أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا اليوم تقريرا بعنوان “جمهورية المشانق” ترصد فيه أحكام الإعدام التي أصدرها القضاء المصري بعد عزل الرئيس محمد مرسي، والتي أدت -حسب وصفها- إلى انهيار كامل في منظومة العدالة.
ونوهت المنظمة في تقريرها إلى أن مئات المصريين يواجهون الآن خطر تطبيق عقوبة الإعدام بحقهم بعد محاكمتهم في قضايا ذات خلفية سياسية لم تتوافر فيها المعايير الدنيا للمحاكمات العادلة.
وأكدت المنظمة في التقرير المنشور على موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت أن الكثيرين ممن حكموا بالإعدام أدينوا قبل بدء أي محاكمات حيث جرى تصوير المعتقلين وهم في حالة يرثى لها وآثار التعذيب بادية عليهم بشكل واضح وهم يمثلون سيناريو إدانتهم أمام الكاميرات ومن ثم عرض تلك التسجيلات على شاشات الفضائيات التابعة للنظام كمبرر لإنزال عقوبات قاسية عليهم تصل للإعدام بالإضافة إلى تداول قضاياهم إعلاميا بأسماء توحي بالإدانة فيتم تسميتهم باستخدام مصطلحات مشينة مثل الخلايا الإرهابية أو التخابر مع تنظيمات إرهابية القاعدة أو اقتحامات لأقسام شرطة أو تخريب للممتلكات العامة، وهي الأسماء التي يستخدمها القضاة أنفسهم في سياق حكمهم على أولئك الأشخاص.
وبينت المنظمة في التقرير أن أغلب الأحكام التي صدرت بالإعدام صدرت من قبل دوائر قضائية بعينها تم انتقائها بعناية لإدانة المتهمين حيث تم استحداث دوائر قضائية تسمى بدوائر الإرهاب في أول يناير/ كانون الثاني 2014 عقب تكرار تنحي القضاة المدنيين عن نظر قضايا المعارضين.
ورصدت المنظمة في التقرير منذ الثالث من يوليو 2013 وحتى الثامن والعشرين من مايو 2015 وصول عدد الأشخاص الذين أحيلت أوراقهم إلى المفتي إلى 1665 مواطنا وهو إجراء تمهيدي للحكم بالإعدام من قبل القضاء المصري، ليتم تثبيت الحكم بعد ذلك على 530 منهم حتى الآن، من بينهم سبعة مواطنين حُكموا بأحكام نهائية وباتة بعد استنفاد كافة طرق الطعن ونفذت السلطات الإعدام بحقهم جميعا.
وعرض التقرير كافة القرارات القضائية التي صدرت بإحالة متهمين إلى المفتي وكافة الأحكام القضائية التي صدرت في أعقاب ذلك بتثبيت عقوبة الإعدام بحق بعضهم حيث أصدرت دوائر الإرهاب والمحكمة العسكرية تلك الأحكام في 22 قضية، لا زالت 4 قضايا منها في انتظار رأي المفتي قبل الفصل فيها، ومن بين تلك الأحكام حكما واحدا صادرا من القضاء العسكري.
وأبرز التقرير الإنتهاكات القانونية التي شابت تلك القضايا حيث تم بناء كافة القضايا على أدلة واهية لا ترق بأي حال إلى مستوى الدليل القانوني، وحوت أوراق تلك القضايا قدرا كبيرا من التناقضات والأمور اللامنطقية الواضحة وتم بناء كافة القضايا المذكورة على دليلين أساسيين في الأغلب وهما تحريات الأجهزة الأمنية السرية واعترافات بعض المتهمين تحت التعذيب وهما دليلين لا يمكن الوثوق بهما في ظل نظام ألغى حياد كافة مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسات الأمنية، وفي ظل انتشار التعذيب في مصر بشكل منهجي لانتزاع اعترافات من المعارضين.
كما تخللت العديد من تلك القضايا أخطاء مهنية جسيمة كالحكم على أشخاص متوفين ومعتقلين خارج مصر كما هو الحال في قضية التخابر مع حركة حماس والمتهم فيها الرئيس الأسبق محمد مرسي وآخرون، أو أشخاص مسافرون منذ سنوات ومعاقون جرى اتهامهم بارتكاب أعمال عنف وقتل وتخريب مثل ما حدث في قضية أحداث المنيا، وكذلك قضية عرب شركس والتي نُفذ حكم الإعدام فيها في ستة متهمين رغم ثبوت اعتقال بعضهم قبل حدوث الوقائع التي حوكموا عليها بأشهر.
و بين التقرير العيوب الجسيمة التي تحويها القوانين المصرية حيث حوت نصوصها على عقوبة الإعدام لأكثر من 105 جريمة سواء المتعلق منها بقانون العقوبات أو القانون العسكري أو قانون الأسلحة والذخائر أو القوانين الجنائية الخاصة، وهي نصوص صيغت في أغلبها بشكل فضفاض غير محدد وتفتح الباب للتوسع في العقوبة بحق أي معارض سياسي.
وشددت المنظمة في التقرير أن تنفيذ أحكام الإعدام بهذه الصورة وانعدام أي فرصة للمعارضين في المحاكمة العادلة يساعد على تصاعد وتيرة العنف ويدفع الكثيرين إلى حمل السلاح في مواجهة النظام المصري في ظل الصمت المشين الذي يلتزمه المجتمع الدولي في مواجهة الجرائم التي يرتكبها النظام المصري منذ الثالث من تموز 2013.
ودعت المنظمة في نهاية التقرير أمين عام الأمم المتحدة بان كيمون إلى التحرك الفوري من أجل إلغاء أحكام الإعدام وحثت مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إلى تشكيل لجان للتحقيق في جرائم النظام المصري واتخاذ إجراءات حاسمه لوقفها ومحاسبة المسؤولين عنها.
كما دعت المنظمة إلى ملاحقة كل من تورط في أحكام الإعدام بتهم القتل العمد والتآمر لارتكاب هذ الجريمة وعلى وجه الخصوص القضاة ،شعبان الشامي،محمد ناجي شحاته،سعيد صبري،معتز خفاجي،صلاح حريز وغيرهم إضافة الى النائب العام هشام بركات ومفتي مصر شوقي علام، الذي وصفته بـ”مفتي الإعدام”.