في 17 يونيو، وصل ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا للقاء الرئيس فلاديمير بوتين. وتأتي الزيارة -التي ظلت طي الكتمان حتى قبل ساعات قليلة من مغادرة الأمير للمملكة- في أعقاب سلسلة من الاتصالات التي جرت في الآونة الأخيرة بين الرئيس بوتين ووالد الأمير، الملك سلمان.
وفي أبريل، تحدث الاثنان هاتفياً، وفي 27 مايو، التقى مبعوث روسي خاص مع العاهل السعودي قبل يوم واحد من تقديم السفير السعودي الجديد أوراق اعتماده في موسكو. وفي كلامه هذا الأسبوع، تحدث السفير السعودي عن “روابط تاريخية عميقة الجذور وتطور دائم” للعلاقات بين البلدين.
وفي الواقع، كانت العلاقات الثنائية (محرجة إن لم تكن عدائية). فوالد الملك سلمان، الملك عبد العزيز، كان يمقت “الشيوعيين الملحدين”، وقام بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي في عام 1938. ولم تُرمم العلاقات مع موسكو حتى عام (1992) في أعقاب هزيمة “الجيش الأحمر” في أفغانستان على أيدي المقاتلين المجاهدين الذين دعمتهم السعودية، والانهيار اللاحق للاتحاد السوفييتي. حسب ما ذكره سايمون هندرسون الباحث في معهد واشنطن.
ونظرا للبروز المتزايد للأمير محمد بن سلمان في المملكة وقربه الواضح من والده -الذي يبدو أنه يستعين به كمبعوث خاص بالإضافة إلى مسؤولياته الأخرى- فإن إمكانية تطوير العلاقات السعودية الروسية بصورة كبيرة تبدو أكثر ترجيحاً.
ففي عهد الملك عبد الله، الذي توفي في يناير الماضي، كانت العلاقات شائكة بسبب دعم موسكو لنظام بشار الأسد في سوريا. وكان رئيس الاستخبارات السعودي السابق الأمير بندر بن سلطان قد زار روسيا مرتين على الأقل لكنه فشل في تغيير سياسة بوتين حول دعم دمشق.
وقد وصف البيان الرسمي للديوان الملكي السعودي زيارة الأمير محمد بن سلمان بأنها فرصة “لبحث العلاقات وأوجه التعاون بين البلدين الصديقين”. ومن المرجح أن يتضمن جدول الأعمال موضوع (النفط)، وهو القطاع الذي أصبح فيه الأمير ((صانع القرار الرئيس)).
ذلك أن عزم السعودية على الحفاظ على حصتها في السوق -حتى على حساب انخفاض الإيرادات- قد شكّل ضربة قوية لروسيا. ومن جانبه، يرغب الرئيس بوتين في توسيع الخلافات بين الرياض وواشنطن.
وفي أعقاب الاجتماع الأخير الذي عُقد في كامب ديفيد، وصف الرئيس أوباما وزير الدفاع السعودي -الذي قد يكون في حدود التاسعة والعشرين من عمره فقط- بأن “حكمة محمد بن سلمان تفوق سنه”.
ووجهة النظر السائدة في واشنطن أن العلاقات الثنائية متينة بسبب قرب الإدارة الأمريكية من ولي العهد الأمير محمد بن نايف ووزير الخارجية الجديد عادل الجبير، الذي شغل سابقاً منصب سفير بلاده في الولايات المتحدة.
لكن يبدو أن العاهل السعودي يفضل ابنه على الأمير محمد بن نايف، ومما له دلالته أيضا كما يُرجح، عدم مرافقة الجبير لولي ولي العهد السعودي في زيارته إلى روسيا.
وبغض النظر عما سيعود به الأمير محمد بن سلمان إلى بلاده، فإن الزيارة قد تكون مهمة لمستقبل العلاقات بين روسيا والسعودية.