صُنفت المجزرة التي أسفرت عن مقتل تسعة أمريكيين من أصل إفريقي في تشارلستون باعتبارها جريمة كراهية محتملة، نفذت كما هو واضح من قبل رجل أبيض، يبلغ من العمر 21 عامًا، وارتدى ذات مرة شارة الفصل العنصري، وغيرها من رموز تفوق البيض. ولكن، في المقابل، يتساءل العديد من أنصار الحقوق المدنية عن السبب في عدم وصف هذا الفعل رسميًا بأنه هجوم إرهابي.
وعلى خلفية ارتفاع المخاوف بشأن التطرف الإسلامي العنيف في الولايات المتحدة، يرى هؤلاء الحقوقيون نوعًا من النفاق في الطريقة التي وصف بها الهجوم، ومنفذه، من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون ووسائل الإعلام.
وقد تم تصوير اعتداءات مثل تفجير ماراثون بوسطن في عام 2013، والهجوم على تجمع المعادي للإسلام في جارلاند، تكساس، الشهر الماضي، على نطاق واسع، على أنها أعمال إرهاب يقوم بها المتطرفون الإسلاميون. وفي المقابل، يقول النقاد إنه من النادر أن تمت تسمية الاعتداءات ضد الأمريكيين من أصل إفريقي، والأمريكيين المسلمين، على أنها إرهاب. وعلاوة على ذلك، يقول هؤلاء النقاد أيضًا إن المهاجمين البيض أقل عرضة بكثير لوصفهم من قبل السلطات بأنهم إرهابيون.
وقال نهاد عوض، وهو المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية في واشنطن، في اتصال هاتفي يوم الخميس: “لقد تمت تهيئتنا لقبول أنه إذا ما ارتكبت أعمال العنف من قبل مسلم، فهي بالتالي أعمال إرهاب”. وأضاف: “إذا تم ارتكاب نفس العنف من قبل أبيض يشعر بالتفوق أو متعاطف مع الفصل العنصري وغير مسلم، نبدأ في البحث عن أعذار، ونقول إنه قد يكون مجنونًا، أو قد يكون تعرض لضغط رهيب“.
وبدوره، قال ديان عبيد الله، وهو مسلم أمريكي يعمل كمذيع ومعلق، إنه ينبغي أن يكون من الواضح أن القاتل في تشارلستون كان إرهابيًا. وأضاف: “لدينا رجل ذهب عمدًا إلى كنيسة للسود، وكان لديه عداء تجاه السود، وقام باغتيال مسؤول منتخب وثمانية أشخاص آخرين. إذًا، يبدو أن دافعه كان الرغبة في ترويع وقتل السود“.
وفي حين قالت النائبة العامة، لوريتا لينش، ومسؤولو ساوث كارولينا، إن إطلاق النار الذي حدث ليلة الأربعاء قيد التحقيق كجريمة كراهية، قالت ردود فعل كثيرة على وسائل الإعلام الاجتماعي إن هناك كيلًا بمكيالين في طريقة استخدام مثل هذه المصطلحات.
وقال ريمي كنازي، وهو ناشط وشاعر فلسطيني أمريكي، على تويتر: “عنصري أبيض يرتكب مجزرة بحق 9 من السود في تشارلستون. إنها جريمة كراهية، إنها إرهاب، إنها أمريكا عام 2015″.
ومن جهته، كتب صموئيل سينيانجو، وهو ناشط حقوق مدنية ساعد في توثيق وقائع العنف ضد الأمريكيين من أصل إفريقي، على تويتر: “إرهابي #CharlestonShooting ارتدى علم الفصل العنصري على سترته. لو أن رجلًا مسلمًا ارتدى علم داعش، لما استطاع المرور عبر أمن مركز للتسوق!”.
ويعد تعريف الإرهاب موضوعًا متحولًا وجدليًا، وعادة ما تكون له مدلولات سياسية. وعلى سبيل المثال، يتهم الخصوم في الحرب السورية، وفي الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، بعضهم البعض بشكل روتيني بالإرهاب. وفي حين تعتبر منظمات (متشددة)، مثل تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية، نفسها منظمات تحريرية، تعتبر هذه المنظمات رسميًا من قبل الأمم المتحدة، وجهات أخرى، جماعات إرهابية.
ويعرف قاموس كلية العالم الجديد الإرهاب بأنه: “استخدام القوة أو التهديد بهدف إضعاف المعنويات، والتخويف، والإخضاع، وخاصة عندما يأتي هذا الاستخدام كسلاح سياسي”.
ويقول المدافعون عن الحقوق المدنية إن هجوم تشارلستون ليس مطابقًا فقط لتعريف القاموس للإرهاب، بل ويعكس أيضًا تاريخ محاولات جماعات التفوق البيضاء لإرهاب الأمريكيين من أصل إفريقي.
ويقول إبراهيم فوكسمان، وهو المدير الوطني لرابطة مكافحة التشهير، وهي مجموعة حقوق مدنية معروفة، إن مجزرة تشارلستون بدت إرهابًا بالنسبة له. ويضيف: “بينما يتم تطبيق تسمية الإرهاب في كثير من الأحيان على الهجمات، والمؤامرات، التي يتم إجراؤها بالنيابة عن منظمات إرهابية محددة، مثل داعش والقاعدة؛ يبقى العنف ذو الدوافع السياسية ليس المجال الوحيد لعمل أنصار الجماعات المعرفة على أنها إرهابية“.
نيويورك تايمز – التقرير