رغم تناقض موقف المملكة السعودية ودول الخليج مع موقف النظام المصري الانقلابي الحالي من الأزمة السورية وخاصة بشار الأسد، حيث تصر السعودية على إسقاط بشار الأسد وعدم إبقاء أي أدوار له في المرحلة القادمة بسوريا، فيما يرى قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ضرورة الإبقاء عليه والاكتفاء بعمل مصالحة شكلية، إلا أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير تعمد التأكيد على أنه لا يوجد خلاف بين المملكة ومصر فيما يتعلق بسوريا واليمن.
وأكد الجبير، خلال كلمته اليوم بالمؤتمر الصحفي المشترك مع وزير خارجية الانقلاب المصري سامح شكري، قائلا: “كلنا نسعى لإسقاط نظام الأسد وإيجاد الأمن والاستقرار في سوريا واستعادة مؤسساتها الشرعية، وبالنسبة لليمن فإن مصر لازالت جزء أساسي من التحالف والتنسيق بيننا مستمر فيما يتعلق بالوضع اليمني”.
تأتي تصريحات “الجبير” قبل أيام من تنظيم القاهرة لمؤتمر للمعارضة السورية، والذي تشير التقارير إلى أن المملكة غير راضية عنه، حيث تستضيف القاهرة في المؤتمر فصائل معينة دون أخرى، بهدف دعم حل سياسي يكون بشار الأسد جزءا منه، وهو التوجه الذي ترفضه المملكة.
فمن المقرر أن تستضيف مصر المؤتمر الموسع لمن أسمتهم القوى الوطنية السوية والمعارضة يومي 8 و9 يونيو المقبل, فيما يعرف بمؤتمر القاهرة “2” لبحث وثيقة سياسية تحدد ملامح خارطة الطريق لمستقبل سورية” – بحسب قولها-.
التفاوض والحل السياسي
وترتكز الوثيقة بحسب ما هو معلن، على مبادئ مؤتمر جنيف 1، حيث تبحث التفاوض مع نظام بشار الأسد، على أساس تسليم الحكم لحكومة انتقالية مشتركة ما بين المعارضة والنظام، للحفاظ على كيان الدولة, مدعية أن هدم كل ما له علاقة بالماضي سيؤدي إلى انجرار سورية إلى مشهد من الفوضى المستمرة!, متجاهلة كم الدمار والدماء التي سألت وجرائم بشار التي أرختها وكالات الأنباء ووسائل الإعلام المختلفة.
وبدوره، أعلن الائتلاف الوطني السوري عدم مشاركته في مؤتمر “القاهرة 2″، في بيان له يوم 18 مايو الجاري, وذلك بناءً على قرار اتخذته الهيئة العامة في 22 أبريل الماضي، مضيفاً أن نائب الرئيس هشام مروة انتقد مؤتمر المعارضة في القاهرة، مؤكداً أن أي مؤتمر لا يضم كافة مكونات المعارضة السورية لن ينتج حلاً يقنع جميع السوريين.
الخلاف على مصير بشار يفشل المفاوضات
وعقد اجتماع القاهرة الأول ما بين 22 و24 يناير الماضي، وكان من أهم نتائجه إصدار ما سمي بـ”بيان القاهرة” وتشكيل لجنة معنية بمتابعة الاتصالات مع أطراف المعارضة السورية للإعداد لمؤتمر موسع ثان بالقاهرة تم إعطاء عدد من المواعيد السابقة لعقده، قبل أن تعلن الخارجية المصرية عن موعده رسمياً، كما تضمن “بيان القاهرة” 10 نقاط ركزت على أهمية إحياء الحل السياسي التفاوضي طبقا لـ”بيان جنيف” وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وينص بيان مؤتمر “جنيف1” الذي عقد بإشراف دولي في يونيو 2012 وتصر المعارضة السورية على أن يكون منطلقاً لأي حل سياسي مفترض، على وقف العنف وإطلاق النار، والإفراج عن المعتقلين، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، وضمان حرية تنقّل الصحفيين، والتظاهر السلمي للمواطنين، وتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات.
إلا أن الخلاف على مصير بشار الأسد في مستقبل سورية هو ما عطل تنفيذ أي من تلك المقررات، وأفشل جولتين من مفاوضات “جنيف 2” التي عقدت ما بين يناير وفبراير 2014، في التوصل لحل سياسي للأزمة.
مصر تعتبر بشار عنصر هام لوقف الإخوان
وكانت صحيفة هآرتس العبرية، قد قالت في أبريل الماضي: “إن مصر تعتبر بشار الأسد, عنصرًا هامًا لوقف أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، في مقابل دعم السعودية الجماعة ضد نظام بشار”.
وأشارت إلى أن عبدالفتاح السيسي يرى أن الحل للحرب الأهلية السورية يجب أن يكون دبلوماسيًا وليس عسكريًا، وأن الأسد يجب أن يكون جزءًا من الحل، أو بمعنى آخر يكون الأسد طرفًا في المفاوضات حول التغيير السياسي في البلاد”.
ولفتت الصحيفة العبرية إلى وجود خلاف بين مصر السعودية في اليمن، حيث “يعارض النظام المصري احتمالية تكوين حكومة إصلاحية في اليمن يمثلها الإخوان المسلمين، لكن السعودية، التي أعلنت الإخوان منظمة إرهابية، تنظر مؤخرًا إلى حزب تجمع الإصلاح كقوة ينبغي الاعتماد عليها لتعزيز موقف الرئيس اليمني عبدربه هادي”.
أسلحة روسية للأسد بمساعدة مصر
كان الجنرال السيسي فور توليه منصب الرئاسة في مصر قد زار العاصمة الروسية موسكو والتقى فيها الحليف المقرب من نظام الأسد فلاديمير بوتين، كما رد بوتين الزيارة إلى القاهرة بعدها بفترة وجيزة، كما اكتشف العالم بعد ذلك أن النظام المصري مرر شحنة أسلحة روسية إلى نظام الأسد في سوريا منتهكاً بذلك العقوبات المفروضة على النظام.
تأتي هذه المعلومات لتؤكد الأخبار التي تتحدث عن علاقات سرية يقيمها السيسي مع إيران والحوثيين في اليمن، وهي العلاقات التي يسود الاعتقاد بأن السعودية علمت بها وغضبت منها، ولذلك تجاهلت مصر عندما أطلقت عملية “عاصفة الحزم” في اليمن يوم 26 مارس الماضي، كما لم تبلغ مصر بهذه العملية مسبقاً خشية أن يقوم السيسي بتسريب المعلومات عنها للإيرانيين والحوثيين.
خلاف على دعوة بشار لشرم الشيخ
وكان مصدر عربي قد كشف في مارس الماضي، أن “السيسي” بذل جهودا مضنية لدعوة النظام السوري للمشاركة في قمة شرم الشيخ، إلا أن السعودية هي التي رفضت وطلبت عدم
مشاركة أي وفد يمثل النظام السوري.
وقال المصدر إن السيسي ومعه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان طلبا دعوة النظام السوري للمشاركة في القمة العربية، إلا أن الملك سلمان هو الذي عارض ذلك، وهو ما يفسر لماذا غاب رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد، وغاب نائبه محمد بن راشد، وغاب الرجل الأول في الإمارات محمد بن زايد، حيث أن الإمارات كان لديها عدد من المطالب من بينها دعوة رئيس النظام السوري بشار الأسد للمشاركة، كما أنها متحفظة على الحرب في اليمن التي أجبرت جبراً على المشاركة بها رغم علاقاتها الجيدة مع علي عبد الله صالح والحوثيين -بحسب اسرار عربية-.
ولفت المصدر الى أن مقعد الوفد السوري الذي كان فارغاً كان عليه علم النظام السوري، وليس علم الثورة السورية الذي رفع في الدورتين الماضيتين للقمة العربية، وهي إشارة كانت بالغة الوضوح من السيسي الذي يدير المؤتمر بأنه لا يعترف بالثورة السورية، وأنه يعتبر أن الغائب هو بشار الأسد، وليس غيره، وأنه الذي يمثل الشعب السوري وليس أي طرف آخر.
صحيفة شؤون خليجية