وصف الكاتب الصحفي جمال سلطان، رئيس تحرير “المصريون”، الصراع بين الرئيس عبدالفتاح السيسي، والفريق أحمد شفيق، المرشح الرئاسي والذي برز على السطح خلال الفترة الأخيرة، بعد منع بث مقابلة تلفزيونية للأخير وممارسة ضغوط عليه لعدم العودة إلى مصر بـ “معركة قطع الرقاب” بين الطرفين.
وعلق سلطان على عبارة “المقاتل ميسبش رقبته لأعدائه عشان يطيروه”، التي وردت في حوار شفيق الممنوع من العرض الذي أجراه مع الإعلامي عبدالرحيم علي، لأسباب “قيل أنها تتعلق بطلب جهات سيادية عدم إذاعته، وتحفظت على نسخه”، قائلاً إن “هذا التعبير من شفيق يمكن أن يحدد لنا بوضوح طبيعة العلاقة بينه وبين السيسي ونظامه: أعداء”.
إذ لاحظ سلطان في مقاله المنشور بـ “المصريون”، تحت عنوان “أسرار معركة قطع الرؤوس بين شفيق والسيسي”، أن “هذه هي أول مرة تكشف فيها العداوة بشكل صريح بين الرجلين، وأنها تصل إلى مستوى “قطع الرقاب”.
وقال إن “منع الجهات السيادية، الرئاسة أو المخابرات، إذاعة حوار شفيق يعني أنها قلقة منه للغاية، وأنها تشعر بالخطر من نشر هذا الكلام، وربما هذا ما أضفى المزيد من الجاذبية والإثارة على هذا الحوار الخطير”.
مع ذلك، بدا واثقًا أن فحوى الحوار سيخرج إلى العلن، إذ “المؤكد أن نسخة منه موجودة في أبو ظبي، ونسخة أخرى في “أيد أمينة” أخرى بالقاهرة، وأن هذا الحوار سيجد طريقه للنشر بصورة أو أخرى في الفترة المقبلة، في الوقت والظرف المناسبين”.
ولاحظ سلطان أن شفيق في حواره، حسب المقتطفات “البرومو” التي تم بثها منه لتسويقه إعلاميًا، “وضح أنه كان عنيفًا وهجوميًا وأكثر قدرة على التحدي والثقة بالنفس، وقد لوح للجميع من أصحاب القرار في السلطة بأن لديه وثائق ومعلومات ومستندات يمكنها أن تدين الجميع، حسب قوله، وحذر الأجهزة الأمنية بشكل خاص وطلب منها الصمت وأن “تتلم” لأنه يملك الكثير الذي يدينها، وقال إن أحدًا لا يجرؤ على منعه من الترشح أو العمل السياسي في مصر، كما أبدى إصراره على انتزاع حكم قضائي بخصوص انتخابات 2012 أمام الدكتور محمد مرسي، حيث يصر شفيق على أنه هو الفائز بها، وأنه مصر على استكمال التحقيقات حتى النهاية”.
وذكر سلطان أن “هذه التحقيقات أثارت جدلا واسعا في مصر تم دفنه سريعًا، ومعارك داخل المؤسسة القضائية ذاتها وتراشق إعلامي بالاتهامات بين قاضي التحقيق فيها وبين رئيس محكمة الاستئناف الذي رفض استكمال التحقيق وسحب الملف من قاضي التحقيق عنوة، وألمح قاضي التحقيق إلى وصوله إلى ما يدين اللجنة العليا للانتخابات حتى أنه طلب ضبط بعض رجالها والقبض عليهم بعد رفضهم المثول للتحقيق، وما زال هذا الأمر معلقا بصورة غريبة”.
ولاحظ رئيس تحرير “المصريون”، أن “السيسي ـ في رحلته لألمانيا ـ أعلن ـ بشكل مجاني لم يطلبه منه أحد ـ أن الانتخابات كانت صحيحة وأن مرسي فاز بالانتخابات بشفافية، وهذا كلام غريب في ظل تلك الظروف، كما أنه يمثل قطعا للطريق على تحقيقات ما زال القضاء ينظرها في موضوع تلك الانتخابات وكان أولى بالرئيس أن لا يتدخل في شأن منظور أمام القضاء حتى الآن”.
وتابع “قد فهم أن السيسي بكلامه هذا كان يبعث برسالة لشفيق وليس لأنصار مرسي ولا حتى للدوائر الغربية، وأن السيسي يشعر بانزعاج شديد من تمسك شفيق بهذه المسألة، لأن إعلان القضاء أن شفيق هو الفائز سيقلب الأمور رأسا على عقب الآن، سياسيا ودستوريا”.
واعتبر سلطان أن “شفيق ما زال حتى الآن هو الشخصية الأكثر حظا في خلافة السيسي، البديل الممكن، سواء بالمعايير المؤسسية أو الشعبية أو الإقليمية.
شفيق كان على رأس السلطة، رئيس وزراء مصر، في أكثر لحظات الثورة قلقا، من 29يناير 2011 وهو صبيحة يوم ميلاد الثورة الحقيقي إلى 3 مارس 2011، وهذه الفترة فيها من الأسرار غير المعلنة عن دور أجهزة الدولة ومؤسساتها الصلبة في أحداث مهمة والعمليات الغامضة التي تمت لاغتيال بعض الشخصيات ما لم يتم الكشف عنه حتى اليوم، ويعرفه شفيق”.
ووصف سلطان، شفيق بأنه “كان شريكا كاملا في التنسيق للإطاحة بمرسي على مدار العام الذي حكم فيه من أول يوليو 2012 إلى 30 يونيه 2013، وهو ما يعني أن لديه بالفعل معلومات تفصيلية عن الترتيبات والأجواء التي عملت فيها أجهزة ومؤسسات وتنظيمات وشخصيات مهمة وعلاقات كل ذلك بجهات أجنبية وبخاصة في الخليج تحضيرا لإنهاء دور مرسي والإخوان، كما أن هناك عددا كبيرا من القيادات الأمنية الحالية كانت هاربة ومقيمة في دبي وأبو ظبي أثناء تلك الفترة ولم يكن شفيق بعيدا عنها”.
وقال إن “شفيق يملك ما يخيف السيسي، هذه حقيقة أصبحت مفروغا منها الآن، بعد منع إذاعة حواره بقرار رسمي، وهناك معركة صامتة لكنها عنيفة للغاية وفيها قطع رقاب بين الاثنين ، هذه ـ أيضا ـ أصبحت حقيقة فعلا باعتراف شفيق نفسه ، فلم يعد الأمر مجدر تخمين ، وربما كانت معركة السيسي مع شفيق الآن أخطر من معركته مع الإخوان وأنصار مرسي.
يبقى اللغز الحقيقي في هذا الموضوع متعلقا بالدور الإماراتي، فالإمارات تحتضن شفيق وتحميه وترعاه، والإمارات تسلم أي شخص مشكوك فيه إلى القاهرة بصورة سهلة وبسيطة وبمجرد الإشارة ، فضلا عن أنها لاتسمح لأي مخلوق أن يتكلم أو ينتقد القاهرة من أراضيها، وهي الداعمة الأولى والرئيسية لنظام 3 يوليو”. ما دفعه للتساؤل: “فلماذا تصر على حماية شفيق ومنحه مساحة ليست قليلة من “اللمز” في السيسي؟، هذا هو السؤال، أيضا سفر عبد الرحيم علي، وهو الإعلامي المصري المقرب كثيرا من الإمارات، سفره إلى هناك بقصد إجراء الحوار مع شفيق بشكل علني، يعني موافقة ضمنية ـ بداهة ـ من السلطات الإماراتية على إجراء الحوار، هذا إن لم يذهب بنا الظن إلى أنه بترتيب منها ومباركة”.
ومضى رئيس تحرير “المصريون”، متسائلاً: “فما هي حسابات الإمارات في ملف شفيق / السيسي ، هذا هو السؤال ، ولا يمكن لأي مراقب تجاهل حقيقة أن زيارة الشيخ محمد بن زايد ، الرجل الأقوى في الإمارات ، للقاهرة بشكل مفاجئ هذا الأسبوع لم تكن بعيدة عن موضوع انزعاج القاهرة من دور شفيق وخططه ، وتكشف تلك الزيارة أيضا عن أن زيارة الوفد الأمني المصري الرفيع للإمارات الأسبوع الماضي لإسكات شفيق باءت بالفشل ولم تجد آذانا تصغى لها في أبو ظبي”.