يرتبط الغزل في الشعر العربي بالتعبير عن حب الرجل للمرأة. وفي موريتانيا وجنوب المغرب المرأة تتغزل بالرجل، ولا تمنعها التقاليد من أن تبوح بما في دواخلها من أشواق.
وينتشر فن “التبراع” بين النساء الموريتانيات بكثرة.
و”التبراع” هو كلمة محلية تعني باللهجة الحسانية تغزل المرأة بالرجل. فهي تعبر عن أشواقها حينا، وتفرط في وصف مفاتن حبيبها أحايين أخرى.
ويرد التبراع في بيت شعري واحد، فلا توجد في التبراع قصائد إطلاقا.
ويعرف موقع الموزون الموريتاني المختص في الأدب الشعبي، التبراع بأنه “أدب نسائي مليء بالعاطفة والشوق، ويمكن القول بأنه دائما يكون في غرض الغزل لتكلمه عن المحبوب برقة”.
ويرجع بعض الباحثين تفجر شاعرية المرأة الموريتانية إلى القيود الاجتماعية التي كانت مفروضة عليها.
إذ كان المجتمع يضع عراقيل كبيرة أمام المرأة الراغبة في لقاء حبيبها، وتقل فرص اللقاء ووسائل التواصل.
وهنا تلجأ سيدة للتبراع قائلة “ما نكدر نصبر … أشهر شهرين اثلت اشهر”
ومعناه أنها لا تستطيع الصبر على فراق حبيبها شهرا ولا شهرين ولا ثلاثة أشهر.
ولا تذكر المرأة حبيبها بالاسم، وتكتفي فقط بالتلميح.
والشيء ذاته ينطبق على الحبيبة، فهي لا تذكر اسمها، وتبقى مجهولة دائما؛ في حين تتكلف إحدى صديقاتها بنقل ما جادت به قريحتها إلى مجلس نسائي، أو ترسل التبراع إلى حبيبها.
ويرجع الناقد الموريتاني الشيخ ولد سيدي عبد الله ذلك إلى أن المرأة إذا “اضطرت للتعبير عن حالات نفسية ذات صبغة حميمية (فهي) تتخذ السرية والحديث وراء الستار وسيلة للترويح عن آهاتها الغرامية”.
والعاشقة في موريتانيا إما أن تفيض بمشاعرها أو تبرز وسامة حبيبها.
وهنا نموذجان من اظهار المرأة لمشاعرها:
لا ترفد عني … حمة ذ السقم الماكني
ومعناه الفصيح أنها أصيبت بالحمى من شدة الشوق إلى حبيبها.
من متن البي.. وسيت الدشره باديه
ويعني هذا أن الفتاة عشقت حبيبها لدرجة أنها لم تعد تميز بين المدينة والبادية
وهذان مثالان على وصف وسامة الحبيب:
عندو تبسيمه .. تحيي العظام الرميمه
وتقصد هذه الفتاة أن ابتسامة حبيبها يمكن أن تعيد الحياة إلى العظام الرميمة.
شفت في الكوة.. كشيت أنو تمرة أحلو
في هذا البيت تقول العاشقة إن حبيبها حلو كثيرا، فحين رأته من النافذة ظهر مثل التمرة من شدة جماله.