نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية تقريرا حول المعارك التي تدور حالياً في درعا جنوب سوريا، بين فصائل المعارضة السورية من جهة، وقوات بشار الأسد من جهة أخرى، مشيرةً إلى أن خسارة النظام لهذه المعركة تعني أنه لم يعد قادراً على السيطرة وإدارة الأزمة في البلاد.
وأشارت الصحيفة في التقرير الذي أعده مراسلها في بيروت “بينجامين بارت”، إلى قول الباحث والمحلل في “مجموعة الأزمات الدولية”: إن “معركة درعا تشكل اختباراً للنظام، فمنذ انتصارات الثوار في منطقة إدلب، فإنه يتلكأ في سحب قواته إلى محور دمشق- حمص- اللاذقية، الذي يمثل العمود الفقري للبلاد، كما ينصحهُ حلفاؤه الإيرانيون”.
ولفت تقرير الصحيفة إلى أن انهيار قوات النظام في إدلب شمال غرب سوريا، وفي تدمر بريف حمص (وسط)، عكس انطباعاً يشي بتغيير الأسد لإستراتيجيته العسكرية، فبدلاً من بعثرة جيشه في كل مناطق البلاد، بهدف تثبيت العدو ومنعه من حشد قواته للزحف على دمشق، فإن الأسد عمد إلى سحب قواته وحصرها فيما أسمتها الصحيفة بـ”سوريا المفيدة” (غرب سوريا بما فيها مناطق الساحل)، للحيلولة دون خسارة قواته في معركة بات صعباً عليه وبصورة متزايدة، أن يكسبها.
وتنقل الصحيفة عن مصدر أمني – قالت إنها لن تكشف عن هويته لدواع أمنية – إلى أن أبرز من يدافع عن أطروحة انسحاب النظام ويراها “أكثر عقلانية” مسؤول الأجهزة الأمنية في نظام الأسد، اللواء علي مملوك، وتشير الصحيفة إلى أن الأسد لا يبدو محبذاً لهذا الطرح. كما أنه ميدانياً لم يلاحظ المراقبون أي انتقال للإدارات أو أي تحركات للقوات العسكرية على نطاق واسع.
وقد تشكل معركة درعا علامة فارقة في مجريات عام 2015 وستحرج نظام الأسد أمام العام، وفي هذا السياق نقلت “لوموند” عن مسؤول في منظمة إنسانية فرنسية قوله: “في الشمال، كان ممكناً للنظام أن يحسب أن انتصار الثوار سيشكل إحراجاً لخصومه الغربيين. ولكنه لن يكون قادراً على التلويح بالخطر الجهادي إذا ما سقطت مدينة درعا”.
وتختم الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن المراقبين يستبعدون انهيار النظام في الأجل القريب إلا إذا حصل انقلاب داخلي وهذا أمر مستبعد، ويقول “تشارلز ليستر” المحلل في “معهد بروكينغز الدوحة” إن “الأسد يسيطر حالياً على كل المناطق الإستراتيجية التي يحتاجها للبقاء في السلطة”.
وتشير الصحيفة إلى أن تعرض النظام للهزيمة في درعا سيسلط الضوء على فشل إستراتيجيته والتآكل المتواصل لمواقعه، كما ستشكل خسارة درعا انعطافة في حرب لم يعد أحد قادراً على التنبؤ بانتهائها بعد أربع سنوات ونصف السنة من القتال، حسب تعبير “لوموند”.
وفي هذا السياق؛ يُشار إلى أن نظام الأسد تعرض مؤخراً لبعض من أقوى الضغوط التي واجهها في الصراع المندلع منذ أربعة أعوام. وتقلّصت مساحة المناطق التي تسيطر عليها القوات النظامية إلى حوالي 25% فقط من مساحة البلاد، وذلك بعد خسائره في محافظات شمال غربي البلاد والجنوب، بينما يسيطر تنظيم “داعش” على الثلث في شمال شرقي سوريا، كما سيطر مؤخراً على مدينة تدمر الأثرية في وسط سوريا والواقعة على مفترق طرق رئيسي يربط بين حمص والعاصمة دمشق.
وتقول مصادر بالمعارضة السورية المسلحة إن جميع مناطق مدينة درعا تخضع حاليًا لسيطرة الجيش الحر وتنظيمات إسلامية مسلحة من بينها “جبهة النصرة” (الفرع السوري لتنظيم القاعدة)، منها منطقة “درعا البلد” التي تعتبر نقطة ارتكاز فصائل المعارضة السورية، باستثناء منطقة “درعا المحطة”، التي ما تزال تحت سيطرة الجيش النظامي.