عقد الناشط السياسي أحمد ماهر، مؤسس حركة 6 أبريل، المحتجز حاليًا في سجن طره بتهمة مخالفة قانون التظاهر، مقارنة بين صوم شهر رمضان في سجن جوانتنامو الأمريكي وسجن طره، مؤكدًا أن هناك امتيازات عدة يحصل عليها المسلمين خلال شهر رمضان في سجن جوانتنامو.
وكان نص المقال المنسوب لـ«ماهر»، والذي حمل عنوان «عندما تنحدر أقصى الأماني إلي الإفطار بطعم “مش حامض”».
رمضان جانا وفرحنا به بعد غيابه أهلًا رمضان، بأي حال عدت يا رمضان؟ إنه ثاني رمضان في السجن. كم كنت أتمنى أن أكون خارج السجن في رمضان هذا العام، أو على الأقل أفضل حالًا من رمضان الماضي. أتذكر في العام الماضي في رمضان.. دار حوار بيني وبين علاء ودومة ونوبي وعادل ووائل حول مميزات رمضان في معتقل جوانتنامو.. يتمتعون بمميزات رغم الحبس المشدد ورغم التعذيب النفسي الذي لاقوه على يد الأمريكان، فبالرغم من أن المعتقلين في جوانتنامو محرومون من الكثير من الحقوق التي تنص عليها معاهدات معاملة السجناء أو معاهدات معاملة أسرى الحرب، فأمريكا تعتبرهم أعداء حاربوها تسببوا في قتل مواطنين أمريكان وفي الوقت نفسه تحرمهم من امتيازات أسرى الحرب، ورغم كل ذلك يتمتعون ببعض الامتيازات في رمضان، فلهم وجبات أكثر، ويمكن لهم تناول الإفطار والسحور سويًا كذلك أداءة صلاة التراويح وسط حراسة مشددة.
في رمضان الماضي تحدثنا عن مميزات جوانتنامو والتي لا نراها في مصر لا في رمضان ولا في غير رمضان، فإذا كان أعضاء تنظيم القاعدة أو حركة طالبان حاربوا أمريكا و قتلوا مواطنين أو جنود أمريكان وتعتبرهم أمريكا مرتزقة أو أعداء لها ، فما سبب معاداة الحكومة المصرية لنا هذا العداء، وما سبب هذه الكراهية التي تكنها لنا السلطة في مصر؟ وما سبب أن معاملتنا في السجون المصريه أقل وأحقر من معاملة سجناء جوانتنامو؟ أتذكر أنه بعد مفاوضات طويلة مع إدارة السجن في العام الماضي سمحوا لنا أخيرًا بالحد الأدنى من الحقوق التي اعتبروها منح وهبات تحتاج للشكر والإشادة، فقد أعادوا لنا أجهزة الراديو في رمضان الماضي وسمحوا بجهاز تليفزيون وحيد وضعوه في زنزانة دومة، والأهم من ذلك كله أنهم سمحوا بأن نخرج من الزنازين قبل المغرب بساعة من أجل توزيع الإفطار وتوزيع زجاجات المياة المثلجة وأخذ طعام السحور، ثم توجه كل مسجون منا لزنزانته الانفرادية ليفطر ويتسحر وحيدًا كالعادة.
كانوا بصراحة في غاية الكرم مقارنة بالإدارة الحالية، للأسف دوام الحال من المحال. هذا العام أصبح الوضع أكثر سوءًا من العام الماضي، فعلاء ودومة ونوبي وعادل كل منهم في سجن منفصل، وأنا في مكان منفصل، حتى ميزة أن تكون مع أشخاص يجمعك بهم اهتمامات مشتركة وتستطيع الحديث معهم حول نفس الأمور أصبحت من الأماني البعيدة. بالإصافة إلى أن إدارة السجن الحالية ألغت العديد من امتيازات رمضان العام الماضي، فلم أستطع الحصول على طعام الإفطار والسحور والمياه المثلجة قبل المغرب بساعة أو نصف ساعة، ولم يفطر كل واحد منا في زنزانته، ولكن هذا العام عليك بتخزين طعامك وشرابك ظهرًا لنتناولهم بعد المغرب وحيدًا، ولذلك من الطبيعي أن يفسد الأكل ويحمض كل يوم، وطبيعي أن نشرب المياة ساخنة في هذا الجو الحار. للأسف الكثير من امتيازات العام الماضي لم تعد متاحة هذا العام في السجن، هذا لو اعتبرنا الصحف والمجلات والخطابات الشخصية أو توزيع الطعام قبل المغرب من الامتيازات وليس أدنى الحقوق.
احمد ربنا إنك بتلاقي أكل حمضان في الحر، غيرك مش بيلاقي الأكل أصلًا، وهناك من لا يجد حتى الأكل الميري غير صالح للاستهلاك الآدمي. سبحان الله، كل يوم تضمحل الأماني والأحلام في هذا السجن، فقبل الجريمة البشعة التى قمت بارتكابها وهي التحريض على التظاهر ومخالفة قانون التظاهر المقدس، كنت أحلم بأن تصبح مصر دولة حرة متقدمة، وأن تبدء عملية التحول الديمقراطي بشكل سليم حتى تبدأ التنمية والتقدم والنهضة، وبعد الحبس بشهور استمرت تلك الأحلام والآمال ولكن تم إضافة أمنية الحرية، الحرية لمصر، الحريه لي ولكل الشباب المحبوس تنكيلًا وانتقامًا. بعد مرور عدة أشهر أخرى أصبح حلم الحرية والإفراج هو الأغلب، ولكن بعد مرور المزيد من الشهور تلاشت الأحلام الصعبة كالديمقراطية والحرية والتحول الديمقراطي والتقدم والافراج وأصبح أقصى الأحلام هو أن تكون فترة السجن هينة أو يسيرة أو مريحة، ولكن حتى هذا الحلم صعب، فوزارة الداخلية وإدارة السجن يتفننون و يبدعون في الغلاسة والرخامة غير المبررة. لا تحلم أو تتمني أن تنعم بحياة رموز نظام مبارك داخل السجن، ولا حتي امتيازات تجار المخدرات واللصوص أو المجرمين الواصلين، أنت سياسي، خرقت قانون التظاهر، أنت أكثر إجرامًا من المجرمين، لا تحلم بأي راحة في السجن ولا حتي أكل (مش حامض).
لا تتعجب من التكدير من أجل التكدير، ولا الغلاسة من أجل الغلاسة، الكل يجود في الغلاسة عليك، مالكش دية، أنت ومتعلقاتك لإدارة السجن، لا تسأل عن أي شئ يصادرونه ولا تسأل لماذا سمحوا به من قبل؟، لا تسأل لماذا سحبوا التليفزيون أو منعوا الصحف والخطابات الشخصية أو منعوا إمكانية توزيع الأكل قبل الإفطار مباشرة و قبل أن يحمض! انحدرت الأماني والأحلام من نهضة وتقدم وديمقراطية مصر إلي أن يكون أقصى الأحلام أن أستطيع أكل طعام ( غير حامض ) على الإفطار في رمضان، أصبحت أقصى الأماني أن اقرأ الصحف أو أتلقى خطابًا من زوجتي أو أمي أو اصدقائى.
لا أحلم بالحرية ولا الديمقراطية ولا الحكم الرشيد ولا الإفراج ولا حتى بعض الحقوق المتاحة لباقي المساجين الجنائيين أو الواصليين، ولا حتي التليفزيون أو الصحف أو الخطابات، ولا حتى أن يتوقفوا عن الغلاسة والتضييق غير المبرر! ولا التوقف عن العزل الدائم والمراقبة الدائمة، فأقصى الأماني الآن في رمضان أن أفطر بطعام ( مش حامض)، و يسيبوني في حالي.