تصعيد سياسي وإعلامي وعسكري متزايد ضد السعودية تتصاعد وتيرته كلما اقتربت مشاورات جنيف المقرر عقدها في 14 يونيو الجاري، بمشاركة الأطراف اليمنية برعاية الأمم المتحدة، وشكل التحالف بين إيران وأذرعها العسكرية بالمنطقة، وعلى رأسها قادة إيران العسكريين، وميليشيات الحوثي الشيعية المسلحة، وحزب الله بقيادة حسن نصر الله، أداة التهديد التي تحركها بشكل يومي ضد الرياض بأشكال مختلفة انطوت على تحذيرات واتهامات ومغالطات ميدانية، في إطار حرب المعلومات والحرب النفسية.
وتحاول إيران وحزب الله بسلسلة تهديدات متصاعدة، جذب دعم دولي لجماعة الحوثي، وتضخيم وضعهم العسكري الميداني، والتركيز على تفاقم الأوضاع الإنسانية باليمن لإضعاف موقف السعودية والتحالف العربي والحكومة اليمنية، أثناء العملية التفاوضية المرتقبة، بحسب مراقبين.
تهديد الداخل السعودي
على الصعيد العسكري تشهد الحدود اليمنية السعودية تصعيدًا غير مسبوق في القتال بين الحوثيين وقوات الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح من جهة، والمدفعية السعودية وطيران التحالف من جهة أخرى، وذلك قبل أيام من انطلاق مؤتمر جنيف في 14 يونيو الجاري، الذي يهدف للتوصل إلى تسوية الأزمة اليمنية.
وبحسب مصادر قبلية الأحد، فإن الحوثيين بدأوا سحب المئات من مقاتليهم من محافظات شمال الشمال والغرب التي لا تشهد معارك ميدانية، لإرسالهم باتجاه الحدود السعودية، وخصوصًا المتاخمة لمديرية جيزان.
وكشفت المصادر- وهي موالية للحوثيين- أن معارك عنيفة دارت منذ فجر الأحد، على الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية، وأن ما أسمته “اللجان الشعبية” التابعة لهم، والجيش الموالي لصالح، قصفوا بصواريخ الكاتيوشا “موقع الدود” العسكري في جيزان السعودية، و”أوقعوا قتلى وجرحى في الجنود المرابطين فيه”.
وقال إنهم أطلقوا عشرات الصواريخ على “المواقع العسكرية السعودية، التي تستهدف أبناء المناطق الحدودية في محافظتي صعدة وحجة”، خلال الـ24 ساعة الماضية.
وبحسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)- التي يسيطر عليها الحوثيون- نقلاً عن مصدرٍ عسكري لم تسمه، إن الجيش الموالي لهم و”اللجان الشعبية”، “أطلقوا 13 صاروخاً على موقع العشة العسكري السعودي في ظهران الجنوب، وخمسة صواريخ أورجان على شركة أرامكوا السعودية”.
ولفت المصدر إلى أن الحوثيين، أمطروا موقع “علب” العسكري السعودي في ظهران الجنوب بقذائف المدفعية، وأن هذه “الضربات الصاروخية والمدفعية، أدت إلى مقتل وجرح العشرات من الجنود وفرار الكثير من هذه المواقع”.
في المقابل، قامت القوات السعودية البرية بقصف مدفعي لمنفذ حرض اليمني، كما قصفت الطائرات قرى باقم وكتاف الحدوديتين في صعدة، وتجمعات حوثية في محافظتي عمران وحجة شمال الشمال اليمني، بشكل عنيف.
من جهتها قالت وزارة الدفاع السعودية إنها قامت بإرسال قوات برية إضافية إلى المناطق الحدودية مع اليمن، وذلك بعد يومين من قصف الحوثيين قاعدة الأمير خالد العسكرية في خميس مشيط بصاروخ اسكود.
وتعد تلك الضربات الحوثية تطورًا نوعيًا، فطيلة الشهرين الماضيين، اقتصرت ردة الفعل الحوثية تجاه الضربات السعودية بمناوشات بسيطة وقذائف مدفعية، قبل أن تعلن أواخر مايو الماضي، عن عملياتها العسكرية بشكل صريح، وتقول إن الجيش الموالي لهم واللجان الشعبية بدأت بقصف صاروخي على المواقع العسكرية السعودية. وذلك بالتزامن مع الإجراءات التمهيدية للحوار اليمني بجنيف.
حرب نفسية وحرب معلومات
على الصعيد السياسي والإعلامي تواصلت بلا انقطاع حملة سياسية وإعلامية من قبل إيران وحزب الله ضد الرياض، انطوت على تهديدات مع اقتراب مشاورات جنيف، وعقب إعلان جماعة الحوثي الذراع العسكري لإيران باليمن، والرئيس اليمني منصور هادي، الموافقة على إرسال وفد للمشاركة فيها.
فقد وصف نائب القائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية العميد حسين سلامي، ما أسماه “العدوان السعودي” على اليمن بأنه “أكثر حروب التاريخ غباء، لأنه يتبع منطق عالم الاستكبار للهيمنة على العالم الاسلامي”. بحسب قوله نقلا عن وكالة “فارس” في كلمة له أمس الأحد، خلال مؤتمر لأساتذة الحوزة العلمية عقد في مدينة قم “دعمًا للشعب اليمني”.
وقال “سلامي”: “إنه لا شيء يُرى في العدوان السعودي على اليمن سوى الباطل والاستكبار والخداع، والسعودية فشلت في الوصول إلى أهدافها لأنها تصورت بأنها يمكنها التوسع جيوسياسيًا، وأن تصل إلى بحر اليمن”.
وزعم سلامي “أن السعودية أطلقت حربًا عمياء، وحركة أنصار الله كانت في بداية الحرب منتشرة على مساحة 30 بالمائة من أرض اليمن، إلا أن مختلف القبائل قد تحالفت معها الآن، بحيث أصبح 80 بالمائة من المساحة الجغرافية لليمن مع الحركة بوجه السعودية، وهو ما يعد تطورًا تاريخيًا”. مما يعد استمرارًا للحرب المعلوماتية التي تشنها إيران وجماعة الحوثي ضد السعودية.
وبما يؤكد تخطيط إيران للأداء العسكري الحوثي وأنها وراء انتقال المعركة لحدود السعودية، بحسب مراقبين، تأكيد نائب القائد العام للحرس الثوري، “أن الحرب انتقلت من الداخل اليمني إلى الحدود مع السعودية، وأن السعوديين الذين يهاجمون اليمن بحرًا وجوًا قد قتل منهم 400 عسكري لغاية الآن، إلا أنهم لا يعلنون عن هذه الارقام، وعندما يتم احتلال قواعد عسكرية لهم لا يجرؤون حتى على تنفيذ هجوم مضاد، وعلى سبيل المثال غنم اليمنيون 30 دبابة في هجومهم على احدى القواعد العسكرية السعودية”.
وتكشف هذه الأرقام عن حرب معلومات تشنها إيران ضد السعودية لإلحاق هزيمة نفسية بها، وتكشف حجم التنسيق المباشر بين إيران وجماعة الحوثي، بحسب محللين.
باللغة نفسها وللهدف نفسه في إطار حرب نفسية ومعلوماتية ضد الرياض، انتقد الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله، المؤيدين والساكتين “عن العدوان السعودي الأمريكي على اليمن وشعبه”، معتبراً أن هذا الشعب “صامد بقوة وعازم على الانتصار وإلحاق الهزيمة بالمعتدين مهما بلغت التضحيات”، بحسب وصفه.
وزعم نصر الله في لقاء موسع برجال دين في مدينة قم الإيرانية عبر الشاشة، أنّ السعودية تعتمد على سياسية “التضليل الهائل لشعوب العالم والتزييف المكشوف للوقائع والحقائق، وقد سخّرت السعودية ومن معها في سبيل ذلك أضخم ماكينة إعلامية في العالم، من فضائيات وإذاعات وصحف ومواقع إنترنت ومنابر وعلماء وسياسيين ومحللين وكتّاب”.
وفي محاولة لجذب دعم دولي للحوثي قال نصر الله: “ما يحتاجه اليمن وشعبه اليوم، هو الدعم الصادق بكل أشكاله وأنواعه، فهو بحاجة إلى قول الحقيقة للعالم”، مشددًا على أن “الشعب اليمني بحاجة إلى الدعم السياسي والدبلوماسي في الساحة الدولية، حتى لا تفرض عليه حلول لا تنسجم مع مصالحه وتضحياته الجسام”. بحسب قوله.
شؤون خليجية