يحتدم التوتر في الدول النفطية كلما اقترب موعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني بين إيران والدول العظمى، المتوقع يوم (30|6) المقبل. فإذا جرى كل شيء على ما يرام لمصلحة إيران، ستتمكن من فتح صمامات النفط وحفر آبار جديدة وترميم الآبار القديمة، وإغراق العالم بالنفط.
وفي هذا السياق نقلت صحيفة “هآرتس” العبرية عن خبراء اقتصاديين تقديراتهم أن إيران تستطيع خلال عام إضافة مليون برميل نفطي يومياً على إنتاجها، وبعد ذلك تستطيع زيادة وتيرة الإنتاج بشكل أكبر.
و يضيف المحلل السياسي والاستراتيجي للصحيفة، تسبي بارئيل، أن إيران تدرس أيضاً إمكانية اتفاقيات مستقبلية ستمكنها من منافسة المملكة العربية السعودية في سوق النفط، لكن هذا لن يكون سهلاً لأن المملكة تخطط على المستوى المتوسط والبعيد لمنع إيران من التحول إلى إمبراطورية اقتصادية إقليمية؛ كي لا يؤثر ذلك على العملية السياسية والاستراتيجية.
وهنا يضيف بارئيل أن السياسة التي اتبعتها السعودية بخفض أسعار النفط أضرّت بشكل كبير بالاقتصادين الروسي والإيراني، وهي لا تزال سياسة مفيدة يمكن أن تساعد المملكة على قيادة سوق النفط لفترات طويلة، وذلك يعود لاحتياطي النقد الأجنبي الهائل البالغ 700 مليار دولار.
والملفت في الأمر أن روسيا كانت دائماً تعمق علاقتها مع إيران، في حين أن السعودية كانت ولا تزال حليفة قوية للولايات المتحدة. ففي السنوات الأربع الأخيرة، منذ بداية الحرب في سوريا، كانت كل من روسيا وإيران طوق نجاة لنظام الأسد، في حين مولت السعودية جزءاً كبيراً من نشاط الثوار. وبعد تقلد الملك سلمان للحكم أصبحت سياسة المملكة ضد الأسد أكثر صرامة، وبدأت تشكل “التحالف الإسلامي السني” ضده، مع تركيا وقطر ومصر.
لكن الانقسام السياسي في المسألة السورية بين روسيا والسعودية، يقرّبه اليوم التهديد الاقتصادي الإيراني؛ ولأن المملكة تريد إظهار قوتها الجديدة أمام الولايات المتحدة المسؤولة عن اتفاق النووي، فقد فكرت بخلق ميزان قوى لنفسها بالتعاون مع روسيا.
ويعتبر بارئيل أن اختيار الملك سلمان إرسال ولي ولي العهد، محمد بن سلمان، للقاء بوتين، وليس ولي العهد، محمد بن نايف، إنما هو مؤشر ورسالة للولايات المتحدة؛ وذلك لأن محمد بن نايف معروف بقربه من الولايات المتحدة على عكس محمد بن سلمان.
كما أن الملك سلمان قبل دعوة بوتين لزيارة روسيا، وبين أنه سيقوم بهذه الزيارة في أسرع وقت ممكن. بالمقابل، تعتزم السعودية زيادة ميزانية الاستيراد الأمني من 49 مليار دولار إلى 60 مليار دولار حتى عام 2020، لتصبح بذلك خامس دولة في العالم من ناحية الإنفاق على العتاد الأمني.
ويرى بارئيل أن توقيت إصدار هذه التقارير واتخاذ هذه الخطوات ليس مصادفة، بل هو يرمز إلى نية السعودية تكبير الدور الروسي على حساب الأمريكي. كما أن السعودية لا تنفق على العتاد العسكري لنفسها فقط؛ فقد دعمت منذ فترة اتفاقا روسياً-مصرياً لشراء السلاح كانت قيمته ملياري دولار. وهذا يعني أن المملكة تسعى لزيادة سيطرتها على الاقتصاد في الشرق الأوسط، كرسالة للولايات المتحدة حول الثمن السياسي الذي سيكلفه اتفاق النووي مع إيران.