نشرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي لعام 2014 حول ممارسات حقوق الإنسان في الإمارات. وكشف التقرير المسهب عن استمرار تدهور أوضاع حقوق الإنسان في الدولة دون تغيير يطرأ على الانتقادات السابقة التي تذكرها الخارجية بصورة متواترة كل عام، باستثناء مزيد من الانتهاكات الحقوقية كميا. وأشار التقرير أن الإمارات تقبع تحت حكم أبوي ورعوي الولاء في المجتمع الإماراتي يعود لشيوخ القبائل الذين هم حكام كل إمارة.
وأضاف التقرير، هناك مؤسسات منتخبة بصورة محدودة ديمقراطيا، كما لا يوجد أحزاب سياسية. كما لا تجرى أي انتخابات عامة. ووصف التقرير المجلس الوطني بأنه هيئة استشارية يتكون من 40 عضوا يتم انتخاب عشرين منهم بواسطة هيئة انتخابية يختارها حاكم كل إمارة، وكان عدد المواطنين المسموح بالانتخاب 129 ألف مواطن فقط من عدد الإماراتيين الذين يحق لهم الانتخاب.
مشكلات مزمنة
يعاني النظام السياسي والمجتمع الإماراتي- حسب تقرير الخارجية الأمريكية- من ثلاث مشكلات حقوقية وسياسية مزمنة، وهي: عدم قدرة الإماراتيين على تغيير حكومتهم، كما يحظى الإماراتيون بحريات مدنية محدودة في حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية التجمع وحرية تشكيل الجمعيات إلى جانب قيود مفروضة على الانترنت. أما المشكلة الثالثة، فهي الاعتقالات التعسفية والسجن الانفرادي لفترات طويلة. وأكدت الخارجية الأمريكية، ورود تقارير حول عمليات فساد ونقص في الشفافية من جانب الحكومة.
انتهاكات حقوق الإنسان
الاختفاء القسري
أشار التقرير إلى الاختفاء القسري الذي تعرض له مواطنين قطريين وهما يوسف الملا ومحمد الحمادي دون أن تعترف السلطات الإماراتية باحتجازهم أو تقدم عريضة اتهام بحقهم. ولكن التقرير الأمريكي لم يشر إلى حالات أخرى وعديدة من الاختفاء القسري كما حدث مع الشقيقات الثلاث ومع الكويتي خالد العجمي واليمني عبد الله التميمي وغيرهم الكثير.
التعذيب وسوء المعاملة
على خلاف التقارير السابقة، فقد وثقت الخارجية الأمريكية تقرير المقررة الأممية الخاصة باستقلال القضاء والمحامين “غابرييلا نول” حول النظام القضائي في الإمارات، والذي أشار إلى حالات تعذيب تبناها التقرير الأمريكي، إلى جانب تأكيد الخارجية الأمريكية عن ورود تقارير بحالات تعذيب من جانب الأجهزة الأمنية والشرطة.
أوضاع السجون في الإمارات
أشار التقرير أن أوضاع السجون في الدولة تختلف من إمارة إلى إمارة. وأكد التقرير أن الحكومة لم تصدر إحصاءات أو معلومات عن أوضاع السجون. ولكن، وبصفة عامة، أفاد بعض السجناء في دبي تردي الأوضاع الصحية، وعدم كفاية الإضاءة، وضعف التحكم في درجة الحرارة. وكانت بعض التقارير تفيد باكتظاظ السجون، وخاصة في أبوظبي ودبي.
الاعتقال والحجز التعسفي
قالت الخارجية الأمريكية، أن تقارير وردتها تفيد بأن الحكومة احتجزت أشخاصا بدون تهمة أو محاكمة قضائية أولية. كما أن وزارة الداخلية اعتقلت الأجانب المقيمين بصورة تعسفية في بعض الأحيان. وقيدت السلطات اتصال المعتقلين بالمحامين وأفراد أسرهم.
دور الشرطة وأجهزة الأمن
أفادت الخارجية الأمريكية بوجود حالات اعتقلت فيها الشرطة أفرادا بدون إذن رغم أن القانون الإماراتي يشترط الحصول على إذن قبض، وأشارت إلى أن النيابة العامة لا تلتزم أحيانا بعرض المعتقلين على المحاكمة خلال 14 يوما وهي المهلة القانونية التي يجب خلالها تقديم المتهم للمحاكمة أو إطلاق سراحه. كما أن النيابة تقوم باحتجاز أفرادا متهمين بالإرهاب لمدة 6 شهور بدون تهمة.
وفي الاعتقال التعسفي الذي تقوم به الشرطة، أفاد التقرير الأمريكي بوجود بلاغات حول اعتقالات تعسفية تنفذها الشرطة وأجهزة الأمن خاصة في قضايا أمن الدولة، كما أن الأجهزة الأمنية احتجزت مواطنين ومقيمين بمعزل عن العالم الخارجي وفي أماكن مجهولة. وأشار التقرير إلى اعتقال عائشة الزعابي زوجة الناشط الحقوقي محمد بن صقر الزعابي ومنعها من السفر في يناير عام 2014، كما تم اعتقال عبيد الزعابي شقيق المستشار القضائي أحمد الزعابي الذي يقضي حكما بالسجن مدته 10 سنوات بعد إجراء عبيد مقابلة مع (CNN).
الحرمان من المحاكمات العادلة والعلنية
اتهم تقرير الخارجية الأمريكية القضاء الإماراتي بأنه يخضع للمراجعة من جانب السلطة التنفيذية كما تأثر القضاء بالمحسوبية وتدخلات جهاز أمن الدولة، وأن أي تعارض بين حكم قضائي صادر من المحاكم وبين قرار صادر عن دوواين الحكام فإن قرار الدوواين يلغي حكم القضاء.
ورغم أن القانون ينص على الحق في محاكمة علنية إلا أن قضايا الأمن تكون غير علنية في العادة.
وأشار التقرير الأمريكي إلى اعتقال القطري محمود الجيدة والحكم الصادر عليه سبع سنوات بتهمة دعم جميعة الإصلاح. ( أطلق سراحه مؤخرا بعفو من الشيخ خليفة رئيس الدولة).
المعتقلون السياسيون
يقول التقرير، في أعقاب الربيع العربي، فرضت الحكومة قيودا على أنشطة المنظمات والأفراد بزعم أن لهم علاقة بدعوة الإصلاح الإماراتية، واعتقلت عشرات الإماراتيين والمقيمين على خلفية سياسية.
التدخل في المراسلات وشؤون الأسرة
يؤكد تقرير الخارجية الأمريكية أن حالات تفتيش قامت بها أجهزة الأمن للمنازل تمت بدون إذن تفتيش وذلك مخالفة لقانون الإجراءات الجزائية الإماراتي. كما أكد التقرير أن هناك مراقبة للبريد وتنصت على الهواتف ومراقبة على الانترنت بدون وجه قانوني.
حرية التعبير
يفيد التقرير رغم أن الدستور ينص على حرية التعبير والصحافة إلا أنه يحظر انتقاد الحكام، كما هناك قيود مفروضة على حرية التعبير. وبعد الربيع العربي فرضت السلطات المزيد من القيود على حرية التعبير واعتقلت ناشطين إسلاميين دعوا إلى إجراء إصلاحات ديمقراطية، في إشارة إلى قضية ال”94″ من منتسبي دعوة الإصلاح.
واكتفى التقرير بذكر أسامة النجار كمثال على انعدم حرية التعبير كونه تحدث عن مجريات محاكمة والده حسين النجار.
“أما الصحافة فهي غير حرة حسب تصنيف المنظمات الحقوقية”، يؤكد التقرير الأمريكي الرسمي الذي أشار إلى بعض حالات انعدام حرية الصحافة، إذ منعت السلطات توزيع عدد من نيويورك تايمز كونه تحدث عن أوضاع العمالة في الإمارات.
الرقابة على المحتوى الإعلامي
يشير التقرير أن المجلس الوطني للإعلام مخول بإزالة أي انتقاد للحكومة والأسر الحاكمة أو الحكومات الصديقة، وهناك رقابة ذاتية من جانب المحررين خوفا من “انتقام الحكومة”، وكمثال على ذلك ذكر التقرير أن السلطات الإماراتية رحلت مواطنا أمريكيا من دبي بموجب قانون النشر الإلكتروني لإنتاجه مقطعا ساخرا عن دبي.
حرية الانترنت
يؤكد تقرير الخارجية الأمريكية أن السلطات الإماراتية فرضت قيودا على الوصول إلى بعض المواقع، وخدمات الرسائل الفورية، كما أن وزارة الداخلية تراقب مقاهي الانترنت، ولا تزال تحجب الحكومة المواقع التي تنتقد الأسر الحاكمة ومواقع سياسية أخرى. ووثق التقرير إدانة كل من خليفة ربيعة وعثمان الشحي لانتقادهما جهاز أمن الدولة على “تويتر” وحكمت عليهما بالسجن 5 سنوات وغرامة نصف مليون درهم على كل منهم.
الحرية الأكاديمية
يؤكد التقرير أن الحكومة تفرض قيودا على الحرية الأكاديمية وخاصة في المحاضرات التي تلقى داخل أو خارج الفصول، وتراقب الحكومة المناهج الدراسية، ومع ذلك فإن الحكومة أقامت فرعا لمتحف اللوفر في أبوظبي يشمل صورا عارية.
حرية التجمع
أشار التقرير إلى أن السلطات الإماراتية فصلت 8 طلاب كويتين من جامعة الشارقة بذريعة تشكيل اتحاد طلبة بدون إذن من الجامعة وأنهم عقدوا تجمعات “غير قانونية”.
حرية تشكيل الجمعيات
وأكد التقرير أن الحكومة تفرض قيودا على حرية تشكيل الجمعيات، وتعتبر الحكومة ان الأحزاب والنقابات العمالية غير قانونية، ويجب عليها أن تخضع لتوجيهات الحكومة ولا تنشر أي مواد بدون موافقتها.
الحقوق السياسية
لا يستطيع الإماراتيون تغيير حكومتهم، كما أن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية هي بيد المجلس الأعلى للاتحاد. وحق انتخاب المجلس الوطني لا ينطبق إلا على ثلث الناخبين الإماراتيين تقريبا والذين يختارهم حكام الإمارات.
الفساد ونقض الشفافية
يؤكد تقرير الخارجية الأمريكية وجود الواسطة والمحسوبيات والممارسات المالية والقانونية الفاسدة، كما لا يوجد قوانين أو لوائح أو مدونات سلوك تنظم وتقنن الإفصاح المالي وتلزم المسؤولين بالكشف عن أصول أموالهم.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة لا تسمح لمنظمات حقوق الإنسان تسليط الضوء على القضايا السياسية، ومع ذلك هناك جمعية الإمارات لحقوق الإنسان وهي مدعومة حكوميا وتقوم بدور تثقيفي لبعض جوانب حقوق الإنسان وحقوق العمال. وأكد التقرير أن السلطات الإماراتية لا تسمح لمنظمات حقوق الإنسان أن تفتح فروعا لها في الدولة، ولكنها تسمح أحيانا بزيارة ممثلين عن الأمم المتحدة لبحث مجالات معينة في حقوق الإنسان.