يشير الكاتب إلى أن ما يحدث في الشرق الأوسط والدول العربية من اضطرابات بداية من غزة والوضع الداخلي فيها ووضعها المضطرب مع مصر وسوريا وليبيا والعراق هو في النهاية في صالح “إسرائيل”، راصدا تحركات داخلية في “إسرائيل” لتحقيق أكبر استفادة مما يحدث في الشرق الأوسط وخصوصا في سوريا وعلاقة غزة بمصر.
وإلى نص المقال:
كان حادث إطلاق صاروخ جراد الذي سقط على حديقة يفنه، من غزة منذ عملية الجرف الصامد في صيف 2014، حدثا محليا تم احتوائه بسرعة, بفضل الحذر الذي يتسم به وزير الحرب موشيه يعلون ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
يجب ألا تؤثر الحادثة على الاهتمام بالأمور المهمة التي تحدث في الشرق الأوسط وتتصل بالامن القومي لإسرائيل، وهي الحروب في سوريا والعراق، والتي تقضي على الدولتين، أو ما تبقى منهما, وأيضا ما تقوم به “الدولة الإسلامية-داعش” في الاسابيع الاخيرة.
إن السبب وراء اطلاق الصواريخ من غزة هو خلاف داخل الجهاد الإسلامي, حيث رفض بعض النشطاء تعيين أحد القادة المحليين في المنظمة.
كما دخلت “إسرائيل” وحماس والجهاد الإسلامي دخلوا في خلاف مؤخرا مع إيران،وهم لا يريدون التصعيد الذي قد يقود إلى حرب رابعة في غزة. وتتصرف “إسرائيل” عمليا في غزة على النقيض من مصالحها الأمنية. وكانت “إسرائيل” تريد التوصل إلى ترتيب على المدى البعيد، ولكن من الواضح أن الأمر غير ممكن، ليس بسبب تعثر الحوار بين “إسرائيل” وحماس بل بسبب الفيتو من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
إضافة إلى ذلك،تتعاظم كراهية السيسي للتنظيم الإسلامي الذي يفقد بسببه عقله. ووفقا لما يراه النظام في القاهرة فإن حماس والإخوان المسلمين هما الشيء ذاته. ويتهم السيسي حماس بالتعاون مع جماعة أنصار بيت المقدس، التي أعلنت ولاءها لداعش وغيرت اسمها إلى “ولاية سيناء”، ولا يوجد دليل على ما يدعيه النظام المصري حول تلك علاقة، كما أنه بالتأكيد لا توجد مساعدة منظمة من حماس للإرهاب في سيناء.
ولا تريد “إسرائيل” الحوار مع حماس، خوفا من غضب السيسي وبالتالي سوف يقل التعاون الامني والاستخباراتي بين الدولتين.
في شأن آخر تلقى الجيش السوري هذا الشهر ضربات قوية على عدة مستويات ، وحليفه رئيس حزب الله حسن نصرالله، تحدث بشكل يدل على الضغط الذي يعاني منه بسبب انجازات المتمردين”الثوار” وعلى وجه الخصوص داعش.
إن وضع الرئيس الأسد صعب وهو يسيطر على ربع سوريا، فقط دمشق ومركز حلب، والشوارع الرئيسية للمدن الكبرى والشواطيء واللاذقية وطرطوس، ومواقع المدينة العلوية التي ينتمي اليها. كما تضررجيشه بشكل كبير في الحرب وسقط آلاف الموتى وعشرات آلاف الجرحى والهاربين، ولكن لا تزال الطائرات تلقي القنابل وتصيب الأبرياء من ابناء شعبه.
كما نجح النظام في الحفاظ على خطوط الامداد داخليا وخارجيا،فيدخل السلاح والذخيرة من إيران إلى داخل دمشق كما تصل السفن الروسية الموانيء، كذلك لا توجد أهمية كبيرة لوجود ما يقرب من70 في المائة من أراضي سوريا تحت سيطرة “الثوار”, حيث أنها فقط صحراء في الشرق ومدن دير الزور والرقة التي اعلنها داعش عاصمة له.
ويطرح السؤال: ماذا على “إسرائيل” أن تفعل؟؟
إن السياسة الإسرائيلية بعدم التدخل في سوريا حتى الآن معقولة، حتى وان كانت غير اخلاقية تجاه مقتل شعب. وإن “إسرائيل” عندما تدخلت في سوريا قامت بعشرة ضربات جوية دون أن تعلن مسؤوليتها ضد قوافل السلاح الجديد والمتطور وعلى وجه الخصوص الصواريخ عالية الدقة التي كانت في طريقها إلى حزب الله، أو عندما اطلقت النار من سوريا باتجاه “إسرائيل” كان هناك خطر بان يكون هذا هو الرد السوري، وإيران وحزب الله، ولكن هذا لم يحدث حتى الآن، لأنه مثلما هو الوضع في غزة، جميع الأطراف لا تريد التصعيد.
إن “إسرائيل” هي المستفيد الاكبر من الحرب الأهلية في سوريا ومن سقوط الشرق الأوسط، ذلك لأن أعداءها يستنزفون بعضهم البعض ولا يوجد تقريبا اهتمام منهم بمحاربة “إسرائيل”.
وبالرغم من ذلك فإنه على الأجهزة الأمنية وصناع القرار إعلان مواقفهم بسرعة, حيث يحظى داعش أو النصرة باهتمام من الجار في الغرب، ويحضرون سيناريو لرد الفعل، ونامل أن لا يحدث ذلك.
ترجمة لمفكرة الإسلام/ إسلام كمال الدين