عاد الحديث مجددًا في أروقة الحكم في المملكة العربية السعودية، عن الأمير أحمد بن عبد العزيز، وزير الداخلية السابق في المملكة “الابن الحادي والثلاثين” من أبناء الملك عبد العزيز من زوجته الأميرة حصة بنت أحمد السديري، وهو ممن يطلق عليهم لقب “السدايرة السبعة”، بعد توجيهات صدرت لوسائل الإعلام السعودية بالتخفيف من نشر صوره، وتحجيم تحركاته خلال الشهرين الماضيين، وهناك أنباء متواترة عن مطالبات داخل الأسرة الحاكمة بتولي الأمير أحمد منصبًا مهمًا في سدة الحكم، في ظل الأزمات التي تحيط بالمملكة في الداخل “تفجيرات، مطالبات الشيعة، عمليات تنظيم الدولة، تململ داخل الأسرة من تصرفات وزير الدفاع الابن الأصغر للعاهل السعودي”، وخارجية “الحرب مع الحوثيين، الخطر الذي يهدد المملكة من الشمال، وتطورات الوضع في العراق وسوريا”، إضافة الى العديد من الملفات التي لم تحسم، والحديث عن الوضع الصحي للملك سلمان بن عبد العزيز، والذي يظهر بشكل واضح أثناء زياراته وتحركاته.
تحركات أبناء الأسرة الحاكمة
المعلومات التي تتسرب عن تحركات “بعض” أبناء الأسرة الحاكمة، ممن سجلوا اعتراضاتهم على اختيار ولي العهد “محمد بن نايف”، وولي ولي العهد “محمد بن سلمان” من الستة الكبار من أبناء الملك عبد العزيز، تقول إن هناك حالة من السخط من ولي ولي العهد، ووصفه بالمتهور، وأن إطالة أمد العمليات العسكرية في اليمن “من عاصفة الحزم، الى حملة الأمل”، والفشل في تحقيق نصر سريع على الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، كذلك الفشل الأمني في إحباط التفجيرين في القطيف “مسجد علي بن أبي طالب”، وفي الدمام “مسجد الحسين”، تسببا في حالة قلق شديد بين السعوديين الشيعة، الذين بدأوا في تشكيل “اللجان الشعبية”، لحماية مساجدهم وحسينياتهم، واتهامهم الأجهزة الأمنية بالفشل.
الاستفادة من الأمير أحمد بن عبد العزيز
ويرى عدد من الأسرة الحاكمة أن الاستفادة من الأمير أحمد بن عبد العزيز، من الأمور المهمة في هذه اللحظات لإنقاذ الأسرة الحاكمة، وإعادة ترتيب الكثير من الأمور في البلاد، وهناك من يتوقع تعيينه نائبًا للملك باستحداث منصب جديد، لم يكن موجودًا من قبل، كما فعل العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله، باستحداث منصب “ولي ولي العهد”، في محاولة للدفع بابنه “متعب” إلى مثلث الحكم، وهو المنصب الذي استغله الملك سلمان بتعيين ابنه “محمد بن سلمان” وليًا لولي العهد.
الأمير سعود بن سيف النصر، أحد أبناء الأسرة الحاكمة، أكد على الاستفادة من شخصية الأمير أحمد، وقال “بن سيف النصر”: “إن أفضل الحلول هو الاستفادة من الشخصية التي عليها إجماع وطني وقبول شعبي وهو والدي الأمير أحمد بن عبد العزيز، بأن يكون في الموقع المناسب لسموه”، وانتقد “بن سيف النصر” بشدة ولي ولي العهد، وزير الدفاع، محمد بن سلمان، ووصفه بـ”الجنرال الصغير”، وقال: “إذا كانت قرارات الجنرال الصغير تدور حول مصلحته الشخصية بلا اعتبار للوطن، والحكم فيجب الأخذ على يديه لأن قراراته تدمير للوطن والحكم”.
غياب الجنرال الصغير
وأضاف “سعود بن سيف النصر” قائلًا: “الاستهتار الحقيقي هو غياب الجنرال الصغير، وهو وزير للدفاع عن غرفة العمليات وأبناء الوطن يقاتلون في ساحات الوغى، والفتنة هي السكوت عن ذلك”، ووصف “بن سيف النصر” الوضع بأنه خطير، وقال: “مرت على دولتنا مراحل فيها أخطاء لا ننكرها لكن لم يحصل أن صار مستقبل البلد مرهونًا بشخص متهور دون أدنى مسؤولية والجميع يترقب وينتظر الكارثة”.
وعلمت “شؤون خليجية”، أن العاهل السعودي التقى بالأمير أحمد بعد إعلان وفاة الملك عبدالله، وأنه وعده بإنصافه، وان يعهد إليه منصبًا مهمًا، وخاصة أن الأمير مقرن بن عبد العزيز الذي تولى وليًا للعهد، أعلن نيته الاستقالة للأمير أحمد بن عبد العزيز، لأنه الأحق منه في المنصب، وبدأ الأمير أحمد يظهر في وسائل الإعلام، وفي اللقاءات الرسمية، ولكن الترتيبات التي تمت وقرارات “الفجر”، التي أطلق عليها “عاصفة الفجر” أطاحت بالأمير مقرن ، وتجاوزت الأمير أحمد، ونصب الأمير محمد بن نايف “الرجل القوي” وليًا للعهد، وكانت المفاجأة الدفع بالنجل الأصغر للعاهل السعودي “وليًا لولي العهد”، وكان يشغل منصب رئيس الديوان ووزير الدفاع، وبدأت الأضواء تنحسر عن الأمير أحمد بن عبد العزيز.
الحرب مع الحوثيين والتفجيرات
وفي ظل الأوضاع المتقلبة، وإطالة أمد الحرب مع الحوثيين، والتفجيرات التي استهدفت مساجد الشيعة بالقطيف والدمام في المنطقة الشرقية، بدأ تحرك عدد من الأسرة الحاكمة لـ”مراجعة الأوضاع السياسية والأمنية، والتعامل بحزم مع التحديات الراهنة، حتى لو استدعى تعديلات على مستوى القيادة”، على حد تعبير “سعود بن سيف النصر”.
وكان ستة من كبار أمراء الأسرة الحاكمة رفضوا القرارات التي اتخذها الملك سلمان بن عبد العزيز، بتنصيب الأمير محمد بن نايف وليًا للعهد، ومحمد بن سلمان وليًا لولي العهد، وهم: الأمير بندر بن عبد العزيز، الابن العاشر من أبناء الملك عبد العزيز، والأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز، نائب وزير الدفاع والطيران السابق في المملكة العربية السعودية، الابن السادس عشر من أبناء الملك عبد العزيز، والأمير متعب بن عبد العزيز، وزير الشؤون البلدية والقروية سابقاً، وهو الابن السابع عشر من أبناء الملك عبد العزيز، والأمير طلال بن عبد العزيز، الابن الثامن عشر من أبناء الملك عبد العزيز الذكور. شغل العديد من المناصب الحكومية في السعودية، تزعم حركة الأمراء الأحرار التي طالبت بإنشاء حكم دستوري برلماني في البلاد، وفصل الأسرة الحاكمة عن الحكم، والأمير ممدوح بن عبد العزيز، الابن الثامن والعشرون من أبناء الملك عبد العزيز، والأمير عبد الإله بن عبد العزيز، مستشار الملك سلمان بن عبد العزيز، وهو الابن التاسع والعشرون من أبناء الملك عبد العزيز.
شعبيته بين التيار المحافظ
وطبقًا للمصادر فإن شخصية أحمد بن عبد العزيز وشعبيته بين التيار المحافظ، وعدم تلوث يده بالفساد، هي التي دفعت الأمراء الكبار للتفكير فيه كمنقذ للوقف.
والأمير أحمد بدأ تعليمه الابتدائي، بمدرسة الأمراء في حياة الملك عبد العزيز بمدينة الرياض، ثم معهد الأنجال الذي أنشأه الملك سعود بالرياض، وأكمل الابتدائية والمتوسطة وأنهى الدراسة الثانوية في المملكة العربية السعودية، وقد رأس فرقة الكشافة في المعهد حتى تخرجه فيه عام 1381 هـ الموافق 1961 م.
دكتوراه في العلوم الإنسانية من جامعة ردلاندز
سافر أحمد بن عبد العزيز للولايات المتحدة الأمريكية للدراسة في نهاية عام 1961 م، ودرس اللغة الإنجليزية، وبعض المواد العلمية بجامعة جنوب كاليفورنيا (U.S.C)، وانتقل إلى جامعة ردلاندز (Redlands) بمنطقة سان برنادينو بجنوب ولاية كاليفورنيا، حيث حاز على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية عام 1968 م، ومنح شهادة الدكتوراه في العلوم الإنسانية من جامعة ردلاندز بولاية كاليفورنيا الأمريكية في 26 يوليو من عام 1999 م، وذلك تقديراً من الجامعة للجهود التي بذلها ويبذلها في مجال عمله وتجاه الجامعة أثناء فترة دراسته فيها وبعدها..
تلمس حاجات الأهالي الفقراء بمحافظات جنوب جدة
وزاول الأعمال الحرة، ومنها ترؤسه لمجلس إدارة شركة الجبس الأهلية من عام 1389 هـ الموافق 1969 م حتى نهاية عام 1390 هـ الموافق 1970 م، وفي مطلع عام 1391 هـ الموافق 1971 م صدر الأمر الملكي الكريم بتعيينه وكيلاً لإمارة منطقة مكة المكرمة، ومن الأعمال التي قام بها بإمارة منطقة مكة المكرمة، هي توجيه ومتابعة من أمير المنطقة وقتها الأمير فواز بن عبد العزيز، وكان أول مسؤول على مستوى كبير يزور مناطق جنوب جدة الفقيرة (الليث والقنفذة والبرك)، وتلمس حاجات الأهالي الفقراء هناك، وكانت تلك المناطق متخلفة كثيراً، وتعاني الفقر والعوز، وليس بها طرق معبدة وأنشأ الطريق الذي يربط تلك المناطق حتى جيزان، كذلك قام بجهود كبيرة على مستوى إمارات المنطقة، فعقد أول اجتماع للإمارات التابعة للمنطقة (بما يسمى الآن بالمحافظات والمراكز)، وقد شمل ذلك ممثلين من الوزارات الخدمية كالصحة والبلديات والزراعة والمياه والكهرباء، ونتج عنه تطوير الخدمات عمومًاً، مما أدى إلى تحسين الأداء، وتحقيق معظم حاجات المواطنين بالمنطقة، كذلك قام بتطوير الجهاز الإداري بالمنطقة بمشاركة من وزارة الداخلية وغيرها.
الدراسات الميدانية للحج
وأحمد بن عبد العزيز، أول من بدأ عمل فكرة الدراسات الميدانية للحج، باقتراح رفع لوزير الداخلية ووفق عليه من المقام الملكي، وشكلت وقتها لجنة مشتركة من الوزارات المعنية كفريق عمل مؤهل للمهمة، وساهم بمجهود شخصي واستمر بدعم تلك الدراسات، والتي على ضوئها أنشئ ما يسمى الآن بمركز أبحاث الحج. ترأس لجنة تخطيط المنطقة. شارك باللجنة الفرعية للحج وما تبعها.
وفي شهر ذي الحجة من عام 1395 هـ صدر الأمر الملكي بتعيينه نائباً لوزير الداخلية، حيث ساهم بعمل تنظيم جديد للوزارة وتطوير قوى الأمن بجميع المرافق، ولم يستمر في منصبه ستة أشهر، فقد تم إعفاؤه من منصبه في 5 نوفمبر 2012، وعين بدلًا منه الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز.
شؤون خليجية
د. عبدالله بن محمد المقرن