أبدى عالم مقاصد الشريعة، الدكتور أحمد الريسوني، قراءة مختلفة لما راج أخيرا بخصوص إقبال كثيف للمغاربة على المواقع الإباحية مباشرة بعد الإفطار في شهر رمضان المبارك، وبنسبة أكبر في الساعات التي تسبق آذان صلاة الفجر”، وفق إحصائيات موقع غوغل العالمي.
وكان غوغل، في خدمة تتيح التعرف على أبرز ما يبحث عنه مبحرو الانترنت في محركات البحث، قد كشف أن موقعا بورنوغرافيا يوجد ضمن قائمة “أليكسا” للمواقع الثلاثين الأولى التي يلجها المغاربة، شهد في أوّل أيام رمضان، ولوجًا هائلا من المغرب بعد مرور 20 دقيقة على الإفطار، ليستمر في الارتفاع إلى حدود الفجر.
وقال الريسوني، في مقال نشره على موقعه الإلكتروني، إنه في مطلع رمضان الحالي تم الحديث بشكل مثير عن إقبال المغاربة على المواقع الإباحية بعد وقت المغرب، وكأن السبب في ذلك هو رمضان، أو كأن المغاربة ـ هكذا بإطلاق ـ يتحدَّون أو يتجاهلون رمضان..”.
وأوضح نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن الجديد الحقيقي في الخبر، إن تم فحصه وتأمله مليا، هو أن الشباب المغاربة من رواد المواقع الإباحية يهجرون عادتهم السيئة هذه خلال نهار رمضان، ولا يعودون إلا ليلا، مع قصر مدة الليل الآن في فصل الصيف”.
وشدد الريسوني على أن “المغاربة المجرورين إلى إغراءات تلك المواقع الإباحية، هم أيضا يصومون شهر رمضان، ويكفون عن عادتهم في وقت الصيام”، مبرزا أنه “حتى الذين يزورون المواقع الإباحية ليلا في رمضان، فهم بدون شك أقل من المعتاد في غير رمضان”.
والنتيجة، وفق تحليل الريسوني، أن ولوج بعض الشباب المغاربة للمواقع الإباحية يعرف في شهر رمضان انخفاضا كبيرا، وليس إقبالا كبيرا كما ذكرت وسائل إعلامية في خبرها المعكوس، الذي تلقته ورددته بالغباء أو التحامل المهني المعتاد” على حد قول الفقيه المغربي.
واعتبر الريسوني أن الحديث عن إقبال المغاربة على المواقع الإباحية في شهر الصيام، يدخل في ما أسماه “عدوان العديد من وسائل الإعلام، بقصد أو بدون قصد، بعلم أو بجهل، على الشهر الكريم، وتشويه سمعته، وقلب حسناته إلى سيئات”، قبل أن يضرب أمثلة أخرى عن ذلك.
ومن تلك الأمثلة، يردف القيادي الإسلامي، أنه “إذا وقعت حادثة سير يقولون: الترمضينة بدأت، بينما وسائل الإعلام ذاتها تحدثنا يوميا وعلى مدار العام، بل على مدار الساعة، عن حرب الطرق، وضحاياها وأسبابها، ومثل هذا يقال في الخصومات والشجارات، التي تقع دوما في كل الأسواق والطرقات”.
واسترسل الريسوني بأن وسائل إعلامية عديدة تحدثت عن شاب قتل شقيقه في مطلع رمضان، وعن حوادث شبيهة أخرى، وهو ما يوحي بأن رمضان هو سبب جرائم القتل”، مضيا أنه “حينما نفحص الخبر، نجد أن السبب هو المخدرات، وأنه كالذي يحصل في كافة ربوع المملكة، طيلة السنة، وعلى مدار اليوم والليلة”.
وانتقد الريسوني تركيز وسائل الإعلام على ذكر الارتفاع في استهلاك المواد الغذائية، وفي المصاريف لدى المغاربة في رمضان، بما يعني أن الصائمين يأكلون في شهر الصيام أكثر مما يأكلون في غيره”، مؤكدا أن “هذا غير دقيق، لكون الحقيقة أن الارتفاع الرمضاني في الاستهلاك ومصاريف المواد الغذائية، له أسباب أخرى”.
ومن تلك الأسباب، تبعا للفقيه، أن رمضان يمتاز بظاهرة إطعام الفقراء، وإمدادهم بالمواد الغذائية بشكل لا مثيل له في غيره، وأن ذوي الأعذار الذين لا يستطيعون الصيام يدفعون الفدية، وهي إطعام المساكين، كما أن معظم الأسر يرتفع مصروفهم الغذائي في رمضان، بسبب الجودة والتحسن النوعي في مائدتهم”.