم حلها»، ولكن هناك الكثير من التوتر في الخليج استعدادا لاتفاق نووي إيراني محتمل، وترغب الولايات المتحدة في كسب البحرين إلى صفها عبر «إرسال إشارات أنها تدعم البحرين في حقها في الدفاع عن أمنها».
وأضاف «ستيفنز» الولايات المتحدة لديها مخاوف إقليمية أوسع نطاقا حول التوسع الإيراني في المنطقة ورفع الحظر يجب أن ينظر إليها في هذا السياق.
بدوره، اتفقت «جين كينينمونت»، نائب رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، أن هذه الخطوة من جانب الولايات المتحدة يبدو تتعلق بشكل كبيربـ«اتفاق لتغيير قواعد اللعبة مع إيران، فضلا عن تقديم المساعدة لمكافحة الإرهاب الخليج».
ومع ذلك، فقد قالت أنها تلاحظ أن الوضع السياسي في البحرين آخذ في التدهور، «ويبدو أن الولايات المتحدة غير مستعدة لاستخدام نفوذها أو إنفاق رأس المال السياسي الخاص بها على قضايا الإصلاح المحلية عندما تنشغل بالتغييرات الاستراتيجية الإقليمية الكبيرة».
ولكن مساعدة هذا البلد الذي قمع المعارضة الداخلية قد تأتي بنتائج عكسية. وكان الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» قد قال في إبريل/ نيسان إن أكبر التهديدات لدول الخليج «قد لا تكون قادمة من إيران الغازية. ولكن من الاستياء القادم من داخل بلدانه نفسها.
المصدر | الجزيرة الإنجليزية