تنظر إيران إلى التحالف العربي، الذي تقوده المملكة العربية السعودية، ضد جماعة الحوثيين الانقلابية في اليمن، بأنّه تهديد لمصالحها ونفوذها في المنطقة، الأمر الذي دفعها إلى العمل من أجل إزاحة هذا التهديد الذي يعترض خططها التوسعية، وهي تستغل نفوذها لدى حكومات عربية، خصوصاً العراق وسورية، لتحقيق هذه الغاية. لذلك حضّرت لاجتماع ثلاثي إيراني عراقي سوري، في بغداد، بغرض تشكيل حلف مناوئ للحلف العربي.
ويقول مسؤول في التحالف الوطني الشيعي الحاكم في العراق، إنّ “التحالف العربي الذي يهدد البقاء الحوثي في اليمن يعد اليوم أكبر تهديد في المنطقة للمصالح الإيرانيّة”، مبيناً أنّ “إيران التي لعبت دوراً كبيراً خلال الفترة الأخيرة بمساعدة الحكومة العراقية وقواتها الأمنية في ضرب تنظيم (الدولة الإسلامية/داعش)، تفكر اليوم بجديّة في التخلص من التحالف العربي وضرب أهدافه بأيةّ طريقة كانت”.
وأضاف أنّ “إيران اليوم الدولة الأقوى في المنطقة، ومن حقها أن تحافظ على قوتها وسط هذه التهديدات الكبيرة التي تسعى لإزاحتها عن المشهد السياسي”، معتبراً أنها “القوة الوحيدة التي تهدد بقاء (داعش) في العراق وسورية. أمّا بقية الدول فهي داعمة للتنظيم سرّاً وعلناً، لذا فمن حقها أن تعمل بمساعدة أنصارها في المنطقة على إزاحة كل تهديد يقف في وجهها”، بحسب تعبيره.
وتابع “بما أنّ إيران لديها علاقات قوية مع العراق وسورية، فإن البلدين يسعيان من أجل الحفاظ على القوة الإيرانية الداعمة لهما”، مبيناً أنّ “حكومة طهران تسعى اليوم لتشكيل حلف ثلاثي (إيراني – عراقي – سوري) ليكون ندّاً للتحالف العربي”، موضحا أنّ “رئيس (النظام) السوري (بشار الأسد) وافق على هذا الحلف كونه بأمس الحاجة له لمواجهة تنظيم (داعش)”، على حدّ زعمه.
وأشار المصدر نفسه، الذي فضل عدم نشر اسمه، إلى أن “المشروع عرض على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والتحالف الوطني، والأخير وافق عليه، فيما لم يعلن العبادي موقفه الرسمي بهذا الشأن”، مشيراً الى أنّ “العبادي يخشى من أن يؤثر هذا الحلف على علاقة العراق بمحيطه العربي”. وأوضح أنّ “التحالف الوطني يضغط بكل قوته على العبادي للقبول بهذا المشروع”.
من جهته، اعتبر تحالف القوى العراقية، هذا الحلف الثلاثي “مثيرا للريبة”. وقال القيادي في التحالف، ظافر العاني، في بيان صحافي:”ليست هنالك مصلحة للعراق في المشاركة بالاجتماع الثلاثي مع حكومتي طهران ودمشق”، مؤكّداً أنّ “اجتماعاً كهذا يثير الارتياب أكثر مما يبعث على الاطمئنان”.
وتساءل العاني “ما هو المعيار الذي تم اعتماده كي تقتصر الدعوة على حكومات هذه الدول فقط؟ فإذا كانت المجاورة، فإنّ هنالك أكثر من دولة مجاورة للعراق، لماذا لا تدعى إلى اجتماع كهذا؟ وإن كان الهدف هو البحث في سبل مكافحة الإرهاب، ولا سيما تنظيم “داعش”، فإنّ دولا عربية وإقليمية أخرى معنية بالموضوع وهي عضو في التحالف الدولي لمقاتلة (داعش)، لماذا تم استبعادها ؟ ولو كانت طبيعة النظام السياسي، فإن ذلك أيضاً غير متحقق بين دولة تعتمد نظام ولاية الفقيه، ونظام يعتمد أيديولوجية حزب البعث المكروهة من قبل صناع القرار السياسي في العراق، ونظام آخر ذي طبيعة توافقية كالعراق؟”
وأشار إلى أنّ “غياب المعيار المنطقي في عقد اجتماع أمني بين الدول الثلاث سيجعل من دول المنطقة والإقليم تفسر هذا اللقاء بأنّه ذو بعد طائفي، وأنّ العراق جزء من محور إيراني، مما يعقد مشاكلنا مع المحيط العربي وحتى الدولي، ويبعث رسالة عدم اطمئنان للآخرين”. ودعا العاني الحكومة العراقية “إمّا إلى توسيع قاعدة الدول المشاركة في الاجتماع أو جعلها اجتماعات ثنائية لا تثير الارتياب”.
بدوره، رأى المحلل السياسي، عبد الغني المعموري، أنّ “الحلف يشكل خطراً على وحدة العراق أولاً، وعلى علاقاته الخارجية ثانياً”. وقال إنّ “العبادي بكل الأحوال لن يستطيع رفض الدخول بهذا الحلف، ولا يستطيع أن يرفض أي عرض إيراني لما تربط بينهما من علاقة حميمة، فضلاً عن أوراق التهديد التي تملكها إيران ضد العبادي والمتمثلة في المليشيات ونفوذ رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي”.
وأضاف أنّ “إيران ضمنت دخول العراق وسورية في الحلف بكل الأحوال، لكن ما الذي سيجرّه ذلك الحلف على العراق؟”، مشيراً الى أنّ “هذا الحلف يغيّر مجرى حياة العراق، ويجعل من النفوذ الإيراني الوحيد في الساحة العراقيّة، بعد غياب النفوذ الأميركي، وسيتمزق البلد طائفياً بسبب الأجندات الإيرانيّة، كما يعزل العراق عن محيطه العربي، وسيكون ساحة لتصفية الحساب بين التحالف العربي والتحالف الجديد الذي تقوده إيران، الأمر الذي يدخل العراق في صراع جديد فضلاً عن صراع تنظيم (داعش)”.
وفي طهران، أعلن وزير الداخلية الإيراني، عبد الرضا رحماني فضلي، أنه “سيتم توقيع بروتوكول اتفاق في بغداد بين الدول الثلاث الملتزمة بمحاربة الإرهاب والعنف والتطرف وهي العراق وإيران وسورية”. وكان فضلي قد وقع، يوم الإثنين الماضي، أول بروتوكول اتفاق في المجال الأمني مع سورية.
وكان مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية للشوؤن الدولية، علي أكبر ولايتي، قد أعلن أنّ “مسؤولين من العراق وسورية وإيران سيعقدون الأسبوع المقبل اجتماعاً في بغداد لتعزيز تفاهمهم في محاربة الإرهاب”.
وأضاف أنّ “إيران تقيم علاقات أخوية وتاريخية مع هذين البلدين (العراق وسورية)، وسنكون الأسبوع المقبل شهوداً على تطور مهم في العلاقات بين البلدان الثلاثة”، فيما أكّدت المتحدثة باسم الخارجیة الإیرانیة، مرضیة أفخم، أنّ “الاجتماع الثلاثي الذي سیجمع وزراء داخلية کل من إیران والعراق وسوریة المزمع عقده قریباً في بغداد، یمثل فرصة قیمة لمواجهة المشاکل التي تعاني منها دول المنطقة لا سیما الإرهاب”.