بينما يمر العام الأول للسيسي في منصب الرئيس، تتهم جماعات حقوق الإنسان إدارته بتسريع وتيرة قمع المعارضة، مع صعود في حالات الاختفاء القسري، وفقا لصحيفة التليجراف البريطانية.
إسراء الطويل، هي مصورة مصرية، كانت وجها معتادا في المظاهرات المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي، لكن رصاصة شرطة ارتدت لتصيب عمودها الفقري في يناير من العام الماضي، تاركة إياها عاجزة عن الحركة، دون استخدام عصا، بحسب الصحيفة.
جالسة على سريرها، وقدا بدت عليها مشاعر القنوط، وحولها صور أصدقاء قضوا نحبهم، أو زج بهم في غياهب السجون، علقت إسراء، في مقابلة سابقة، قائلة: “ لقد دفعنا ثمنا غاليا من اجل تلك المعركة، لست متيقنة من أنها تستحق ذلك..لست منخرطة في عالم السياسة هذه الأيام”.
ولكن على ما يبدو أن الأمر ليس باختيار إسراء الطويل، ففي 1 يونيو الجاري، انضمت إسراء إلى صفوف المعارضين المفقودين.
وتوجه جماعات حقوقية اتهامات لنظام السيسي بتسريع القمع، تحت غطاء “حرب ضد الإرهاب” شهدت اختفاء لإعلاميين ونشطاء وأنصار لجماعة الإخوان.
الاحتجاجات جرى حظرها بالفعل، كما أن عضوية جماعة الإخوان باتت تهمة جنائية.
وحتى حركة 6 أبريل العلمانية، التي نالت تقدير كبير لدورها في اندلاع ثورة يناير، جرى وضعها في القائمة السوداء، كمنظمة إرهابية.
ووفقا لبعض التقديرات، فإن إسراء هي واحدة من 66 شخصا اختفوا دون أي أثر في فترة لا تتجاوز الشهرين، وقد يتجاوز العدد الحقيقي تلك التقديرات، جراء عدم الإبلاغ عن بعض الحالات، وفقا لمراقبيه.
وبحسب إحصائيات، جمعتها حركة “الحرية للشجعان”، والتي تتألف من جماعة من المحامين المتطوعين، فإن القاهرة كانت مسرحا لأغلب حالات الاختفاء القسري.
ووثقت الحركة العشرات من حالات الاعتقال التعسفي خلال الفترة المذكورة، حيث يحرم المحتجزون من حق الاستعانة بمحامين، أو الاتصال بذويهم، بحسب تقرير التليجراف الذي أعدته المراسلة لويزا لوفلوك.
ومع احتجاز عشرات الآلاف منذ الإطاحة بمرسي في يوليو 2013، قال حقوقيون إن تتبع هذا الكم الهائل من الحالات يبدو مثل إحصاء حبات الرمل.
من جانبه، قال ناصر أمين عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان: “ الإحصائيات مرعبة”، وأوصت منظمته حكومة السيسي ببناء سجون جديدة لاستيعاب العدد الكبير من السجناء.
وداخل سجون مصر المكدسة و”القذرة”، والكلام للصحيفة، فقد أكثر من مائة حياتهم، معظمهم جراء تفاقم مشكلاتهم الصحية عبر حرمانهم من الرعاية الطبية.
عشية اختفاء إسراء الطويل، كانت تخطط لشراء طعام مكسيكي مع صديقين، وهما صهيب محمد وعمرو محمد، وكلاهما من أنصار مرسي.
وقالت مصادر من عائلتي هذين الشابين أن ذويهما رهن الاحتجاز، لكن مصير إسراء ما زال سرا غامضا.
ولم تستجب وزارة الداخلية لطلب الصحيفة البريطانية للتعليق، على حد قولها.
من جهته، قال سعد محمد، والد صهيب: “لا نستطيع العثور على أخبار ترتبط باختفائهم المفاجئ، لقد بحثنا في أقسام الشرطة، وقدمنا شكوى للنائب العام.
وفي تطور درامي، ربما يصدر النائب العام مذكرة ضبط للشاب المصري، بالرغم من وجوده المزعوم داخل السجن.
صهيب، 22 عاما، هو أحد طلاب متعددين يواجهون إعادة محاكمة جدلية، جنبا إلى جنب مع ثلاثي الجزيرة، الذين ألقي القبض عليهم أواخر ديسمبر 2013.
وعندما لم يمثل صهيب امام المحكمة الأسبوع الماضي، قال القاضي إنه سيصدر أمر ضبط، إذا لم يظهر في الجلسة التالية.
ورأى محامون أنه ليس هناك مخرج وحيد لهؤلاء الذين اختفوا على أيدي الدولة.
وفي تقرير لها الإثنين الماضي، اتهمت هيومن رايتس ووتش حكومة السيسي بالإشراف على “انتهاكات فجة” لحقوق الإنسان، منذ تقلد السلطة، وانتقدت غياب المساءلة على العديد من حالات قتل المتظاهرين، على أيدي القوات الأمنية، بالإضافة إلى الاعتقال الجماعي، والمحاكمات العسكرية لمدنيين، والمئات من أحكام الإعدام، والتهجير القسري لآلاف العائلات في شبه جزيرة سيناء.
واختتمت الصحيفة بتصريحات جو ستورك نائب مدير هيومن رايتس وواش في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: “ حكومة السيسي تتصرف كما لو أن استعادة الاستقرار يستلزم جرعة من القمع لم تشاهد منذ عقود، تلك المعاملة هي في الواقع قتل للمريض”.