شاركت المقررة الأممية “غابرييلا نول” المعنية باستقلال القضاة والمحامين في الندوة الحقوقية التي عقدتها ثلاث منظمات غير حكومية من بينها المركز الدولي للعدالة وحقوق الانسان و”ايراد” والتضامن لحقوق الانسان بقصر الأمم المتحدة بجنيف حول “حقوق الإنسان والتحديات التي تواجه النظام القانوني والقضائي في دولة الإمارات العربية المتحدة ” الجمعة (19|6).
وتحدث في الندوة عبدالرزاق العرادي، شقيق معتقل ليبي-كندي في الإمارات، و خديجة نمار من منظمة الكرامة والباحث
دروري دايك، ممثلا عن منظمة العفو الدولية فرع لندن. إضافة إلى جيانفرانكو فاتوريني، رئيس حركة مناهضة العنصرية وتوطيد الصداقة بين الشعوب.
ثغرات حقوقية في مسيرة الإمارات
أوضح “فاتوريني”، رئيس حركة مناهضة العنصرية في مستهل كلمته الافتتاحية، أن الدولة لم تصدق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، رغم أنها عضو في “مجلس حقوق الإنسان”، و صدقت على العديد من الاتفاقيات كاتفاقية حقوق الطفل واتفاقية “القضاء على جميع أشكال التمييز” ضد المرأة .
حقوق الإنسان بين النص والتطبيق في الدولة
أما المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، فتحدثت عن النتائج التي توصلت إليها من خلال زيارتها لدولة الإمارات والتي تهدف الى المقارنة بين الإطار القانوني النظري والممارسة الفعلية، حيث أن الإطار القانوني هو أمر أساسي لضمان محاكمة عادلة، ومن المهم الفصل بين السلطات بما يتماشى مع المعايير الدولية.
وفيما يتعلق بالإطار القانوني، قالت المقررة إنه من المهم الاعتراف بالجهود التي تبذلها الدولة وتحقيقها إنجازات إيجابية. ولكن النظام الاتحادي لدولة الإمارات صعب الفهم بسبب العلاقة المعقدة بين المستويات المحلية والاتحادية والقوانين في مختلف الإمارات. وأشارت إلى أن “دستور دولة الإمارات”، يخلو من ضمان فصل السلطات و لا يحظر تدخل السلطة التنفيذية في النظام القضائي ما يجعله تحت السيطرة.
واعتبرت “نول” أن إجراءات تحديد الإدعاء فيه إشكالية، إذ تفتقر الآلية الحالية لتعيين القضاة إلى الشفافية، مما قد يعرضهم لضغط سياسي لا مبرر له، وفق توضيح “نول”. ونوهت إلى أن القضاة الأجانب الذين يعملون بعقود مؤقتة يجعلهم في موقف ضعيف وتحت الضغط.
تدخل “أمن الدولة” بالقضاء والمحامين
وأكدت “نول” أن جهاز أمن الدولة يقوم باعتقالات تعسفية، فمجرد أن يتهم الجهاز شخصا يقوم بإلقاء القبض عليه بدون أمر قضائي، وأن الشكاوى التي يبديها معتقلون مما يتعرضون إليه أثناء القبض عليهم أو اعتقالهم لا تحظى بالتحقيقات المناسبة. وتابعت المقررة الأممية، أن خدمات النيابة العامة تتأثر بالسلطة التنفيذية وأجهزة أمن الدولة وينبغي أن تكون ذاتية الحكم.
وقالت “نول” إن المحامين الذين يتناولون القضايا المتصلة بأمن الدولة يتعرضون للتهديد والمضايقات والضغوط من جانب الجهاز، مشددة على أنه لاينبغي أبدا ربط المحامين بموكليهم أو بقضايا موكليهم. وأكدت “نول” أنه من الصعب تأمين محام في القضايا المتعلقة بأمن الدولة ما يدفع المحامين الى رفض الترافع والدفاع عن أصحاب هذه القضايا.
شهادة العرادي
شقيق سليم العرادي، أحد السجناء في دولة الإمارات تحدث عن شقيقيه، على وجه التحديد، سليم العرادي، وهو مواطن كندي ما زال محتجزاً في الإمارات العربية المتحدة. وتحدث العرادي عن تدهور صحة شقيقه سليم؛ مؤكدا أنه حرم من طلبات الحصول على الرعاية الطبية والاستشارة القانونية، وزيارة أبنائه وأي اتصال بأسرته أو بالعالم الخارجي.
وقال الشقيق الشاهد، بعد سبعة أشهر من الصمت، قررت الأسرة القيام بحملة عامة لسليم وتقديم قضيته إلى الأمم المتحدة.
الإمارات لا تحترم معايير حقوق الإنسان
خديجة نمار ممثلة منظمة الكرامة، استعرضت الحالات التي تتعامل معها، والشكاوى والعديد من الانتهاكات كالتعذيب أو الاختفاء القسري أو الاعتقال التعسفي، مؤكدة أن حكومة الإمارات تتميز بعدم احترام معايير حقوق الإنسان.
الرفض والسرية
أما الباحث في منظمة العفو الدولية دايك دروري، فقد أكد أن الميزة الرئيسية لهذا “النظام” (الحكومة الإماراتية وجهاز الأمن) هو ثقافة الرفض والسرية. وتساءل ماالذي يخفيه هذا البلد؟ ولماذا كل تلك الممنوعات؟ وبيّن أن هناك العديد من الأدلة على التعذيب، أظهرتها عديد الحالات والشكاوى، ولكن السلطات لم تبذل جهدا للتحقيق فيها.
ويأتي انعقاد هذه الندوة غداة استعراض مجلس حقوق الإنسان مع المقررة الأممية “نول” استقلال القضاء والمحامين الخميس (18|6) والتي أوضحت أن النظام القضائي في الإمارات بحاجة لمزيد من التطوير ومنحه الاستقلال والشفافية ومنع التدخل من جانب جهاز الأمن وحماية المحامين وتوفير أسباب الأمن والطمأنينة لهم في حال دفاعهم عن معتقلي الرأي، مشيرة إلى تجاهل الحكومة الإماراتية 200 حالة تعذيب تم فيها تقديم شكاوى محددة، وأبدت خشيتها أن عدم التحقيق في هذه الحالات يغري على الاستمرار في التعذيب ويقدم حماية للجناة ويخل بالتزامات الدولة وفقا لاتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعت عليها في أغسطس 2012.