نشرت موقع “فرنس 24” الفرنسي تقريرا عن حالات التعذيب في السجون اللبنانية التي يتعرض لها السجناء وخاصة بعد انتشار
فيديوهان يصوران التعذيب في سجن رومية المركزي الذي يعد من أكبر سجون لبنان، الأمر الذي أثارا ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الأوساط السياسية اللبنانية.
ويقول الموقع إن مراقبه يرى أن السلطات اللبنانية قد بُلغت بحالات التعذيب المذكورة في نيسان/أبريل الماضي لكنها لم تتحرك.
يظهر على الفيديو الأول عدة سجناء مصطفين على الأرض ونصف عراة. ويظهر عنصر بالبذلة الرسمية لقوات الأمن الداخلي وهو يضرب بالعصا أحد السجناء الذي كانت يداه مقيّدتين خلق ظهره.
أما الفيديو الثاني فيظهر عليه عنصر من قوات الأمن الداخلي وهو يضرب بعصا سجينا آخر كان على الأرض. ويظهر السجين وهو مقيّد اليدين بالأصفاد، ولا يلبس إلا الملابس الداخلية، ويحاول تفادي الضربات بلا جدوى. ثم يأمره العنصر بتقبيل قدميه ويركله على وجهه.
وحسب وزير الداخلية نهاد المشنوق فإن هذين الفيديوهين قد صورا أثناء تفتيش تم في 20 نيسان/أبريل الماضي إثر تمرد بعض السجناء في المبنى “دال” من سجن رومية المركزي حيث معظم السجناء من الإسلاميين المتطرفين.
قبل ثلاثة أشهر من هذا التمرد نقل السجناء المحكومون في قضايا الإرهاب من المبنى “باء”، الذي يعتبر “مقرَّ الجهاديين” وحيث لا يتجرأ الحراس على الدخول، إلى المبنى “دال”.
وبعد نشر الفيديوهين في نهاية هذا الأسبوع، ألقي القبض على 5 عناصر من قوات الأمن الداخلي. وأعرب وزير الداخلية في مؤتمر صحافي عن حرصه على عدم رؤية “قوات الأمن الداخلي متهمة كلها بسبب تصرفات بعض العناصر”. وأضاف أنه “إذا كان هناك 4 أو 6 أشخاص يستطيعون ارتكاب هذه الأعمال، فهذا لا يعني أن مئات العناصر الموجودين في عين المكان متورطون ولا آلاف السجناء الآخرين.”
وأعرب عن ارتياحه لأنه سمح لوفد من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدخول السجن بعد أعمال التمرد التي حدثت في نيسان/أبريل لكي يمكنها من مقابلة السجناء وقال إنه ما من بلد في المنطقة قد سمح بذلك من قبل ولا بلد يعرض عناصر قواته على المحكمة لأسباب لها علاقة بتدابير تأديبية.”
لكن هذه الاعتقالات لم تخفف من غضب عائلات السجناء الذين نظموا المظاهرات في العديد من المدن يوم الأحد.
نبيل الحلبي مدير المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان علق على الحادثة قائلاً ” هناك حالات أكثر جسامة من الضرب”
وأضاف ” للأسف لم نتفاجأ بالفيديوهات الخاصة بالتعذيب التي ظهرت مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي. فبعد أعمال الشغب في نيسان/أبريل الماضي وصلتنا عشرات الشهادات من سجناء سابقين وأهل السجناء عن حدوث حالات تعذيب. ونظم بعض أقارب السجناء مظاهرات واعتصامات في العديد من المدن اللبنانية للفت انتباه السلطات. وفي ذلك الحين، طلبنا إنشاء لجنة تحقيق منضوية تحت السلطة القضائية. لكن وزارة الداخلية رفضت هذا الاقتراح ونفت حدوث أي حالات تعذيب.
إننا على قناعة بأن السلطات كانت تعرف بحدوث حالات تعذيب وحاولت إخفاء الحقيقة. وعلمنا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر سمح لها بزيارة السجن في نهاية نيسان. “زيارة اللجنة الدولية كانت متمحورة أساسا حول توزيع المواد الأساسية الضرورية” لكن العائلات أوضحت أنه قبل أيام قليلة نقل المسؤولون عدة سجناء تعرضوا لسوء المعاملة.
“إنهم يهيؤون الظروف المثالية لتحويل السجون إلى (مصانع) تفرز الإرهابيين”
ما نراه على الفيديوهين هو تصفية حسابات ارتكبت بحق السجناء. وقوات حفظ النظام لم تكتف بمعاقبة السجناء المتورطين في أعمال الشغب، بل إن بطشها طال جميع السجناء في المبنى “دال”.
لقد حصلنا على شهادة 57 شخصا يحكون عن حوادث تعذيب للسجناء في رومية. وهناك حالات أكثر جسامة من الضرب الذي نراه على الفيديوهين المنشورين. فهناك سجين فقد عينه وآخر قال إنه أجبر على اغتصاب سجين آخر.
هذا العمل الانتقامي الذي لا يليق بدولة القانون لم يتوقف عند التعذيب. فقد وصلتنا شهادات أخرى تؤكد أن السجناء يعانون من أمراض مزمنة كالسكري حرموا من أدويتهم بعد أعمال الشغب.
أما الاكتظاظ المفرط في هذا السجن (أعد أساسا لاستيعاب 400 سجين وهو اليوم يضم أكثر من 1000) فيعد انتهاكا للحقوق الأساسية للسجناء. إن تكديس السجناء بهذا الشكل نوع من سوء المعاملة وعامل إضافي يؤدي إلى التوتر. وما يزيد الطين بلة هو أن السلطات أودعت في المبنى “دال” لاجئين سوريين خلال الأشهر الماضية. وبدل أن تبحث عن حلول للاكتظاظ المفرط ها هي ترمي باللاجئين في السجن بحجة أنهم غير شرعيين.
سجن رومية المركزي مكتظ جدا مثله مثل كل سجون البلد بسبب بطء الإجراءات القضائية في لبنان التي قد تستغرق أحيانا سنوات. أنا شخصيا أعرف سجينين حصلوا على البراءة بعد 8 سنوات في السجن بانتظار محاكمتهم. وهذا غير معقول !
إن النظام القضائي في لبنان إذ يمارس كل هذه الأشكال من سوء المعاملة، فهو يهيئ الظروف المثالية لتحويل السجون إلى ’مصانع‘ تفرز الإرهابيين.
وقد صدر تقرير للأمم المتحدة السنة الماضية يصف التعذيب في السجون اللبنانية بأنه متأصل في النظام وتستخدمه قوات حفظ النظام بطريقة اعتيادية.