من بين مئات الآلاف من الوثائق التي سربها موقع ويكيليكس من وزارة الخارجية السعودية، انتقينا عددًا من الوثائق – بعضها سرية و سرية للغاية- والتي لها علاقة بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وكشفت تلك الوثائق عن مدى تأثر الإمارات بـ”اللوبي” الإيراني، في التخفيف من حدة خطابها إزاء النظام السوري، بل وصل الأمر إلى إبعاد عدد من السوريين المعارضين للأسد و المقيمين في أراضيها، كما كشفت الوثائق عن ضغوط إماراتية على المجلس العسكري المصري لوقف “محاكمة مبارك”.
في هذا التقرير نسلط الضوء على أهم ما جاء في تلك الوثائق:
1- أرقام ومعلومات هامة عن «اللوبي» الإيراني بالإمارات
تشير أرقام كشفتها وثيقة مسربة من الخارجية السعودية، أن عدد الإيرانيين المقيميين في دولة الإمارات هو “حوالي 500 ألف” وهو ما يُعادل أكثر من نصف عدد المواطنين الإماراتيين الذي يبلغ عددهم 947 ألف مواطن.
وتشير الأرقام الواردة في الوثيقة أن هناك ما يقارب (٠ ٠ ٠ ٨) تاجر إيراني مسجلين رسميًّا في دبي وحدها، وتحتل إيران المركز الرابع حسب قانمة الشركاء التجاربين كشريك تجاري للإمارات، وبلغت تجارة إعادة التصدير بين الدولتين في النصف الأول من عام 2011 – بداية ثورات الربيع العربي- (5.32) مليار دولار.
وتحدثت أكثر من وثيقة – وصفت أحدها بالسرية- عن زيارة “لم يعلن عنها مسبقًا” قام بها عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير خارجية دولة الإمارات إلى إيران قابل خلالها نظيره الإيراني علي أكبر صالحي، رافقه خلالها سعادة السفير “طارق الهيدان” مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية، وسعادة السفير “خميس العلكة” مدير إدارة مجلس التعاون الخليجي بوزارة الخارجية، وسعادة المستشار بمكتب وزير الخارجية محمد الخاجة.
وكانت تلك الزيارة بحسب الوثيقة: “زيارة مفاجئة على المستويين الشعبي والإعلامي على الرغم من أن الوسط السياسي، كان يتابع الزيارات التي يقوم بها سفير إيران لدى الدولة، لسمو الشيخ (محمد بن زايد آل نهيان) ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولسمو الشيخ (سيف بن زايد آل نهيان) نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ولسمو الشيخ (منصور بن زايد آل نهيان) نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، ولسمو الشيخ (عبد الله بن زايد آل نهيان) وزير الخارجية بين الحين والآخر، والتي قد مهدت لزيارة سمو الشيخ (عبد الله بن زايد آل نهيان)، من أكثر المنتقدين للموقف الإيراني حول الجزر التي تنكر إيران أحقيتها لدولة الإمارات. وكان كثير من المراقبين ينظر إلى هذه الزيارة بأنها قد تعيد الدفء للعلاقات بين البلدين”.
2- ضغوط إيرانية على الإمارات إزاء «الملف السوري»
تحدثت برقية مسربة من مكتب وزير الخارجية السعودي، عن تفاوض إيراني إماراتي يحكمه ضغوط من إيران على موقف الإمارات من “نظام الأسد” وجاء في البرقية: “كما أفادت السفارة بأنه تردد معلومات بأن دولة الإمارات تتفاوض مع إيران بضغوط من الأخيرة على أن لا تنحاز ضد النظام في سوريا، وأن لا تقر موضوع التدخل العسكري مقابل عدم تشدد إيران فيما يتعلق بملف الجزر الإماراتية المحتلة، وهذا يفسر الموقف الإماراتي (من الملف السوري) والذي يشوبه شيء من الغموض، ويبدو أنهم يجاملون المجتمع الدولي في موضوع الحصار على سوريا ولكنهم قد لا يؤيدون التدخل العسكري.
وتقول البرقية: “كما أن معلومات تتردد حول موافقة دولة الإمارات على تحويل المبالغ الكبيرة من إيرادات إيران النفطية بطريقة خفية إلى روسيا ومن هناك إلى إيران بسبب العقوبات المفروضة على إيران، أو حتى شراء أسلحة أو بضائع روسية (تبلغ إيرادات إيران النفطية حوالي ٧٣ مليار دولار) وقد تكون الإمارات وافقت على أمل أن تقبل إيران مستقبلًا بالحوار والتفاوض حول موضوع الجزر المحتلة“.
3- سري.. الإمارات لم تلتزم بقرارات «التعاون الخليجي بشأن سوريا»
“لم يلمس أي إجراء تم اتخاذه من الجهات الإماراتية لفرض أية عقوبات اقتصادية على النظام السوري، حتى السفير السوري بالدولة لم يبلغ بالمغادرة تنفيذًا لقرارات دول مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية القاضية باستدعاء سفراء الدول الخليجية والعربية من دمشق“.
هكذا تحدثت برقية سرية صادرة من سفارة السعودية بـ”أبو ظبي”، عن عدم التزام الإمارات بقرارات مجلس التعاون الخليجي إزاء الملف السوري، وأشارت البرقية أيضًا إلى زيارة إماراتية إلى روسيا، بالإضافة إلى حملة تنظيم الهلال الأحمر الإماراتي لجمع تبرعات لمساعدة النازحين السوريين.
4- سري.. الإمارات تتخذ إجراءات ضد معارضي «الأسد» بأراضيها
أشارت برقية سرية صادرة من سفارة السعودية بـ”أبو ظبي” إلى: “بعض الإجراءات التي اتخذتها السلطات الإماراتية بإبعاد المتظاهرين السوريين من المقيمين بالدولة والمناهضين للنظام السوري بحجة تظاهرهم دون تصريح مخالفة لقوانين الدولة التي تمنع التظاهر”.
وربطت البرقية بين تلك الإجراءات وبين: “المعلومات التي توفرت لدى السفارة حول المستجدات في العلاقة بين دولة الإمارات وإيران فيما يتعلق بالملف السوري من جهة، والعلاقات الثنائية بين البلدين من جهة أخرى، خاصة بعد الزيارة المفاجئة التي قام بها سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان – وزير خارجية دولة الإمارات إلى إيران“.
بالإضافة إلى زيارة رسمية “قام بها وزير الاقتصاد والمالية الإيراني (سيد شمس الدين حسيني) لدولة الإمارات استمرت أسبوعًا قابل خلالها كبار مسؤولي الدولة من أصحاب السمو الشيوخ، والوزراء، لمتابعة بعض الملفات التي تتعلق بتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين، وأكد وزير الاقتصاد الإماراتي – خلال زيارته- على حرص دولة الإمارات على تطوير العلاقات الاقتصادية مع إيران إلى مستويات متقدمة، منوهًا إلى أهمية الدور الذي تلعبه دولة الإمارات كمركز نشط لإعادة التصدير للمنتجات الإيرانية في قطاعات متنوعة”.
5- سري.. الإمارات تضغط على المجلس العسكري لوقف محاكمة «مبارك»
وبعيدًا عن الشأن السوري، تحدثت برقية سرية مسربة من سفارة السعودية بـ”أبو ظبي”، عن الأجواء في الإمارات أثناء الانتخابات الرئاسية بمصر وميل الإمارات لدعم شفيق: “كونه أحد رموز الدولة إبان حكم الرئيس السابق “محمد حسني مبارك” الذي لاقى حكمه تأييدًا كبيرًا من دولة الإمارات”.
وكشفت البرقية عن تردد معلومات تفيد: “بأن دولة الإمارات مارست ضغطًا كبيرًا على المجلس العسكري الحاكم بمصر لكي لا تتم محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، تداول وقتها أن زيارة رئيس الوزراء المصري (بعد الثورة) عصام شرف لدولة الإمارات تأجلت لأكثر من مرة بسبب محاكمة مبارك، وبسبب اتهام عدد من المستثمرين الإماراتيين بأنهم شركاء مع رموز النظام السابق، المحسوبين على الرئيس السابق حسني مبارك”.
ولفتت إلى: “أن دولة الإمارات وقتها، أوقفت تجديد تصاريح العمل للمصريين العاملين بالدولة، وكذلك أوقفت تصاريح الزيارة للمصريين”.
6- سري للغاية.. أمن الإمارات يحذر السعودية من استهداف القاعدة لسفارتها بصنعاء
تحدثت وثيقة “سرية للغاية” مُقدمة من الإدارة العامة للشئون الأمنية بالسعودية لمساعد وزير الخارجية – عن معلومات تم الحصول عليها من الأجهزة الأمنية للإمارات تفيد بنية تنظيم القاعدة باليمن للقيام بعملية إرهابية قد تستهدف السفارة السعودية، وجاء في الوثيقة:
“توفر معلومات من جهاز الأشقاء في أبو ظبي تفيد بأن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب سيقوم خلال الأيام القليلة القادمة بتنفيذ عملية إرهابية ضد هدف مهم في صنعاء ومن المحتمل أن يكون الهدف هو سفارة المملكة في صنعاء”.
7- من 5 لـ10 شكاوى يتلقاها القنصل الإثيوبي عن سوء معاملة الإثيوبيين في الإمارات
كشفت برقية مسربة صادرة من السفارة السعودية بأديس أبابا، عن ” ن إثيوبيا منعت مواطنيها من التقدم بطلبات للعمل كخدم منازل أو لأعمال أخرى في الإمارات العربية المتحدة إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق بين البلدين لحماية حقوق كل هذه العمالة على غرار ما هو عليه الحال مع العمالة الإندونيسية والفلبينية في الإمارات”.
وأعلن القنصل الإثيوبي بالإمارات – حسب الوثيقة- بـ”أنه يتلقى يوميًّا بين ٥ و١٠ شكاوى من مواطنين إثيوبيين في الإمارات حول تعرضهم لمعاملات سيئة وعدم دفع الرواتب”.
وأشارت الوثيقة إلى” أن هناك ما يقدر بـ100 الف من العمالة المنزلية والحراسة الأمنية من إثيوبيا في الإمارات العربية المتحدة”.
أحمد عمارة