قررت دائرة المطبوعات والنشر الأردنية مؤخرا التحفظ على مؤلفات الفقيه الإسلامي المعروف ابن تيمية، الملقّب بشيخ الإسلام، مما يعني عمليا منعها من دخول البلاد.
وجاءت هذه الخطوة -التي أثارت استياء أصحاب دور نشر تحدثوا للجزيرة نت- في سياق انخراط المملكة في الحرب على ما يسمى الإرهاب، وتحديدا تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يقول إنه يستند في أعماله على فتاوى ابن تيمية.
وقال مصدر مطلع من دائرة المطبوعات والنشر (الجهة المخولة بإجازة دخول الكتب إلى المملكة) للجزيرة نت إن “القرار يقضي فقط بالتحفظ على مؤلفات ابن تيمية، إلى حين صدور قرار نهائي يتضمن المنع أو السماح بدخولها”.
وهذه المرة الأولى التي يتم التحفظ فيها على مؤلفات ابن تيمية، والمفارقة أن الكثير من هذه المؤلفات يتم تدريسها في كليات الشريعة بالجامعات الأردنية.
مراسلات داخلية
وحصلت الجزيرة نت على مراسلات رسمية بين دائرة المطبوعات والنشر ووزارة الأوقاف من أجل الخروج بموقف واضح من مؤلفات شيخ الإسلام.
وجاء في رسالة المطبوعات والنشر “تقدم إلينا العديد من المكتبات ودور النشر والتوزيع الأردنية بطلبات السماح لها بإدخال كتب الإمام أحمد بن تيمية التي تتضمن آراءه وفتاواه، لتوزيعها داخل المملكة. يسرنا الاستئناس برأي وزارتكم الموقرة بهذا الخصوص”.
وتضمن رد الوزارة الآتي “لا يحتاج الأمر توزيعها (المؤلفات) على عامة الناس لاحتواء عدد منها مسائل شرعية تحتاج بيانا وتوضيحا”.
وقال مدير دار نشر الأثرية إسحاق يحيى للجزيرة نت إن “هنالك قرارا بمنعنا من إدخال مؤلفات شيخ الإسلام، وثمة تحفظ يجري حاليا على الكتب في المطار والمعابر البرية”.
وأضاف “لا نعلم من هي الجهة التي تقف في طريق إدخال هذه الكتب، صرنا حائرين بين دائرة المطبوعات ووزارة الأوقاف”.
دور النشر تؤكد
وأكد صاحب دار نشر العثمانية صالح اللحام قرار التحفظ على كتب ابن تيمية، وقال للجزيرة نت “هنالك من يربط التحفظ على الكتب بحادثة إحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة على يد تنظيم الدولة”.
وأضاف “راجعنا دائرة المطبوعات وأخبرنا القائمين عليها بأن التحفظ لا يزال متواصلا لدى الرقابة العسكرية (جهة تنفيذ القرار)، لكننا لم نحصل على أي جواب وبقي الموضوع معلقا”.
ولفت اللحام إلى أن القرار يشمل كل كتب ابن تيمية، التي يستوردها أصحاب الدور من لبنان ومصر والسعودية والمغرب، ومنها “قاعدة الجهاد” و”نقد المنطق” و”منهاج السنة النبوية” و”درء تعارض العقل والنقل”.
لكن صاحب دار الوضاح وضاح صبري تحدث عن مساع لإنهاء قرار التحفظ. وقال للجزيرة نت “ذهبنا إلى دائرة المطبوعات اليوم، وتم إخبارنا أنه سيتم الإفراج عن الكتب في أقرب وقت، وربما غدا”.
بدوره نفى مدير المطبوعات والنشر أمجد القاضي إصدار أي قرار بمنع مؤلفات ابن تيمية من دخول البلاد. وقال للجزيرة نت “لم نمنع مؤلفاته حتى الآن، لكننا طلبنا رأي وزارة الأوقاف للاستئناس به، ولم يصلنا رأيها بعد”.
وقال وزير الأوقاف هايل داود للجزيرة نت “أحلنا مراسلة المطبوعات على الدائرة المختصة وننتظر أن يصلنا الرد”.
توظيف الفتاوى
قرار التحفظ أكده الباحث والخبير في شؤون الحركات الإسلامية الدكتور محمد أبو رمان، الذي رأى أن القرار “جاء بعدما وظّف مفتو تنظيم الدولة الإسلامية فتاوى شيخ الإسلام لتبرير قتلهم الهمجي”.
وقال أبو رمان للجزيرة نت “إذا كانت هنالك محاولات من قبل تنظيم الدولة لتوظيف فتاوي الشيخ، فهذا لا يعني أن كل فتاويه ومؤلفاته وأفكاره متّهمة بتعزيز التكفير أو الإرهاب والتطرف بما يستدعي منعها”.
ورغم مرور سنوات على تطبيق الأردن قانون المطبوعات والنشر الذي يمنع كل أشكال الرقابة المسبقة، يشكو أصحاب دور نشر استمرار ما يصفونه بـ”مسلسل منع ومصادرة دخول كتب إلى المملكة”.
وتشير بيانات حديثة لدائرة المطبوعات قيام هذه الأخيرة بمنع 52 كتابا عام 2014، لأسباب غالبيتها سياسية.
وبدأ الأردن عام 2007 تطبيق قانون المطبوعات والنشر الذي ألغى الرقابة المسبقة على الكتب المطبوعة بالمملكة، بينما سمح باحتفاظ الدائرة بالكتب المستوردة لأسبوعين فقط، وبعدها تجيزها أو تحاول الحصول على قرار قضائي بحظر تداولها في الأردن. لكن هذا القانون لم يُنفذ.