أمر قاضي التحقيق مع أحمد منصور، الإعلامي بقناة “الجزيرة”، في مركز شرطة تامبل هوفر بالعاصمة الألمانية برلين، باستمرار حبسه لدى الشرطة الألمانية. وأفادت قناة الجزيرة أن “منصور” سيستمر بصورة مبدئية في الحبس الاحتياطي لدى الشرطة الألمانية، وذلك بسبب مراجعة السلطات الألمانية للمستندات التي بحوزتها.
وقال مراسل الجزيرة عيسى الطيبي إن منصور مثل أمام قاضي التحقيق في مركز شرطة تامبل هوفر، حيث يبحث القاضي في ماهية البلاغ الذي قدمته السلطات المصرية لاعتقاله. وأوضح أن التحقيق امتد لساعات، وأن فريق محامي الجزيرة أكدوا أن الأبعاد السياسية حاضرة بقوة، وأن القاضي عليه أولا الإلمام بالمستجدات السياسية التي أدت إلى هذه التطورات.
وذكر المراسل أن مارتن شتيلتنر الناطق باسم المدعي العام الألماني أكد أن القضية الآن بعهدة القضاء الألماني وتحديدا قسم الجرائم، وأنه لا دخل لأي أطراف أخرى، في إشارة إلى الإنتربول. وأكد الناطق أن البلاغ هو بلاغ جنائي ألماني جاء بناء على مذكرة قادمة من السلطات المصرية.
وكان رئيس فريق الدفاع عن منصور قد ذكر في وقت سابق أن الشرطة الفدرالية الألمانية أكدت أنه لا ملاحقات أو تعميمات من الإنتربول بشأن قضية منصور، وأن الأمر برمته في يد الشرطة الجنائية الألمانية. وأشار مراسل الجزيرة إلى أن المدعي العام الألماني لديه صلاحية التدخل لوأد القضية، لاسيما مع اتضاح أبعادها السياسية وتزايد الضغوط على الحكومة الألمانية من سياسيين وناشطين وإعلاميين.
ويأتي التحقيق بعد ساعات من توقيف منصور من قبل السلطات الألمانية في مطار برلين وهو يستعد لمغادرة البلاد، وقد جرت جلسة استماع له من قبل الشرطة، وتم نقله للاحتجاز المؤقت في مركز شرطة تامبل هوفر حيث قضى ليلته.
وعبر سعد جبار المحامي الدولي ومنسق فريق الدفاع عن أحمد منصور في تصريح خاص لـ”القدس العربي” عن استغرابه لهذا التوقيف خصوصا وأن الإنتربول أكد في مذكرة سابقة صدرت يوم 21 أكتوبر / تشرين الأول عن رفضه لتوقيف أحمد منصور بناء على طلب قدمته السلطات المصرية. وأضاف في تصريحه إلى أن الأسس القانونية للتوقيف غير مؤسسة خصوصا وأن القضاء الألماني لا يرتبط بأية اتفاقية لتسليم الموقوفين مع مصر كما أن اجتهاداته الأخيرة لن تسمح بالموافقة على إعادة شخص ملاحق إلى بلد مثل مصر بشكل يعرض حياته للخطر في ظل الأحكام الأخيرة الصادرة في حق عدة نشطاء سياسيين. وقال جبار الذي يقود جهود فريق الدفاع عن صحافيي الجزيرة أنه هناك ارباك لدى النيابة الألمانية التي ستجد نفسها محرجة وتواجه ضغوطا متزايدة من قبل المنظمات والجهات الحقوقية التي تندد بهذه الخطوة. وشدد جبار على أن الدفاع يعمل حاليا على الانطلاق من هذه القضية ليساهم في وأد جهود النظام المصري الذي يعمل على نقل رعبه لمختلف النشطاء إلى خارج حدوده والتأثير على أي صوت حر يكشف تجاوزاته. وقال “يجب أن لا نسمح بنجاح هذه المحاولات اليائسة للنظام المصري لتوسيع نفوذه إلى الخارج لإرهاب أي معارض”. وأشار جبار الذي يتابع قضايا صحافيي الجزيرة في المحاكم الدولية إلى أن القضاء المصري والأحكام الأخيرة التي أصدرها في حق عشرات المعارضين لن يكون نموذجا يمكن للسلطات الألمانية أن تثق فيه وتسلمها أي ملاحق مهما كان الملف المقدم خشية على حياته.
ويتابع قضية مذيع الجزيرة مجموعة من المحامين والخبراء الدوليين من اختصاصات قضائية عدة يعملون على عدة جبهات وتقديم مختلف الإثباتات التي تساهم في إعلان انتفاء وجه الدعاوي المحركة في حقه.
وكشفت مصادر لـ”القدس العربي” أن أحمد منصور عرض أمام ممثل النيابة العامة المداوم في محكمة الأمور المستعجلة بمنطقة تمبلهوف ببرلين- والذي قام بالإجراءات الشكلية من قبيل التأكد من المعلومات الشخصية لمقدم حصة شاهد على العصر، ودوّن بياناته وتفاصيله من دون أي حديث في ملابسات القضية لكون الجهاز القضائي في عطلة. وأضافت المصادر أنه سيتم النظر الاثنين في القضية من قبل هيئة النيابة الرئيسة والإعلان عن المرفقات المتعلقة بها ومن المرجح أن يتم إطلاق سراح أحمد منصور نتيجة الضغوط التي تواجهها السلطات الألمانية من قبل المؤسسات والمنظمات الدولية. ورجحت مصادر متابعة للقضية أن يكون توقيف واحتجاز أحمد منصور في برلين تم بناء على طلب قدمه وزير العدل المصري أحمد الزند لنظيره الألماني مباشرة وليس عن طريق مذكرة الإنتربول. وأضافت إلى أن السلطات المصرية لما علمت بوجود مقدم برنامج بلا حدود في ألمانيا سارعت إلى تقديم طلبها من أجل التأثير على القضاء الألماني وهو ما فسره بسبب توقيف أحمد منصور وهو يغادر برلين وليس لحظة وصلها.
وقال سامي الحاج رئيس مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان في تصريح لـ”القدس العربي” أن توقيف “الزميل أحمد منصور ببرلين تم بدوافع سياسية. وأضاف أن المركز سوف يفشل هذا المخطط بالتعاون مع المؤسسات الإعلامية والمنظمات الدولية المعنية بحماية الصحافيين. وتحركت اليوم عديد المنظمات والجهات الحقوقية للتنديد بالقرار. وخاطبت منظمة هيومن رايتس مونيتور المنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الإنتربول الدولي” بخصوص توقيف للصحافي المصري العامل بقناة الجزيرة الفضائية “أحمد منصور. وطالبت المنظمة الإنتربول الدولي بضرورة إطلاق سراح منصور على وجه السرعة وعدم تسليمه إلى السلطات المصرية، إذ أن المنظمة تدين هذا التوقيف المشين للصحافي، وتندد بتعاون الإنتربول المخزي مع السلطات المصرية التي انتهكت كافة قوانين حقوق الإنسان دون رادع وارتكبت جرائم ضد الإنسانية بحق مواطنيها في العامين الأخيرين. واستنكرت المنظمة قيام السلطات باعتقاله بعد تسلمه وثيقة من الانتربول في 21 أكتوبر 2014 تؤكد معرفتهم بأن القضايا المتهم فيها منصور ملفقة وأنه غير مطلوب لديها، إلا أنها لازالت مصرة على توقيفه حتى هذه اللحظة بالرغم من عدم صدور مذكرة توقيف له من الانتربول نفسه (الشارات الحمراء). وحذرت منظمة هيومن رايتس مونيتور من تعاون الإنتربول مع السلطات المصرية، وتوقيفه أشخاص لأسبابٍ سياسية، رغم تأكيده مرارًا على الالتزام بدستور الإنتربول ومبادئ القانون الدولي التي تنص على عدم التعاون مع أنظمة تنتهك القانون الدولي وتصدر طلبات قبض على أسس سياسية.
وأدانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا توقيف السلطات الألمانية للصحافي أحمد منصور، ودعتها للإفراج فورا عنه.
وأشارت المنظمة أن الصحافي أحمد منصور لديه وثائق من الإنتربول تؤكد أنه ليس موضوع أي مذكرة توقيف لكن هناك نظام في الإنتربول الدولي يسمى “النشر” يسمح للدول باستخدام قاعدة بيانات مباشره لتعميم مذكرات التوقيف دون حاجه لإصدار شارات حمراء وهذا النظام تستخدمه أنظمة دكتاتورية بشكل نشط للقبض على المعارضين والنشطاء ورغم النداءات العديدة لإلغاء هذا النظام إلا أن الإنتربول الدولي لا زال مصرا على استخدامه.
وأطلق ناشطون إلكترونيون عريضة عبر الموقع الشهير آفاز “Avaaz petition” طالبوا فيها الإعلاميين والناشطين وأحرار العالم بالتوقيع على مطالبة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بإطلاق سراح فوري للإعلامي مقدم البرامج بقناة الجزيرة أحمد منصور المحتجز في برلين بألمانيا. وقد وصل عدد الموقعين على العريضة حتى اللحظة نحو 20 ألف شخص.
وفي بيان صدر مساء السبت طالب المدير العام لشبكة الجزيرة الإعلامية بالوكالة مصطفى سواق السلطات الألمانية بإطلاق فوري لسراح منصور الذي أوقف في مطار برلين بناء على مذكرة اعتقال مصرية. وقال سواق إن حملة الاعتقالات والقمع بحق الصحافيين من قبل السلطات المصرية معروفة جدا. وأضاف أن الجزيرة، وهي الأكثر مشاهدة في العالم العربي، نالت نصيبها من ذلك. وتابع سواق “لكن الدول الأخرى، وعلى رأسها تلك التي تحترم حرية الصحافة والتعبير مثل ألمانيا، يجب ألا تسمح لنفسها بأن تصبح أداة في حملة القمع التي تستهدف هذه الحريات الأساسية”.
وفي وقت سابق وصف أحمد منصور -الذي تحدث للجزيرة من مطار برلين- التهم الموجهة ضده، وهي الاغتصاب والاختطاف والسرقة، بأنها ملفقة وصيغت بعناية لأنها تهز المجتمعات الغربية وتدفع الإنتربول للتحرك.
واستغرب منصور كون السلطات الألمانية أوقفته بناء على مذكرة صادرة عن الإنتربول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2014، في حين أنه حصل من الإنتربول نفسه على وثيقة بتاريخ 21 من الشهر نفسه تفيد بأنه ليس مطلوبا لها على خلفية أية قضية. وانتقد مذيع الجزيرة في تسجيل بث في نشرات الأخبار السلطات الألمانية ” أن تكون أداة في يد النظام” واعتبر أن الأمر فضيحة للحكومة في حال لم تفرج عنه.
من جانبه أعلن مصدر أمني بوزارة الداخلية المصرية إلى إن الإنتربول المصري يتابع إجراءات تسلم أحمد منصور، حسب ما نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية. وأوضح المصدر أن الإنتربول المصري سيقوم بالتنسيق مع مكتب التعاون الدولي بوزارة العدل لمخاطبة السلطات الألمانية للوقوف على إجراءات تسليم منصور. وأشار إلى أنه في حالة موافقة السلطات الألمانية على تسليمه سيتم إعداد ملف الاسترداد الخاص به، الذي يتضمن التهم والأحكام الصادرة في حقه وإرسالها برفقة مأمورية من الإنتربول المصري لتسلمه.
وكان منصور يهم بالعودة إلى الدوحة -حيث مقر الجزيرة- بعد أن قدم من ألمانيا حلقة من برنامج “بلا حدود” الأربعاء الماضي قبل أن توقفه السلطات الأمنية في مطار برلين.
وسبق للسلطات المصرية أن أصدرت في حقه حكما بالسجن 15 سنة.