قال الباحث الأمريكي “بروس ريدل”، مدير مشروع الاستخبارات في معهد بروكينغز، إن زيارة نائب ولي العهد السعودي ووزير الدفاع محمد بن سلمان إلى “سانت بطرسبورغ” في الأسبوع الماضي، التي وقع خلالها العديد من الاتفاقيات مع الروس بشأن التعاون في مجال النفط والفضاء والطاقة النووية السلمية، فضلا عن الاستفادة من التكنولوجيا النووية، هي مهمة أخرى رفيعة المستوى لابن الملك سلمان، ولكنه رأى (أنها) لن تحلَ مغامرة الملك في اليمن.
ورافق الأمير محمد وزير الخارجية عادل الجبير ووزير البترول علي النعيمي والعديد من كبار المسؤولين في الجيش والمخابرات. وليس ثمة تفاصيل كثيرة عن الاتفاقات المبرمة- بحسب الباحث الأمريكي- وقد ناقش السعوديون والروس التعاون في قضايا الطاقة والاستثمار وسوق النفط العالمية. واتفق الجانبان على التعاون من أجل تحقيق الاستقرار في سوق الطاقة العالمي.
ويرأس الأمير محمد اللجنة العليا المشتركة التي تشرف على صناعة النفط والغاز في المملكة. وتعد الرحلة إلى “سانت بطرسبرج” أول مرة يشارك فيها الأمير علنا في قضايا النفط. وعلى هذا، فمن المحتمل أن يزداد حضوره في المسائل النفطية مع مرور الوقت، وفقا لرأي الباحث.
كما ناقش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأمير محمد بن سلمان حرب في اليمن. السعوديون يريدون من روسيا تأييد موقفهم ضد المتمردين الحوثيين. وقد امتنعت موسكو في وقت سابق عن التصويت على قرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي يدعو الحوثيين الانسحاب من صنعاء. وفق المقال الذي نشره موقع “المونيتور” الأمريكي.
وقال الكاتب إنه لم تكن هناك مباحثات علنية حول صفقات السلاح، وهو موضوع أثار الكثير من التكهنات خلال الحوارات السعودية الروسية السابقة. ولم ينف الحديث عن صفقات الأسلحة في السر. وأفاد أن اتفاق التكنولوجيا النووية يرتبط بالخطط السعودية الطموحة جدا لبناء 16 مفاعلا نوويا في المستقبل.
ورأى “بروس ريدل” في إرسال نائب ولي العهد محمد بن سلمان إلى روسيا إشارة أخرى إلى ما يتمتع به الأمير الشاب من السلطة والتأثير في عهد والده. فقد أصبح الأمير مبعوث الملك للمهام الدبلوماسية رفيعة المستوى والحساسة جدا.
وتشير هذه الزيارة أيضا إلى أن الأمير محمد قد وضع نفسه في موقع أكثر استقلالا عن الأعضاء الآخرين لفريق الأمن القومي السعودي المقربين من الولايات المتحدة، حيث يُنظر إلى الوزير الجبير وولي العهد الأمير محمد بن نايف في المملكة على أنهما مقربان من واشنطن. وهنا رأى الكاتب أن التنويع في المصالح السعودية وعدم ربطها كليا بالولايات المتحدة خطوة تحظى بشعبية اتخذها الأمير محمد.
وأشادت وسائل الإعلام السعودية بالزيارة واعتبرتها علامة فارقة في الدبلوماسية السعودية. وقد سبق للسعوديين أن حاولوا تعزيز العلاقات مع روسيا قبل لكسب النفوذ في المنطقة ومع واشنطن. ففي السنوات الأخيرة من عهد الملك عبد الله، زار رئيس مخابراته، الأمير بندر بن سلطان، بوتين عدة مرات في محاولة لإقناع موسكو بإنهاء الدعم للأسد. وعرض بندر خلالها التعاون حول أسعار النفط وصفقات أسلحة مربحة لكسب تأييد بوتين لكنه فشل في المناورة.
غير أن سوريا لم تكن ذات أولوية بالنسبة للأمير محمد، فقد كان تركيزه على المساعدة في معضلة اليمن، حيث إن الحرب هناك تراوح مكانها، خصوصا وأن محادثات السلام في جنيف، برعاية الأمم المتحدة، لم تُسفر عن أي شيء، مع عدم وجود مواعيد حتى لانطلاق جولة أخرى. في حين، ليس لدى روسيا مصلحة في اليمن، على عكس العلاقات العميقة مع دمشق، ولا تأثير لها في الحوثيين.
وختم الكاتب مقاله بالقول إن الخيار الروسي خطوة جيدة لإبراز صورة الأمير محمد كلاعب عالمي، لكنه لن يحقق النجاح في اليمن.