“من يقول أن الثورة قد انتهت فهو مخطئ، لا تُهزم المقاومة في يوم وليلة أو حتى في سنة واحدة. فعندما يُنزع جدار الخوف، يمكنك أن ترى كيف يتحدث الناس، وهذا سوف يغير كل شيء حتى إذا استمرت ديكتاتورية لفترة زمنية. الشباب الآن وضع كل شيء موضع تساؤل”.
جاء ذلك في سياق مقابلة أجراها الإعلامي باسم يوسف مع صحيفة ” تاغس إنتسايغر” السويسرية.
وإلى فقرات من الحوار:
هل قمت بإجراء عمليات جراحية أثناء ثورة يناير؟
نعم، فأنا جراح قلب، كما أن أبي (رحمه الله) وزوجتي طبيبان أيضا، لكنهما ليسا جراحين.
في خلال بضعة أشهر فحسب، أصبحت المذيع النجم في أول برنامج إخبارى ساخر في العالم العربي حقق نسبة مشاهدة 13 مليون مشاهد. أين تعلمت احتراف هذه المهنة؟
إذا كنت تقضى سبعة ساعات في غرفة العمليات، فتحتاج بالطبع الفكاهة كسلاح لكى تتغلب على المشاق اليومية.
هل فشلت العديد من العمليات الجراحية التي أجريتها؟
لا، لماذا تسأل؟
الفكاهة غالبا ما تنمو من الجوانب المظلمة. فعندما تقابل شخصًا لطيفًا، تدرك في كثير من الأحيان أن لديه جانبا غير اجتماعي… مثل “عدم الانضباط فى المواعيد”، ما رأيك؟
هذا هراء. ، بالنسبة لي كان الجانب المظلم هو ما حدث في السياسة.. إنك بهذا الكلام تستهين بالمهنة لأنك حصرتها في جانب واحد فقط.
الكوميدانان جون ستيوارت وستيفن كولبير قدما فى الولايات المتحدة نفس ما قدمته في مصر وهو عرض “الأخبار الساخرة”… لماذا يقوم المذيع الكوميدي اليوم بعمل الصحفيين؟
لأن الصحفيين، لا يقومون بعملهم على أتم وجه، كما أن طبيعة الأخبار وخاصة الأخبار التلفزيونية قد تغيرت، وباتت تبث على مدار 24 ساعة. لذا يجب ملء تلك المساحة بأي شيء، من السبق الإعلامي، إلى اللغو والهراء.
هل يدهشك تقديم الإعلام لتوافه الأمور؟ …وهل يختلف ذلك في الأنظمة الدكتاتورية عن الديمقراطية؟
لا أندهش عل الإطلاق، فالأخبار في الأنظمة الديكتاتورية تخضع لتعليمات السلطات الحاكمة بشكل مباشر، وفى الأنظمة الديمقراطية يتم اتباع تعليمات مؤسساتهم.
هل مهمة الصحفي مشابهة جدا لمهمة جامع القمامة”، الذي يجمع يجمع الهراء والكلام الفارغ ويعيده؟
لا يمكن قول ذلك، فعندما نرى عدد الصحفيين الذين قتلوا، فلا بد من الاعتراف أنها مهنة لا تزال من أخطر المهن فى هذا العالم.
الخطر الوحيد الذي يجابه الصحفيين في سويسرا هو أن الصحافة مهددة من دور نشر، ما رأيك؟
أنا لا أعرف لماذا لدي شعور بأن الشباب السويسري جميعا يشعرون بالملل من الحياة في بلدهم، فأنتم تحتاجون المزيد من التغيير. ليس لدي أي مشكلة في تبديل الأماكن معكم. خذوا جواز سفري، ورقمي التأميني حتى أضفى الكوميديا على الحياة السويسرية المملة. ، و سأمنحكم الهدية التي دائما تريدوها من فضلكم تعالوا ونتبادل الحياة!
إذا أردت أن أستبدل معك الحياة، فماذا تتوقع أن ينتظرني في القاهرة؟
بالطبع ستمرح كثيرًا فى القاهرة! فلدينا حركة المرو رفى القاهرة رائعة، ومستوى ممتاز من المعيشة والتعليم، والرعاية الصحية، والديمقراطية – لدينا كل شيء!
هذا ما قلته بعد أخر حلقة من برنامجك “البرنامج”: “نحن نعيش في دولة ديمقراطية رائعة – وكل من يقول خلاف ذلك، يجب أن يقطع لسانه.”
بالطبع، قلت هذا، كان ينبغي أن أقول هذا من مبدأ السخرية وإلا………….
بدأت ببرنامج على يوتيوب. وبعد سنة صار لك برنامج أونلاين به 300 موظف. ما تعليقك؟
300؟ لا، كنا 200 فقط.
قدمت الكوميديا السياسية بشكل سريع. هل فهم الناس ذلك؟
أحب البعض ذلك. وكرهه البعض الآخر. ولكني أشكر الجميع على هذا المعدل.
كان شكل برنامجك عل الطراز الأمريكي المعدل للعرض بمصر. كيف ترى الكوميديا المصرية؟
من الصعب الرد على هذا السؤال، فنحن نضحك بالسخرية على أنفسنا، وغالبا ما تكون الكوميديا دارجة وتحمل ألفاظا خارجة: الكوميديا بالنسبة للبلدان النامية مظلمة جدا.
لقد قدمت بعض” الوقاحات” خلال السخرية من سياسيين مصريين… لماذا؟
أردت أن أثبت للناس أنه ليس لدينا خطوطا حمراء. عندما نقدم سخرية عن شخص ما، هذا لا يعني أننا نكرهه، إلا أن الكوميديا هي وسيلة لمناقشة القضايا، دون كراهية.
كيف تختار نوع الكوميديا الخاص بك ؟ وماذا ترى في السخرية من خلال السخرية من بدانة أو صلع سياسي مثلا… أهذا مضحك؟
لا، نحن لا نصنع الكوميديا بالطريقة التقليدية التي عرفها الناس. هذه هي روح الدعابة البدائية. نحن نفضل أن نضحك فى إطار أفكار. ولا نسخر من شخص أصلع الرأس مثلًا، ولكن نسخر على الصلع داخل العقل نفسه.
كيف كان شعورك عندما انقلب الجمهور ضدك؟ عندما كنت تسخر من الرئيس الإسلامي محمد مرسي كانوا يضحكون، لكنهم على النقيض ثاروا ضدك عندما سخرت من الرئيس السيسي ..ما تعليقك؟
هذا مجرد خيال: كل ما فى الأمر 20 متظاهرا مدفوعي الأجر كانوا أمام المنزل و 6 صحفيين مأجورين كتبوا ضدي… هذا ليس الجمهور.
هل تخليت عن تقديم البرامج الساخرة؟
لقد قلت دائما: أنا لست بطلا، ولست ناشطا، ولست سياسيا. أنا كوميديان. فإذا كان الوضع خطيرا جدا لتقديم الفكاهة، فتصبح الفكاهة بلا قيمة، ولا داعى من تقديمها إذا كانت تقمع من السلطات.
أليست لديك رغبة في الاستشهاد؟ بحيث يمكن أن يطلق على ميدان التحرير بعد 200 سنة اسم باسم يوسف؟
ليس لدي أدنى اهتمام في أن يطلق اسمي على أي شيء باستثناء ابني.
لماذا يخشى الحكام من الكوميديا أكثر من القنابل؟
الطغاة يرحبوا بالقنابل. لأنها ستمنحهم السلطة، فيريدون أن يقولوا للشعب: “انظروا ماذا يحدث عندما لا تتبعوني”.
والكوميديا؟
الكوميديا هي أفضل سلاح ضد الخوف. لذلك يريدون أن لها أن تتوقف، لكى تبقى الشعوب النامية مشلولة. لأن من يضحك، لا يخاف. ونتيجة لذلك يريد الحاكم ألا يراك ضاحكًا.
كيف كان الأمر بعد القيام بثورة بعد30 عاما من الديكتاتورية؟
كان مثيرًا للغاية. كان هناك أمل بتغيير شيء جديد كل يوم، عملت كطبيب للجرحى في ميدان التحرير. ورأيت شجاعة لا تصدق من المصابين في الاستمرار.
هل كان وقتا طيبًا على الرغم من كل الوفيات والإصابات؟
عندما تقضى الوقت من أجل ثورة تعلم أنه لا بد من التضحية لصالح بلدك، تماما مثل كل شيء مهم في الحياة، ثمة اتفاق على أن المشكلة مع الثورات هي: أنها جيدة جدا لإنهاء نظام، ولكن ليست كذلك لبناء ما هو قادم، حينما يكون الهدف فقط هو تدمير القديم فقط، وليس بناء الوطن الجديد. بعد الثورة” رقد الإسلاميون مع الجيش على الفراش” إلى أن طردهم الجيش.
الآن ثبت الجيش قاعدة حكم جديدة.. ومنعوا برامج السخرية. هل هل يصيبك هذا بالاكتئاب؟
لا، من يقول أن الثورة قد انتهت فهو مخطئ، لا تُهزم المقاومة في يوم وليلة أو حتى في سنة واحدة. فعندما ينزع جدار الخوف، يمكنك أن ترى كيف يتحدث الناس، وهذا سوف يغير كل شيء حتى إذا استمرت ديكتاتورية لفترة زمنية. الشباب الآن وضع كل شيء موضع تساؤل، وهذا ليس فقط نتيجة للثورة. فالثورة تبدأ دائمًا بالتساؤلات.