زهير أندراوس: على الرغم من عدم حضور أيّ مندوب أوْ ممثّل عن المملكة العربيّة السعودية لمؤتمر هرتسليا المُنعقد في هذه الأيّام، إلّا أنّه تمّ تسجيل تطورًا لافتًا للغاية، حيث كُشف النقاب عنه قبل أيام من انطلاق أعمال مؤتمر هرتسيليا الذي بدأ الأحد، أعلن مدير “معهد السياسة والإستراتيجيّة المتعدد المجالات التابع لمؤتمر هرتسيليا” ألكس مينتز، عن قيام المعهد بإجراء استطلاع للرأي في المملكة العربيّة السعودية، استصرحت فيه نسبة من المواطنين السعوديين حول عدد من القضايا التي سيتناولها المؤتمر.
وقال مينتز، في مقابلة مع وكالة (AP) أوّل من أمس، إنّه معجب جدًا بنتائج استطلاع الرأي، وتابع قائلاً إنّ ما نُفكّر فيه عن السعوديين هنا في إسرائيل ليس تمامًا ما هم عليه، هناك وضوح كبير في المصالح والتهديدات المشتركة، حتى أنّ بعضهم يرغب في الانضمام إلى القوات الإسرائيلية، على حدّ قوله.
وبيّن الاستطلاع، الذي نُشر على موقع المؤتمر، بينّ أنّ السعوديين يرون أنّ إيران عدوهم الأكبر لا إسرائيل، وفي هذا السياق عبّر يعبر 25 بالمائة من المستطلعة آراؤهم أنّ على إسرائيل والسعودية أنْ تتوحدا في وجه إيران، فيما عبرت الغالبية 85 بالمائة عن دعمها لمبادرة السلام السعودية مع إسرائيل، علمًا بأن هذا الاستطلاع يأتي في خضم الحديث عن لقاء إسرائيليّ ــ سعوديّ في واشنطن، جمع مدير وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، د. دوري غولد، مع د. أنور العشقي، وهو من أقرب المُقرّبين للعائلة المالكة في الرياض، والذي كان قد أدلى قبل عشرة أيّام بلقاءٍ صحافيّ جرى في الدوحة، لصحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيليّة، وقال فيه إنّ نتنياهو هو الرجل المُناسب لصنع السلام بسبب قوته السياسيّة في إسرائيل.
وبالأرقام، أشار الاستطلاع إلى أنّ 53 بالمائة من السعوديين يرون في إيران عدوهم الأساسي، فيما أعرب 22 بالمائة من المشاركين عن أنّ عدوهم الأساسي هو تنظيم الدولة الإسلاميّة، على أن 18 بالمائة فقط أكّدوا في سياق أجوبتهم على أسئلة الاستطلاع الإسرائيليّ على أنّ الدولة العبريّة هي عدوهم الأساسي. وبحسب موقع (تايمز أوف أزرائيل) فقد نُظمّ الاستطلاع بالتعاون مع جامعة “فيسكونسين ــ ميلفيكي” في الولايات المتحدة الأمريكيّة، وشارك فيه عينة من 506 مشاركين عبر الهاتف، وقد أجري الاستطلاع خلال الأسابيع الأخيرة برغم غياب علاقات دبلوماسية ظاهرة بين الدولتين.
علاوة على ذلك، بينّ الاستطلاع أن معظم السعوديين يعتقدون أنّ دولتهم يجب أنْ تمتلك أسلحة نووية إذا امتلكت إيران أسلحة كهذه. ولكنّ مينتز أكّد على أنّه سيكشف عن النتائج النهائية للاستطلاع في مؤتمر هرتسليا، الذي يُعّد أحد أهم المؤتمرات الجامعة، للنخب العسكرية والسياسية في إسرائيل. وبدأت أعمال هذا المؤتمر السنويّ الأحد وتستمر ثلاثة أيام، إذْ سيُناقش في اليوم الأول حرب لبنان الثالثة، وإمكانية منع حصولها وما يمكن أن يحدث إذا وقعت وإمكانية الفوز فيها، كما يُناقش في اليوم نفسه الوضع الاجتماعيّ داخل إسرائيل وفجواته ومشاركة المرأة في العمل الدبلوماسي والأمن القومي. أمّا في اليوم الثاني، فسيُناقش وضع إسرائيل في شرق أوسط متصارع بناءً على الاستعراض الاستراتيجيّ وتقييم المعلومات الاستخبارية، وسيحل في هذا اليوم الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي ضيف شرف على المؤتمر.
وفي اليوم الأخير، سيكون البحث في الأمن القومي الإسرائيليّ عبر فقرات متنوعة تنتهي بإعلان التوصيات التي سيخلص إليها المؤتمر. ومن اللافت أن مينتز ذكر أن المستطلعة آراؤهم كان يتم الإجابة عن أسئلتهم بشأن الجهة التي تطلب الاستصراح، بأنها المركز المتعدد التخصصات (IDC) وهو الاختصار لمعهده، دون ذكر كلمة إسرائيل. في غضون ذلك، تناولت وسائل إعلامية إسرائيليّة استطلاع الرأي باهتمام بالغ، فقد رأى موقع (تايمز اوف إسرائيل) أنّ النتائج تُشير إلى أرضية مشتركة كبيرة بين السعودية وإسرائيل، بعدما كان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو صريحًا في انتقاده للاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية.
ودائمًا، كما يرى الموقع، فإنّ نتنياهو الذي يعتقد أنّ الجمهورية الإسلاميّة في إيران تسعى إلى الحصول على أسلحة نووية، يقول إنّ الاتفاق يترك الكثير من البنية التحتية النووية الإيرانية سليمة، ويُقّر بأنّ بعض الدول العربية التي لم يَكشف أسماءها، المملكة العربية السعودية ودول الخليج السنية الأخرى، تتشارك مخاوفه، على حدّ تعبير المصادر السياسيّة في تل أبيب، والتي تحدثت للموقع الإسرائيليّ.
(رأي اليوم)