منذ فترة يشن عدد من الكتاب الإماراتيين المحسوبين على حكومة أبوظبي حملة منظمة ضد شيخ الإسلام ابن تيمية، وذلك عبر الموقع الإلكتروني لصحيفة “24” المعروفة بتوجهاتها العلمانية ضد الفكر الإسلامي والمدعومة من قبل محمد بن زايد.
ففي بداية الحملة فجر الصحفي الإماراتي، المقرب من ولي عهد أبوظبي “علي بن تميم” حالة من الغضب في الاوساط الإسلامية بعد وصفه “ابن تيمية” بـ”الجاهل المنافق”، في مقالة كتبها بعنوان : “ابن تيمية ذلك الذي حفر حفرة لابن حيّان فوقع فيها”.
وقال بن تميم أن ابن تيمية قد أتلف بنفسه مع تلاميذه وأتباعه آلاف الكتب بحجج غامضة، وقد أسهم هذا الإتلاف في فقدنا كنوزاً معرفية وأدبية وعلمية هائلة، بل إنّ منطق ابن تيمية ما يزال متحكّماً في منظمي بعض معارض الكتب في العالم العربي، فاقتداء به وبمواقفه تحجب الكتب وتمنع حتى يوم الناس هذا، في حين شكلت كيمياء جابر مصدراً مهماً من مصادر النهوض العلمي في الغرب، عندما ترجمت كتبه إلى اللاتينية في عصر النهضة، وهنا نقول بن تيمية جاهل ومنافق.
وبعد هذه المقالة التي نشرت في 13 يونيو ظهرت مقالة أخرى لكاتب إماراتي آخر وهو علي ابوالريش وكانت لغتها الهجومية أقوى ويظهر ذلك من خلال عنوان المقالة “تصنيم ابن تيمية” حيث ادعى فيها بعض المسلمين حولوا ابن تيمية إلى صنم من دون الله.
وقال ابو الريش في مقالته: “يبدو أن الارتداد الثقافي آفة الذين أبوا إلا أن يكونوا عبدة أصنام رغم كل الإزاحات التي قدمها الدين الحنيف، ورغم الأمثلة النموذجية التي قدمها الصحابة والأولياء الصالحون، في نبذ الصنمية، وإعلاء قيمة “لا إله إلا الواحد الأحد“.
وتابع ابو الريش هجومه على السلفيين وعلى شيخ الاسلام ابن تيمية قائلا: “هؤلاء أنفسهم الذين نصبوا للعالم والفقيه ابن تيمية صنماً ووقفوا أمامه أو ربما جثوا على ركبهم، معتبرين ذلك شيئاً من الإيما.
وفي نفس اليوم كتب منصور النقيدان وفي نفس الموقع الاخباري “24” مقالة طالب فيها بإعادة قراءة ابن تيمية ومحاكمة شيخ الإسلام، مدافعا عن مقالة علي بن تميم حيث قال :” أثار الدكتور علي ابن تميم جدلاً في مقالته التي نشرت بعنوان “ابن تيمية الذي حفر حفرة لابن حيان فوقع فيها”، التي نشرتها وكالة أنباء فارس محرفة، عما جاء في الأصل المنشور، متوافقة مع ردة الفعل التحريفية ضد المقالة نفسها قادها إخوان مسلمون لأسباب معروفة، كما تناولت مقالة أخرى للكاتب المعروف علي أبو الريش بعنوان “تصنيم ابن تيمية” القضية من جانب آخر، وهاتان ليستا أول ولن تكونا على الأرجح آخر ما يكتب عن ابن تيمية. فالكتابة عن ابن تيمية دائماً مثيرة، لأن هذا العالم الذي توفي في القرن الثالث عشر الميلادي هو واحد من أكثر علماء الإسلام تأثيراً في العصر الحديث.“.
وواصل هجومه على ابن تيمية قائلا:” ابن تيمية شخصية خطيرة وإشكالية. علينا أن نعود إلى الفترة التي عاشها، والتي أعقبت وفاته بأربعة قرون تقريباً، كان حضور ابن تيمية في الآداب والعلوم الإسلامية من بعده متواضعاً إلا من أصحابه الحنابلة، ومؤلفاتهم الفقهية، والتراجم المتواضعة التي كتبت عنهم، عانى الحنابلة فترة جدب كبيرة في ولادة علماء كبار ينافسون الشافعية والمالكية والأحناف، منذ آل قدامة المقادسة، وكان ابن تيمية تقريباً تعويضا عن حرمان طويل.كان ذكياً جداً، وجريئاً، ومتقشفاً، وقليل ذات اليد. وكان يمثل الجيل الثالث من آل تيمية الحنابلة. أحبه كثير من العوام، والأعراب، وأمراء القبائل من شمال الجزيرة العربية، وبعض من أمراء الحرب المماليك، وكرهه عوام آخرون، وعاداه علماء وفقهاء كبار، وتردد الملوك في شأنه، وسجن مرتين، واستتيب أكثر من مرة، ومات مسجوناً وهو في 67 من عمره.“.
وادعى النقيدان أن علماء المسلمين انتقدوا فكر ابن تيمية فقد قال:”من المهم التعمق في دراسة فكره وفقهه وتأثيره، وردة فعل معظم علماء عصره الكبار، فأتباعه وطلابه هاموا به، بينما كثير من فقهاء عصره وفضلائهم كفروه، أو بدعوه وضللوه، ورموه بالكذب والادعاء، وكثير ممن ترجم له من غير طلابه وممن جاء بعدهم لمزوه، وأشاروا إلى وصمه بالزندقة، منهم ابن حجر العسقلاني شارح صحيح البخار”.
وآخر من تهجم على شيخ الإسلام كان علي الحمادي الذي ادعى أن أتباع ابن تيمية حولوه إلى ” يغوث ويعوق ونسرا“ ، فقد شن هجوما كبير على السلفيين واتهمهم بعدة تهم كاذبة حيث قال:لا يكاد يمر يوم إلا وتُفتعل معركة دفاعية عن ابن تيمية من قبل مريدين جعلوا منه “يغوث ويعوق ونسرا”، فصار المتزمتون يريدون من الناس أن يضحكوا لضحكته، ويغضبوا لغضبته، ويجلدوا بسوطه، ويقطعوا بسيفه، وبسبب الآلة الإعلامية الهائلة لأولئك المريدين فإنهم تمكنوا من الإيحاء بأن لقب “شيخ الإسلام” حكر عليه دون بقية أعلام المسلمين، لدرجة أن الناس نسوا أن أول من لقب بهذا اللقب هما أبوبكر وعمر كما نقل السيوطي في تاريخ الخلفاء، ولاحقاً صار هذا اللقب لقباً وظيفياً لمفتي الدولة العثماني”.
واصل هجومه على شيخ الإسلام حيث ادعى بأنه ليس شيخا للإسلام عندما قال:”لا تحفظ لديّ على هذا اللقب الذي يشير إلى شخص ما قد حصّل جملة كبيرة من العلوم العقلية والنقلية في الشريعة، أما أن يُحمل هذا اللقب على الحقيقة ويخرج من المجاز فيكون ابن تيمية هو “شيخ الإسلام” وليس شيخاً من شيوخ الإسلام فهذه طامة فكرية في عقول القوم الذين يرغون ويزبدون حين يطال النقد شيئاً من تراث المرحوم ، بينما هم أنفسهم لا يحركون ساكناً لما يطعن زملاء صنعتهم في عقيدة شيوخ للإسلام -كالنووي وابن حجر – مع كونهم أوسع علماً وقبولاً وأقل جدلية وعدوانية من ابن تيمية الذي قال عنه أحد المحدثين – وهو ابن زين الدين العراقي- أن علمه أكبر من عقله”.
المحللون يؤكدون أن هذا الهجوم المنظم عبارة عن حملة إمارتية أخرى ضد التيار السلفي فبعد أن رموا محمد بن زايد أعضاء جمعية الإصلاح المحسوبين فكريا على تيار الأخوان المسلمين فإن الدور جاء على التيار السلفي لتعلن حكومة أبوظبي حربها عليها وقد تشهد الإمارات اعتقلات جديدة في صفوف الإمارتييت السلفيين