أثارت السفيرة الأمريكية الجديدة في الأردن، «أليس ويلز» حالة من الجدل والغضب والتساؤلات في الشارع الأردني حول تحركاتها التي وُصفت بـ«المريبة في أعماق المجتمع» وتدخلاتها في شئون المملكة.
وبحسب مصادر، فإن «ويلز» قامت منذ أيام قلائل بزيارة قبيلة بني حسن، وهي القبيلة الأكبر والأهم في الثقل العشائري، ومما زاد هذه الحالة من الجدل تجاه الزيارة أنها جاءت بعد أيام قليلة من رعايتها للحفل الخاص بالمثليين في الأردن، وبعد زيارة قامت بها لمدينة الزرقاء المكتظة بالسكان لـ«الاطلاع على البنية التي تقاوم الإرهاب»،على حد قولها.
وقد أثارت زيارة السفيرة الأمريكية لكبرى القبائل الأردنية اعتراضات واسعة، خصوصا وأن شخصيات من القبيلة اضطرت للتنصل من الزيارة وإصدار بيان يستنكرها ويشجب مضمونها، ويطالب وزارة الخارجية بوضع حد لمثل هذه التدخلات في الشأن الداخلي الأردني.
وتمحور الرفض القبلي والعشائري لزيارة «ويلز» حول طبيعة الأسئلة التي طرحتها السفيرة على أبناء القبيلة المهمة، حيث استفسرت عن طبيعة العلاقة بين الشباب والشيوخ في القبيلة وعن مرجعيات الشباب في العمل السياسي والاجتماعي، كما اقتربت -بحسب المراقبين- من منطقة حساسة عندما طرحت على من استقبلها من مشايخ «بني حسن» عن حصة أبناء القبيلة من الوظائف في القطاع الحكومي، وهو السؤال الذي اعتُبر «نمطا من الاستفسارات المقلقة المحرضة على الحكومة الأردنية»، وأن الأسئلة في مجملها أقرب إلى الأسئلة الاستخباراتية.
من جهتها امتنعت الحكومة الأردنية عن التعليق على زيارة السفيرة الأمريكية المفاجئة، كما التزمت وزارة الخارجية الصمت، فيما اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتحذيرات والتعليقات السلبية ضدها.
رعاية حفل للمثليين بعمان
وبحسب صحيفة «القدس العربي» اللندنية، فإن مصادر كانت قد كشفت قبل ذلك لها عن رعاية السفيرة «ويلز» لحفل أقامه المثليون في العاصمة عمان، حيث ترددت أنباء عن «أقارب للسفيرة» من الفئة المثلية رافقتهم في رعاية نشاط لأسباب عائلية وليست رسمية.
و قد أثار نشاط هؤلاء المثليين عاصفة من الجدل، واعترضت عليه بشدة جمعية علماء المسلمين واعتبرته «رعاية أمريكية لنشر الرذيلة في المجتمع الأردني المسلم تتطلب أن يوضع لها حد».
وفي تعليقها أيضا عن خلفية رعايتها ودعمها لحفل المثليين في العاصمة عمان، قالت «ويلز»: «احترم ثقافة الأردن في هذا الموضوع ولكنني أحاول أن أوصل الفكرة للجميع، ويجب أن تفهموا هذه المعلومات جيدا، فيما نحاول ألا نتعرض للثقافة في الأردن»، ونقلت السفيرة الأمريكية في اللقاء، عن وزيرة الخارجية السابقة «هيلاري كلينتون» قولها: «حقوق الإنسان هي حقوق المثليين، وحقوق المثليين هي حقوق الإنسان».
من جانبها استدعت الولايات المتحدة الأمريكية سفيرتها في الأردن، «أليس ويلز»، على خلفية مشاركتها في حفل للمثليين في عمّان، في حادثة أشعلت هي الأخرى غضب الشارع الأردني، وقدم المحامي الأردني «طارق أبو الراغب»، شكوى بحق المشاركين بفعالية هؤلاء الشواذ في أحد مقاهي عمان وعلى رأسهم السفيرة الأمريكية. بينما لم تصدر أي جهة رسمية أردنية أي تصريح أو تعقيب على الحادثة، سوى نفي إقامة الفعالية من الأساس بحسب ما أفاد به محافظة العاصمة «خالد أبو زيد»، مؤكدا أنه لم يتم الإبلاغ عن تنظيم اجتماع للمثليين بمنطقة اختصاصه.
مصادر مطلعة أكدت أنها استطاعت التوصل إلى عراب تنظيم الاحتفال، بالتعاون مع جمعية أردنية ومنظمة داعمة لحقوق المثليين والمتحولين جنسيا، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية، بحسب «القدس العربي».
«منسف أردني» باللحم الأمريكي
ولم تتوقف تدخلات السفيرة الأمريكية، في خصوصيات المجتمع الأردني وشئون المملكة الداخلية عند هذا الحد، فقبل ذلك أطلقت السفيرة دعوة إلى الأردنيين لتجربة طهي وجبتهم الشهيرة «المنسف الأردني» باللحوم الأمريكية المستوردة، وسبق ذلك رعايتها لمعرض خاص باللحوم الأمريكية المستوردة حيث تم تقديم وجبة منسف تقليدية أردنية مطهية باللحوم الأمريكية وطالبت الحاضرين بتذوقها.
دعوة للتطبيع مع إسرائيل
وواصلت السفيرة الأمريكية إثارتها للجدل من خلال محاضرة اقتصادية ألقتها في جلسة نقاشية عقدت في ملتقى «طلال أبو غزالة المعرفي» حضرها أكثر من 1500 من رجالات السياسة والاقتصاد إضافة إلى عدد من الشباب والرواد في مجال حقوق الانسان والمرأة، وأخذت تشجع وتحث في محاضرتها على زيادة حجم التبادل التجاري بين الأردن وإسرائيل، قائلة: «بما أن الحرب والإرهاب قد قلل من التجارة مع الشركاء التقليديين للأردن فإن هناك فرصة لفتح المزيد من الممرات التجارية في أرجاء المنطقة».
وأضافت: «لقد تفاجأت كثيراً عند وصولي إلى الأردن بأن قيمة التبادل التجاري بين الضفة الغربية وإسرائيل تصل إلى 4 مليارات دولار سنويا بينما يبلغ حجم التبادل التجاري مع الأردن 100 مليون دولار فقط، وبالرغم من أن الكثير من الشاحنات الأردنية مطابقة للمعايير الإسرائيلية إلا أنه لا يمكنها عبور الحدود، كما يجد رجال الأعمال صعوبة في الحصول على التأشيرات الإسرائيلية، ومن جانب آخر، يجب تفريغ حمولة الحاويات من ميناء حيفا على منصات قبل شحنها إلى الأردن عوضاً عن نقلها في شاحنات عبر الحدود مباشرة».
وفي تعليقها على أحد الأسئلة حول هذا الموضوع، أكدت «ويلز» أن هناك معيقات تضعها (إسرائيل) في طريق التجارة بين الضفة الغربية والأردن، كما أن هناك معيقات تضعها الأردن في تجارتها مع (إسرائيل)، مشيرة إلى أنه على الأردنيين أن يستخلصوا كل الأرباح الاقتصادية التي تدعمها معاهدة السلام مع (إسرائيل) والوصول إلى السوق بكل حرية، على حد قولها.
يُذكر أن «أليس جي ويلز» كانت قد عينت كسفيرة للولايات المتحدة الأميركية في الأردن في 28 يوليو/تموز من عام 2014 الماضي، وشغلت منصب مستشار في مكتب شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية، ومساعدة خاصة للرئيس لشؤون روسيا وآسيا الوسطى في البيت الأبيض من 2012/2013، وشغلت أيضاً منصب مساعدة تنفيذية لوزيرة الخارجية «كلينتون» من 2011/2012، والمساعد التنفيذي لوكيل الوزارة للشؤون السياسية «وليام بيرنز» بين الأعوام 2009/2011.
كما شغلت السفيرة «ويلز» من 2006/2009 منصب مستشار بدرجة وزير للشؤون السياسية في سفارة الولايات المتحدة في موسكو، وعملت سابقا كمديرة للشؤون المغربية ومديرة بالإنابة لشؤون مصر وشمال أفريقيا في مكتب شؤون الشرق الأدنى ، كما عملت أيضاً كموظفة في القسم السياسي في سفارة الولايات المتحدة في نيودلهي وإسلام أباد والرياض.
السفيرة «ويلز» حاصلة على درجة البكالوريوس من جامعة ستانفورد وماجستير مشترك من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس/مؤسسة راند، وتتحدث السفيرة ويلز اللغة الروسية ودرست اللغة العربية والأوردو والهندية.