لا يمكن لأحد أن يعطي نظرة ثاقبة عن رئيس تركيا القوي رجب طيب أردوغان أفضل من حلاقه الذي يعرفه منذ أكثر من 20 عاما.
نشأ اﻻثنان معا في حي قاسم باشا المحافظ جنوب إسطنبول، وتعود أصولهما إلى قرية رايز التي تطل على البحر الأسود، فأصبح أحدهما من أقوى زعماء تركيا على الإطلاق، والآخر حلاقا.
ومع ذلك، لا يزال الحلاق “يسار أيهان” على صلة بزبونه القديم، فكلما رغب الرئيس أردوغان في الحلاقة، ذهب إلى محله.
وعادة ما يناصر أردوغان العمال الأتراك العاديين مثل أيهان، وفقا لصحيفة “تليجراف” البريطانية التي استطلعت رأيه في الرئيس.
شعر الرئيس يتساقط
مع تراجع الاقتصاد، واشتعال الحرب الأهلية في سوريا المجاورة، وترجيح استطلاعات الرأي عدم حصول حزب العدالة والتنمية الحاكم على الأغلبية في الانتخابات البرلمانية الجارية، فإن انشغال أردوغان ببعض الملفات المهمة جعلته لا يتردد على حلاقه كثيرا هذه الأيام.
لكن السبب لا يقتصر فقط على جدول أعماله المزدحم، حيث أوضح أيهان أن الرئيس لم يعد بحاجة إلى زيارته كثيرا، لأنه “يفقد شعره نتيجة التوتر”.
وأضاف أيهان: “في بعض اﻷحيان يأتي الرئيس لحلاقة شعره مرتين في الشهر، لكنه قد يغيب في أحيان أخرى لعام كامل، كنت حلاقه الخاص عندما كان رئيس بلدية إسطنبول في عام 1994، وحاليا أذهب إليه في منزله بحي قاسم باشا، لكن ليس غالبا”.
وأكد أن الرئيس – رغم سعيه للحصول على صلاحيات تنفيذية أوسع – ليس فاسدا، ويكرس جهوده لخدمة تركيا.
قال أردوغان له ذات مرة: “إذا قضيت الكثير من الوقت في تهذيب الشارب، لن أكون قادرا على خدمة البلد جيدا”.
أردوغان ليس ديكتاتورا
على الرغم من خوف المعارضة من حصول أردوغان على مزيد من السلطة عن طريق تعديل الدستور، فإن أيهان يرى أن الرئيس ليس ديكتاتورا كما يزعم منتقدوه.
وذكر أيهان: “لست موضوعيا، لكني لست غبيا، إنه قائد جيد، ومتحمس، ويحظى بكاريزما، وماهر، فبطبيعة الحال القادة هم الأكثر ذكاء، وليس صحيحا ما يُقال عنه إنه ديكتاتور”.
ويتفق شريك أيهان في المحل “هايري غز” مع آراء صاحبه، حيث قال: “أردوغان شخصية لطيفة، وأصوت لصالح حزب العدالة والتنمية في كافة الانتخابات، فأنا حلاقه منذ أن كان رئيس بلدية إسطنبول”.
متواضع رغم قَصره
يعيش الرئيس في أكبر قصر في العالم (القصر الأبيض) بأنقرة – الذي يضم ألف غرفة، وقائم على مساحة 3.1 مليون قدم مربع، ما يجعله يعادل أربعة أضعاف حجم قصر فيرساي في فرنسا.
لكن بالنسبة لحلاقيه، لم يتغير أردوغان، ولا يزال رجلا متواضعا.
أوضح أيهان: “دائما ما يُلقي علينا الرئيس التحية عندما يرانا، فهو لا ينسى الأماكن التي ذهب إليها واﻷسخاص الذين قابلهم، نشأت معه، لكنه الآن زعيم البلاد”.
وتابع: “وبعدها يسألني “كيف حالك اليوم؟” فأرد عليه – وأنا هادئا – أنني بخير حال”.
ثمن الحلاقة
هذا الأمر يتعلق بأردوغان وحلاقه، لكن أيهان قال إن الرئيس رجل مقتصد، ولذلك يأتي عادة لتشذيب شعره في المحل، بدلا من استدعاءئي إلى القصر، مثلما يفعل القادة المبذرين.
يتفق معظم الناس داخل وخارج تركيا على أن الرئيس وحزبه العدالة والتنمية قدما الكثير لتحسين حياة الشعب.
وفقا لأيهان، يرجع بعض أعظم نجاحاته إلى التوسع الاقتصادي، والتحرك نحو إيجاد حل للمشكلة الكردية في تركيا.
وأضاف: “أتذكر عندما كان من الصعب استخدام الليرة، فلم يكن الكثيرون يعترفون بها ولا يأخذون أموالنا”.
في وقت سابق من هذا القرن، كان التضخم سيئا للغاية، فكان يوضع ستة أصفار جنب الليرة الواحدة حتى يناير عام 2005.
قضية الأكراد
أشاد أيهان أيضا بسعي الرئيس لإيجاد حل للقضية الكردية.
وذكر: “أتذكر الخطر الذي فرضه حزب العمال الكردستاني، وأسفر عن مقتل 40 ألف شخصا، والذي لم يعد له وجود الآن”.
كان حزب العمال الكردستاني مسؤولا عن العديد من الهجمات في تركيا خلال التمرد بين عام 1984 حتى وقف إطلاق النار في عام 2013.
لكن بالنسبة أردوغان، إذا كان يريد تحقيق أهدافه في الرئاسة، فإنه يحتاج المزيد من الأصدقاء خارج بلدته الأصلية وخارج إطار حلاقه الخاص، بحسب الصحيفة.