يطرح الكاتب السعودي عبدالله المفلح، تصورًا عن سيناريو مصر المستقبل، بعد تخلي داعمي السيسي عنه في الخارج والداخل، وبخاصة السعودية والإمارات والولايات المتحدة، والبدائل المتوقعة التي يرصدها في مقال له بعنوان “السيناريو المصري الذي يرعب السيسي”، نشر أمس في صحيفة “التقرير” الإلكترونية”، ويعتقد فيه “أن (السيسي) قد انتهى، وأن سقوطه هو مسألة وقت فقط” طبقًا لحزمة من المؤشرات.
ويدلل “المفلح” بمؤشرات تتعلق بالوضع في الداخل، فهناك برأيه غضب وزخم شعبي واسع يتنامى يوميًا، أيضًا قيادة المجلس العسكري تهتز بفعل الخلافات التي كشفت عنها تقارير غربية. فالجيش المصري لم يعد يعرف لماذا يتواجد بكثافة داخل مصر وليس على الحدود؟. هناك تململ القيادات الوسطى في الجيش يكشفه إبعاد عدد غير قليل منهم. أما الوضع الاقتصادي من سيئ إلى أسوأ. والملاحقات الأمنية.
محاصرة نظام السيسي
ويرصد “المفلح” أنه بالنسبة للخارج فهناك محاصرة لنظام السيسي، فالكثير من الدول وجدت نفسها محرجة أمام الرأي العام وتُفضِّل أن لا يزورها السيسي. وأصبح السيسي مرتعبًا من الملاحقات القانونية التي يتم التحضير لها لتقديمها لمحكمة الجنايات الدولية، التي قد تضع اسمه جنبًا إلى جنب مع اسم الفريق عمر البشير، وباقي المجرمين الدوليين المطلوبين.
تخلي الدول الداعمة
فيما يخص الدول الداعمة للانقلاب، بات واضحًا برأي “المفلح”، “أن السعودية نفضت يدها من النظام المصري، بعد أن حاول ابتزازها في موضوع حرب الحوثيين، والضغط عليها من زاوية دعمه نظام بشَّار، كما أن موقف السعودية قد (انقلب) بالكامل على موقف الحكم السابق، الذي كان يرى أن خطر الإخوان المسلمين هو أكثر ما يتهدد النظام السعودي، وليس خطر إيران التي حاصرته بوكلائها من الشمال والجنوب!”.
ويشرح تأثير القيادة الجديدة بالسعودية، مشيرًا إلى “أن الملك سلمان آت برؤية مغايرة تمامًا عن رؤية سلفه، وبجرأة فائقة عازمة على قطع اليد الإيرانية في اليمن وسوريا. فالسعودية كما هو واضح بعد عاصفة الحزم لم تعد في حاجة لنظام السيسي، الذي لم يستطع أن يحمي نفسه في سيناء، فقطعًا لن يستطيع أن يحمي الآخرين. دع عنك التسريبات الهاتفية التي تكلم فيها السيسي كلامًا قبيحًا عن الحكومات الخليجية”.
الإخوان في الاستراتيجية السعودية
ولفت “المفلح” إلى أن السعودية اليوم تقود قاطرة العرب، والملك سلمان عازم على ترتيب البيت العربي، والإخوان في الاستراتيجية السعودية الجديدة هم جزء من هذا البيت العربي، والسعودية تدرك جيدًا أنَّها قادرة على احتواء الإخوان المسلمين مهما اختلفت معهم.
اختيار بديل مقبول
ويتساءل “المفلح” ما الذي يعنيه هذا؟ مجيبًا “يعني أن السعودية لن تدفع لنظام السيسي، وإذا دفعت فلن يكون مجانيًا. ويعني أن السعودية في انتظار تحرك المجلس العسكري لاختيار بديل مقبول يمكن المراهنة عليه”.
أبوظبي تعد بديلًا
ونبه “المفلح” إلى أنه “حين شعرت الإمارات الأكثر التصاقًا ودعمًا للسيسي بهذه الرغبة السعودية، بدأ الحديث عن أحمد شفيق الذي يعيش في الإمارات تحت كنف حكومة أبوظبي كخيار بديل عن السيسي، لمنع السعودية من طرح عودة مرسي على الطاولة”.
وتابع: “وبعدها خرجت إلى العلن رسالة يوسف ندا العضو الإخواني المهم، الذي كشف أن هناك ترتيبات وتنسيقًا بين قيادات ورموز في الخارج وفي داخل الجيش، لإحداث تغيير كبير. وكل المؤشرات تتكلم عن تغيير في رأس الهرم”.
الغرب وترطيب الأجواء مع الإخوان
وعن موقف أمريكا يرى “المفلح” أنها “كعادتها تضع رجلًا مع النظام ورجلًا مع المعارضة، وأمريكا كما يعلم الكثيرون تُفضِّل حكم الجيش، لكننا اليوم نلحظ أن خطابها بات أكثر حدة في نقد السيسي، مما يكشف عن قناعة بأن السيسي راحل، وأن الخيار الأفضل لها هو ترطيب الأجواء مع جماعة الإخوان المسلمين، الجماعة التي أثبتت قدرة وحنكة وقوة في إدارة الصراع مع النظام. بالإضافة إلى أن الأمريكان باتوا في حاجة ماسة إلى حليف إسلامي معتدل في حربها ضد الإسلام الجهادي، وهي الحرب التي باتت تمثل للأمريكان أهمية كبرى في المنطقة. والغرب لا يختلف في هذا عن أمريكا؛ فهو يعلم أن حربه ضد داعش أو القاعدة خاسرة، ما لم يتم دعمه بطرف إسلامي معتدل”.
إعدام مرسي ومأزق السيسي
وبحسب المفلح، فإن خبر الحكم بإعدام مرسي جاء ليتوج مأزق السيسي، فالسيسي يحكم على مرسي بالإعدام لأنه يريد التخلص من آخر المواقع “الشرعية” ممثلة في مرسي، الرئيس “الشرعي”؛ فلم يبق مثيرًا لصداعه “دوليًا” غير تواجد مرسي “حيًا”. فيريد أن يوقف رهان الداخل والخارج على عودة مرسي إلى الأبد. وقد يعدم السيسي الرئيس مرسي، لكن ذلك سيكون المسمار الأخير في نعشه؛ لأن الداخل سينتفض بشكل هادر، والخارج سيعلن قطيعة ومحاصرة كبيرة لنظامه، وسيجعل من مرسي شهيدًا وأيقونة نضال تاريخية.
من يملك الحل
وأكد “المفلح” أن السيسي لا يملك أي حل، حتى الساعة، فالحل هو في يد المجلس العسكري الذي لم يسمح بإعدام مرسي بعد الانقلاب خشية تفاقم الأوضاع، ولحنكة المجلس السياسية التي وضعت كافة السيناريوهات على الطاولة، ومنها إعادة مرسي في حال شعر قادة المجلس العسكري بخطر شديد. ويعد الخطر الشديد هو تحرك الشارع مرة أخرى؛ فالمجلس العسكري يدرك جيدًا أن أي ثورة جديدة لن تتوقف حتى الإطاحة برأس المجلس العسكري.
وتوقع المفلح أنه سيزداد الزخم الشعبي نموًا، وستزداد الضغوط الدولية على نظام السيسي، وسينزل الناس للشارع، وسيدرك المجلس العسكري ضرورة إزاحة السيسي لامتصاص الغضب داخليًا وخارجيًا، وكي يعود الدعم الخليجي بالذات، وستتم إعادة الرئيس مرسي بشكل صوري، ليُعلن عن استقالته ودعوته لانتخابات رئاسية مبكرة.