حققت القوات العراقية نجاحات أمام تنظيم «الدولة الإسلامية» خلال الأيام الماضية جنوب شرق الرمادي، وتقترب حاليا من شن هجوم مضاد على تلك المدينة المهمة.
وباتت الأعلام الصفراء والخضراء منتشرة على جوانب الطرق المؤمنة، مما لا يدع مجالاً للشك بشأن هوية من يقود القتال هناك، وهم كتائب حزب الله الشيعية المصنفة من قبل الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية.
يتنافس حليفا العراق الرئيسيين، إيران والولايات المتحدة، على النفوذ فيما يتعلق بمعركة العراق لاستعادة الأرض من مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي سيطر عليها العام الماضي. وكانت المليشيات العراقية المدعومة من إيران تقود القتال في أماكن أخرى غير الأنبار التي كان يقود القتال فيها الجيش العراقي المدعوم من الولايات المتحدة ووحدات مكافحة الإرهاب بدعم من مقاتلات التحالف الذي تقوده واشنطن.
لكن سقوط الرمادي عاصمة الأنبار هذا الشهر جعل الميليشيات العراقية المقربة من إيران تقود الهجوم المضاد هناك، ومن بينهم كتائب حزب الله المسؤولة عن تنفيذ الآلاف من الهجمات على الجنود الأمريكيين منذ الغزو الذي قادته واشنطن ضد بغداد في 2003. كما تشارك في العملية منظمة بدر الشيعية التي تضغط الآن نحو المدينة من الشمال الشرقي، في عملية يدعي قادتها أنها على مستوى عال من التخطيط والنوعية. وفي الوقت نفسه، تهيمن خطة تطويق الرمادي من الجنوب الشرقي على عقل كتائب حزب الله.
حتى وقت قريب، كانت الحكومة العراقية قد توقفت عن المطالبة بعودة ما يسمى وحدة التعبئة الشعبية في العراق، وهي مزيج من المليشيات الشيعية ومجموعات المتطوعين التي تشكلت في الصيف الماضي، إلى الأنبار. وكانت السلطات تعتقد بأن إرسالهم للقتال في محافظة ذات أغلبية سنية قد تثير الصراعات الطائفية. ولكن رئيس الوزراء «حيدر العبادي» أرسلهم عندما انهارت القوات النظامية في الرمادي وطلب السياسيين المحليين مساعدة الوحدات.
وعلى الرغم من أن اللواء «قاسم المحمدي»، رئيس قيادة عمليات الأنبار، قال إن المليشيات والجيش يقاتلون جنبا إلى جنب، فإن ما يجري خارج قاعدة الحبانية من تجميع للقوات العراقية والمليشيات هناك، يؤكد أن الفاعل على الأرض هي مليشيات حزب الله حيث ترفع الأعلام الصفراء في كل مكان.
ورغم ما يقوله الجيش العراقي وقادته بأنهم يقودون العمليات العسكرية ضد مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية»، فإن المليشيات تدعي أنها تقاتل التنظيم. وتنقل الصحيفة عن «زيد علي السوداني»، القيادي في كتائب حزب الله، قوله: «إنه يتمنى أن يكون الجيش العراقي بقدر مستوى الحشد الشعبي، وأن يقدم الدعم الكافي والمساندة لنا، مشيرا إلى أن الجيش أضعف بكثير من المليشيات والحشد الشعبي».
وتمتلك كتائب حزب الله ترسانة من الأسلحة الثقيلة من الصواريخ وصواريخ أرض جو بالإضافة إلى معدات ثقيلة مختلفة ومدرعات، حيث تقوم هذه المليشيات بدوريات في المنطقة القريبة من بحيرة الحبانية حيث القاعدة العسكرية هناك.
«لقد كان لدينا صواريخ جراد وكاتيوشا لسنوات عديدة»، هكذا قال «أبو مصطفى» العضو بالكتائب، والذي تابع «لكن الجيش هي بداية فقط للحصول على أسلحة من هذا القبيل الآن».
وقال «كينيث بولاك»، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمعهد بروكينجز الأمريكي، أن سقوط الرمادي دمر ثقة العراقيين في الولايات المتحدة، لكن إذا لعبت المليشيات الشيعية دوراً في استعادة الرمادي، فإن ذلك من شأنه أن يعزز من نفوذ طهران في بغداد على حساب واشنطن.
وقال «فالح العيساوي»، نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار «إن هناك شعور بخيبة الأمل من الولايات المتحدة من جراء سقوط الرمادي بيد المسلحين»، مبينا «لم يكن هناك أمامنا سوى خيارين لا ثالث لهما، إما أمريكا أو إيران، والأخيرة غير مرغوب بها في الأنبار السنية، نحن اخترنا أمريكا، ولكن للأسف يبدو أننا كنا مخطئين».
سوف نقف على أقدامنا مجددا
استمرار التحول نحو إيران يترك الولايات المتحدة تكافح من أجل تأكيد نفوذها في الجيش العراقي الذي أنفقت حوالي 25 مليار دولار لإعادة بنائه.
وبعد سقوط مدينة الرمادي، تسارع حكومة الولايات المتحدة بدفع 2000 صاروخ محمول مضاد للدبابات للقوات العراقية لمساعدتها على التصدي للسيارات المفخخة من «الدولة الإسلامية».
الأسبوع الماضي، في قاعدة للجيش العراقي في بسمايا، 55 ميلا إلى الجنوب الشرقي من بغداد، أظهرت سرية من الجيش العراقي نتائج بعد تسعة أسابيع من التدريب من قبل قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة.
قامت مجموعة من المهندسين بنسف جدران خرسانية، وفتح الطريق لجنود المشاة لتندفع في عملية بالذخيرة الحية المعقدة، كما حلقت طائرات هليكوبتر في سماء المنطقة. هؤلاء الرجال هم جزء من القسم 15 و 16 بالجيش العراقي، وقد شكلت لتحل محل الوحدات التي انهارت في الصيف الماضي عندما استولى مسلحو «الدولة الإسلامية» على أجزاء من شمال غرب البلاد. وتضم الأقسام الجديدة مزيجا من المجندين والجنود الذين فروا خلال هجوم العام الماضي.
وقال «أمجد إدريس»، جندي يبلغ من العمر 30 عاما، أنه لو كان يعلم قبل عام ما عرفه الآن، لما تخلى عن موقعه في تلعفر، خارج الموصل، عندما هاجمه مقاتلو «الدولة الإسلامية». وأضاف «تعلمنا الدرس جيدا … الآن ما عاد سوى النصر أو الموت».
وقد تخرج ما يقرب من 9000 من أفراد قوات الأمن العراقية من برامج التدريب التي تديرها قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة منذ أواخر العام الماضي، في الوقت الذي يوجد فيه أكثر من 4000 حاليا في معسكر.
وقال الميجر «مانويل ورينكو»، مدرب من الجيش البرتغالي ضمن التحالف، «سوف نرى لاحقا وهم يذهبون للقتال وما إذا كان الإعداد كافيا».
وقال العميد «صباح العزاوي»، قائد الفرقة 16 في الجيش العراقي، إن عمله أقرب إلى طبيب نفساني يحاول استعادة الثقة في الرجال. ولكن في حين يساعد التدريب على إعادة بناء الجيش، فإن وحدات التعبئة الشعبية هي الآن مؤسسة وطنية، على حسب قوله.
أصبح جيشًا حقيقيًا
وتابع «العزاوي»: «الجيش العراقي لديه تاريخ جيد وسوف يعود مجددًا كما كان. ربما يستغرق الأمر عاما أو عامين على الأكثر، سوف نقف على أقدامنا ونعود كما كنا جيشا حقيقيا».
ويقول «محمدي»، من قيادة عمليات الأنبار، إنه كان حذرا وخائفا منذ نوفمبر/تشرين الثاني ولديه إحساس بأن الرمادي ستسقط، إلا إذا زادت الولايات المتحدة من ضرباتها الجوية أو حال وصول مليشيات شيعية.
والآن قد تحصل الأنبار على كليهما. كانت الحكومة الأمريكية تشعر بالقلق من العمل مع المليشيات المدعومة من إيران، وكان الجيش الأمريكي يصر على الانسحاب من تكريت قبل أن يعود ويكثف حملة القصف على المدينة. لكن مسؤولي البنتاغون يقولون الآن إنهم سيوفرون غطاء جويا لجميع القوات في مدينة الرمادي تحت قيادة الحكومة العراقية.
ويدعي «محمدي» أن ذلك يشمل كتائب حزب الله. وأضاف «إن التحالف يوفر الدعم الجوي للجميع .. ذلك أفضل حل».