تم منع الفنان اللبناني وليد رعد من دخول دولة الإمارات، التي تستثمر حكومتها بشكل كبير في الفن، من خلال مشروع جزيرة السعديات.
وسوف يشمل هذا المشروع، المتواجد في أبو ظبي، فروعًا لمتاحف اللوفر وجوجنهايم، فضلًا عن حرم لجامعة نيويورك.
ويقول رعد، الذي يُدرس في كوبر يونيون بنيويورك، إنه سمع ضابط الهجرة الإماراتي يقول إنه أُبعد لأسباب أمنية.
وفي الأسبوع الماضي، تم رفض منح الفنان أشوك سوكوماران، من مومباي، تأشيرة لدخول الإمارات لأسباب أمنية.
ومن بين من تم رفض دخولهم البلاد بحجة الأسباب الأمنية الغامضة مؤخرًا، كل من: أندرو روس، أستاذ في جامعة نيويورك، انتقد بشدة انتهاكات العمل في جزيرة السعديات، والصحفي شون أودريسكول، الذي شارك العام الماضي في كتابة مقال لنيويورك تايمز عن ظروف العمل القاسية في حرم “أبو ظبي”.
ويربط نظام العمل في دولة الإمارات العمال المهاجرين بأرباب العمل الذين يقومون بمصادرة جوازات سفرهم، وهو الأمر الذي يجعل من المستحيل تقريبًا بالنسبة لهؤلاء العمال الهرب من سوء المعاملة.
ومما يزيد من سوء هذا المزيج رسوم الاستقدام الباهظة، وحظر النقابات.
وفي عام 2010، وعد مطورو جزيرة السعديات بتوفير حماية خاصة للعمالة في المشروع، لكن ذلك التعهد فشل في وقف جميع الانتهاكات.
وقد وجد مقال لنيويورك تايمز العام الماضي تعرض العمال للضرب من قبل رجال الشرطة، وتم ترحيلهم بشكل تعسفي عندما أعلنوا الإضراب احتجاجًا على تدني الأجور.
وفي فبراير، وثقت هيومن رايتس ووتش أوجه قصور خطيرة في إنفاذ قوانين العمل في البلاد.
ويعد كل من رعد وسوكوماران عضوين في ائتلاف العمل الخليجي، الذي يقوم بالدعوة لمقاطعة جوجنهايم “أبو ظبي”.
ويأتي رفض دخول هؤلاء الفنانين، جنبًا إلى جنب مع مبدعين ومفكرين آخرين، ليشير إلى أن دولة الإمارات، وشركاءها في التنمية، غير مستعدين لتقبل الانتقاد والنقاش المفتوح.
وفي يناير 2014، وبينما كان احد الباحثين يهم بمغادرة البلاد بعد قيامه بأبحاث لأحدث التقارير بشأن معاملة العمال، قالت له سلطات الهجرة إنه موجود على القائمة السوداء بصورة دائمة، ولا يمكنه أبدًا العودة إلى الإمارات.
ويوم 1 مايو، وصف متحف جوجنهايم مشروع “أبو ظبي” باعتباره “فرصة لتبادل ثقافي نشط، ولرسم صورة أكثر شمولية وسعة في تاريخ الفن“.
وقال جون سيكستون، الذي يعتزم التقاعد كرئيس لجامعة نيويورك في العام القادم، شيئًا من هذا القبيل في عام 2007، عندما وصف جامعة نيويورك و”أبو ظبي” بأنهما “مناسبتان لبعضهما البعض“، وأضاف أن لديهما “اعتقاد مشترك بأن الديناميكية العالمية المتطورة سوف تسفر عن ظهور مجموعة من المراكز العالمية للقوة الفكرية والثقافية والتعليمية“.
وأما موقع متحف اللوفر في “أبو ظبي” على الإنترنت فيقول إن هذا الفرع سيكون مكانًا “للاكتشاف، والتبادل، والتعليم”، ويصفه أيضًا بأنه “نتاج عصر التنوير في أوروبا خلال القرن الثامن عشر”.
وفي حين أن كل هذه المشاعر جديرة بالثناء؛ إلا أنها في الواقع لا ترقى لأن تكون أكثر من كلمات بلا مضمون، وليس حظر الفنانين والكتاب أعنف الإجراءات قمعًا للحكومة. حيث كان النقاد المحليون معرضين لخطر الاختفاء، والتعذيب، والسجن.
والمحامي الحقوقي “محمد الركن” هو واحد فقط من عشرات المواطنين الذين يقضون أحكامًا بالسجن طويلة الأجل إثر محاكمات جائرة.
وفي تشرين الثاني الماضي، حكم على “أسامة النجار” بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهم من بينها “التخابر مع منظمات خارجية لتقديم معلومات مضللة“.
وكان قد تم اقتباس “النجار” في بيان صحفي لهيومن رايتس ووتش حول مزاعم تعذيب المعتقلين السياسيين.
وقد استمرت الحكومة في استخدام قانون عام 2012 لجرائم الإنترنت القمعي في محاكمة منتقدي الحكومة.
وفي عام 2013، حكم على أمريكي بالسجن 12 شهرًا بموجب هذا القانون، وتحديدًا لمشاركته في شريط فيديو يسخر من ثقافة الشباب في “دبي”.
وفي عام 2014، أدانت المحكمة اثنين من المواطنين، هما “خليفة ربيعة” و”عثمان الشحي”؛ لانتقاد أمن الدولة على تويتر، وحكمت عليهما بالسجن خمس سنوات وبغرامة أكثر من 98 ألف دولار.
ويسمح قانون عام 2014 لمكافحة الإرهاب للمحاكم بإدانة منتقدي الحكومة السلميين على أنهم إرهابيون، والحكم عليهم بالإعدام.
وقد كانت الحملة فعالة حتى الآن، بحيث لم يعد هناك أي محامين يقومون بالدفاع عن المعارضين بنشاط في البلاد.
وعلى الرغم من إعلان جامعة نيويورك مؤخرًا أنها ستقوم بتعويض عمال البناء في موقع “أبو ظبي”؛ إلا أن أيًا من هذه المؤسسات لم تتحدث علنًا ضد نظام العمالة المهاجرة العام أو الترحيل التعسفي لمئات من عمال جزيرة السعديات.
وبالمثل، كانت استجابة هذه المؤسسات لمنع “أبو ظبي” دخول الفنانين والمثقفين إليها ضعيفة في أحسن الأحوال.