قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن الهجوم السريع والناجح للمقاتلين الأكراد وحلفائهم من ثوار سوريا على مدينة تل أبيض يعزز الجهود التي تدعمها الولايات المتحدة لقطع طرق الإمداد على مقاتلي تنظيم الدولة.
وبدا التحالف الكردي السوري متحفزا ومزهوا بما حققه، فصرح أن هدفه التالي هو الرقة، معقل تنظيم الدولة الإسلامية الرئيس في سوريا، حوالي 50 ميلا إلى الجنوب من مدينة تل أبيض. ووفقا للتقرير، فإن مقاتلي الأكراد قد بدأوا التقدم بالفعل جنوبا نحو الرقة ” عاصمة الدولة الاسلامية” ووصلوا إلى بلدة عين عيسى، حوالي 30 ميلا فقط.
ونقلت الصحيفة عن شرفان درويش، المتحدث باسم بركان الفرات بقيادة الميليشيات الكردية السورية المعروفة باسم YPG، قوله: “سوف تتحرك لتحرير الرقة في المستقبل القريب”.
ورغم تلك التصريحات، ليس هناك تخطيط عسكري واسع النطاق يجري العمل به من قبل قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة للهجوم على الرقة قريبا، وهو تحرك أكثر طموحا بكثير من إعادة السيطرة على تل أبيض.
وتزامن التقدم الكردي في سوريا مع نجاحات أخرى حققتها الولايات المتحدة هذا الأسبوع، وتحديدا هجوم طائرة وكالة الاستخبارات المركزية بلا طيار في اليمن وقتلت زعيم القاعدة في اليمن والضربة العسكرية الأمريكية في ليبيا التي يُعتقد أنها قتلت قادة في التنظيم ذاته، كما أفاد التقرير.
وتحققت السيطرة على تل أبيض بعد ثلاثة أيام فقط من القتال الخفيف في المدينة وأسبوعين من الضربات الجوية المركزة التي تقودها الولايات المتحدة من حول المدينة
ورأى مسؤولون أمريكيون في هذه السيطرة انتصارا كبيرا من المرجح أن يعزل الرقة لبعض الوقت، ذلك أن خط الإمداد الرئيس لتنظيم الدولة يمر عبر تل الأبيض، التي تقع على الحدود التركية. لكنهم قالوا إنهم يتوقعون أن يحاول مسلحو داعش فتح خطوط إمداد جديدة لجلب مقاتلين من الخارج إلى سوريا.
وقد رفض المسؤولون الأمريكيون تحديد الخطوات المقبلة للقوى المعادية لتنظيم الدول في سوريا، سواء في أكان في الرقة أم في أي مكان آخر.
وكشف تقرير الصحيفة أن الولايات المتحدة قد كثفت تركيزها على مدينة تل أبيض والعمل مع قوات ميلشيات YPG الكردية منذ أكثر من شهرين. ولكن وفقا لمسؤول أمريكي، اختار الائتلاف المحارب، بقيادة الولايات المتحدة، أن لا يثير الانتباه ولا أن يسلط الضوء على أهمية المدينة بالنسبة لأمريكا أو الأكراد، فيما أدرك مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية، قبل نحو أسبوعين، أن الأكراد يحرزون تقدما.
وقال مسؤول أمريكي إن مقاتلي داعش حاولوا تعزيز دفاعات المدينة، ولكن بعد فوات الأوان. “ركز تنظيم الدولة كثيرا على الرمادي وبيجي ولم ينتبهوا إلى ما يحدث وراءهم”، كما صرح مسؤول أمريكي للصحيفة، مضيفا: “إنه انتصار كبير جدا”.
وقال المقاتلون الأكراد وحلفاؤهم إن التقدم الأخير كان مدعوما بالضربات الجوية الأمريكية في المنطقة المحيطة بالرقة، حيث نفذت قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة 23 غارات جوية بالقرب من المدينة خلال الأسبوعين الماضيين، وكان هذا أكثر من ضعف الرقم في المنطقة نفسها خلال شهر مايو بأكمله.
وقالت الصحيفة إن عملية تل الأبيض كانت جزءا من جهد متعدد الجوانب لقطع خطوط إمداد تنظيم الدولة الإسلامية، ليس من خلال تركيا إلى الرقة، فحسب، ولكن أيضا عبر الحدود السورية الأخرى مع العراق. ذلك أن التعزيزات من المقاتلين والأسلحة من سوريا أنعشت قوات الدولة الإسلامية في العراق.
وأفاد التقرير أن هجوم تل أبيض عكس المعركة المدعومة من الولايات المتحدة والتي خاضها مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية YPG في وقت سابق من هذا العام في المدينة الحدودية السورية “كوباني”. وتُعدَ المعركتان جزءا من هجوم أوسع تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، تشكل فيه الميلشيات الكردية الشريك الأساس على أرض الواقع.
ويعترف مسؤولون بأن إستراتيجيتهم في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في المناطق الكردية، حيث تم استعادة 12 ألف ميل مربع من مقاتلي داعش، تحقق مردودا أفضل مما عليه الوضع في المناطق ذات الغالبية السنية مثل تلك الموجودة في العراق. وذلك راجع، إلى حد كبير، لأن الأكراد متحدون ضد مقاتلي داعش، في حين لا تزال العشائر السنية منقسمة، وفقا للتقرير.
ويقول مسؤولون في قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة إنهم ينسقون عن كثب مع الأكراد في شمال سوريا من خلال تبادل المعلومات الاستخبارية والدعم اللوجستي، كما فعلوا مع قوات البيشمركة الكردية في شمال العراق. ولكن في العراق، على عكس سوريا، فالولايات المتحدة تعتمد على المستشارين المتمركزين في البلاد.
وقال التقرير إن مكاسب المعركة الأخيرة من شأنها أن تعزز سلطة ميلشيات YPG الكردية، إذ إن الأكراد السوريين يسيطرون حاليا على أزيد من 245 ميل من الأراضي من كوباني شرقا على الحدود السورية-التركية. وفي تقدير المسؤولين الأمريكيين، فإن الجزء الوحيد من الحدود الذي لا يزال يخضع لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية يمتد بين كوباني وحلب.