بدأ الرئيس فلاديمير بوتين التخلي عن دعم بشار الأسد بعد ضعف سلطته خلال الفترة الأخيرة في مواجهة الجماعات المسلحة التي تحارب من أجل إسقاطه، فموسكو لن تخاطر بنفوذها في هذا البلد الاستراتيجي بالنسبة لها من أجل بشار… هذا ما خلصت إليه صحيفة “لوموند” الفرنسية حول العلاقة الحالية بين دمشق وموسكو.
وتحت عنوان “موسكو تنأى بنفسها عن دمشق” قالت الصحيفة: في 29 مايو الماضي هبطت طائرة من طراز (إليوشن 76) تحمل 80 شخصًا في مطار دوموديدوفو في موسكو، بعد إقلاعها من مطار اللاذقية السوري، معقل الطائفة العلوية ونظام بشار الأسد”.
وأوضحت أن الطائرة كانت تحمل رعايا روس إضافة لمواطنين من بيلاروسيا وأوكرانيا وأوزباكستان، وذلك بعد أيام قليلة من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على مدينة تدمر التاريخية.
وبحسب الصحيفة فهذا يشير إلى أن روسيا، التي تمتلك قاعدة بحرية في ميناء طرطوس، بدأت تأخذ بعين الاعتبار ضعف سلطة بشار، لافتة إلى أن العائدين ليسوا مدنيين عاديين بل كانوا عائلات العسكريين والمستشارين الروس في سوريا.
ووفقا لأناتولي نسميان الخبير الروسي في شؤون الشرق الأوسط، فإن هناك العديد من المؤشرات تدل على أن روسيا تسعى للابتعاد عن المشاكل، وإجلاء الرعايا واحد من بينها.
كذلك الاجتماع الذي عقد يوم 12 مايو في سوتشي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أحد هذه المؤشرات أيضا، خاصة أن الاجتماع تناول مرحلة ما بعد الأسد.
وتعد روسيا من أكثر الداعمين للأسد، حيث عارضت استخدام القوة في سوريا، وفي 2013، تفاوضت من أجل تسوية حول الأسلحة الكيميائية لتجنب الضربات الأمريكية كما لم تتوقف عن تزويد سوريا بالأسلحة منذ وصول بوتين للحكم في عام 2000.
روسيا ليس لديها نية لفقدان نفوذها في سوريا في ظل ضعف الأسد: نعم هناك تطوّر في روسيا وحركة تشاور مع الشركاء الغربيين وفي المنطقة”، يقول مدير مركز تحليل النزاعات في الشرق الأوسط في موسكو ألكسندر شوميلين.
ويضيف “في حالة سقوط النظام السوري موسكو لن تحرك ولو أصبعا واحدا من أجل مساعدة بشار إلا من خلال منحه اللجوء مثلما فعلت مع إدوارد سنودن “.
سلمان الشيخ، مدير مركز بروكنجز الدوحة والمتابع للقضية السورية والذي التقى مؤخرًا بنائب وزير الشؤون الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف، فيؤكد أن الروس لديهم شعور بخسارة نفوذهم، ووتفكك سوريا ليس في صالحهم.
ويتساءلون “إذا كان النظام لا يسيطر على أكثر من 50 % من الأراضي، فمن يسيطر على الـ 50 % المتبقيّة ويمكن أن يكون بديلا للأسد. وهنا تكمن المسألة كلها”.