اعتاد الرؤساء والوزراء في الغرب على مواجهة غضب معارضيهم والذي قد يصل في بعض الأحيان إلى محاولة التعدي عليهم أمام كاميرات المصورين، بهدف لفت الأنظار احتجاجًا على سياساتهم.
لكنه من غير المعتاد أن يتعرض رئيس أو حاكم عربي لموقف شبيه، حيث غالبًا سيتعامل الأمن معه على أنه “إرهابي” يستحق القتل على الفور، أو يتم القبض عليه وإيداعه مستشفى الأمراض العقلية أو السجن للأبد.
ولعل من أجرأ الحوادث التي وقعت في تاريخ الرؤساء، ما تعرض له الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في ١٤ ديسمبر ٢٠٠٨، خلال زيارته الأخيرة للعراق آنذاك قبل انتهاء ولايته بغرض الاحتفال بإقرار الاتفاقية الأمنية، حين فاجأه الصحفي منتصر الزيدي برشقه بالحذاء خلال مؤتمر صحفي جمعه ونوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي آنذاك.
كان الزيدي قد فاجأ الحضور بقذف زوجي حذائه على بوش، ومع إلقاء فردة حذائه الأولى قال الزيدى لبوش: “هذه قبلة الوداع من الشعب العراقي أيها الكلب”، وقال وهو يرمى الفردة الأخرى: “وهذه من الأرامل والأيتام والأشخاص الذين تقتلهم في العراق”.
واليوم هاجمت طالبة بكلية الطب في جامعة ماينز الرئيس عبدالفتاح السيسي في ختام المؤتمر الصحفي الذي جمعه بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالعاصمة برلين.
وقالت الطالبة للسيسي بحدة: “أنت قاتل.. أنت نازي.. أنت فاشي”، فيما حاول صحفيون مصريون الشوشرة عليها عبر هتافات: “تحيا مصر”.
وأضافت الفتاة بهتاف غاضب: “يسقط حكم العسكر.. أنت ظالم”، ورفعت شارة رابعة العدوية، بحسب ما نقله موقع “شبيجل أون لاين” الألماني.
في حادث الزايدي تكالب عليه رجال الأمن العراقيون والأمريكيون وطرحوه أرضًا، ثم سحبوه إلى خارج القاعة، وفيما كان يسمع صوت صراخ من غرفة مجاورة، علق الرئيس بوش على الحادث قائلًا: كل ما أستطيع قوله إن الحذاءين كانا مقاس عشرة.
بينما في حادث “الطالبة” تعالت أصوات من الجموع تخفي هتافها :”يسقط حكم العسكر” بهتافهم :”تحيا مصر”, قبل أن يصطحبها الأمن إلى الخارج.
وأضاف الموقع الذي وصف الحدث بغير العادي في المستشارية، أن ميركل ظهر عليها ذهول واضح مرتين من موجة تصفيق الصحفيين التي تكررت لكلمات السيسي في المؤتمر. وانتقدت ميركل خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعها اليوم بالسيسي ارتفاع عدد أحكام الإعدام بحق قيادات معارضة في مصر، وقالت: “ألمانيا تعارض عقوبة الإعدام”، كما ألمحت إلى انتقادات تعامل الحكومة المصرية بشأن “القيود المفروضة” على عمل مؤسسة كونراد أديناور” وهو ما دفع المؤسسة لحسم امرها بالعودة إلى القاهرة.
وسبق أن اضطرت مؤسسسة كونراد أديناور، الموالية للحزب الديمقراطي المسيحي، وتدعم بناء الديمقراطية، لغلق مكاتبها بالقاهرة في 2013، مع مؤسسات أخرى. وتحظى زيارة السيسي لألمانيا بلغط وجدل شديدين خاصة في ظل انتقادات واسعة لنظامه من قبل منظمات حقوق الإنسان، كما اضطر رئيس البرلمان الألماني إلى رفض مقابلة السيسي خلال زيارته لألمانيا.