يرتبط في أذهان المراقبين والشعوب العربية عموما انطباعات قوية حول دور لدولة الإمارات في الربيع العربي لجهة العمل على تعطيله أو العبث به وفق ما يرى المراقبون مستدلين بالسياسات الإماراتية الخارجية والداخلية المعلنة اتجاه الناشطين الإماراتيين واتجاه الشعوب العربية التي قامت بثورات في بلادها من دعم كامل لانقلاب السيسي إلى مساندة اللواء حفتر في ليبيا ضد الثوار وسعي الإمارات إلى إعادة تأهيل نظام الأسد إلى جانب الإعلام الإماراتي الذي يصنفه المتابعون على أنه إعلام محرض على الربيع العربي بصورة علنية.
الحالة التونسية
تونس التي شهدت بداية الثورات الشعبية كان للإمارات فيها دور واضح في تعطيل بعض المسارات والمحطات الديمقراطية وفق ما يؤكده سياسيون وناشطون تونسيون، أفادوا بتورط المال السياسي ولا سيما المال الإماراتي في الانتخابات التونسية البرلمانية والرئاسية إلى جانب تحريض اتحاد الشغل التونسي على مدار السنوات الأخيرة للقيام باحتجاجات مقصودة بهدف تعطيل مسار الثورة وإثارة الناس اجتماعيا واقتصاديا ضد الثورة.
ومع أن الانتخابات التونسية الأخيرة فاز فيها القائد السبسي المدعوم إماراتيا ماليا وماديا وفق ما يؤكده ناشطون تونسيون أبرزوا وثائق حول تلقي السبسي عدة سيارات فارهة في أغسطس 2014، إلا أن ناشطين يشيرون إلى استمرار تدخل الإمارات في الشأن التونسي ليكون السبسي نسخة مكررة عن السيسي تماما في إقصاء مكونات الثورة والردة عن الحقوق والحريات رغم وجود مؤشرات تفيد أن السبسي يقوم بذلك بصورة أو بأخرى ولكن بوتيرة قد تريد الإمارات أن تكون بصورة أسرع وأعمق.
تساؤلات مشروعة
موقع نون بوست الإخباري نشر مقالة حول الدور الإماراتي في تونس، معتبرا أن “اسم دولة الإمارات ارتبط بحالة الانتكاس التي شهدتها ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا بالأساس، وسال كثير من الحبر حول أموال طائلة بذلتها في هذه الدولة من أجل صد موجة صعود تيار الإسلام السياسي لسدة الحكم” على حد تعبير الموقع.
الموقع أشار إلى تصريحات ليست للنشر أدلى بها السبسي على هامش مقابلة مع صحفي تونسي أكد فيها “أن الإمارات اشترطت إعادة إنتاج المشهد المصري لتمكن السبسي من إعانات اقتصادية سبق وبشر بها في حملته الانتخابية”. وبحسب الصحفي التونسي فالسبسي اعتبر أن هذه الأجندة “مكلفة جدًا” وبأنه غير قادر على تطبيقها، وهو ما يفسر غياب الدعم الإماراتي أو توقفه، كما يرى الموقع.
تحقيق بتصريحات السبسي
المعارضة التونسية طالبت بسرعة وضرورة فتح تحقيق برلماني يضم كافة الأحزاب، “للتحقيق في تقارير حول سعي أبو ظبي لاستخدام نفوذها من “أجل تدمير البلاد”، وفق تعبير المعارضة التونسية، التي اعتبرت أن “التدخل الإماراتي في الشؤون التونسية خطير للغاية، ويمثل اعتداءً واضحًا ضد الدولة وشعبها”.
وفي ليبيا ومصر …
ويوثق موقع “نون بوست” الحالات الأخرى التي رأى أن الإمارات لعبت فيها دورا سلبيا، كما حدث في ليبيا، “حيث نشرت غرفة ثوار ليبيا على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي، في فبراير 2014، تفاصيل “تؤكد التدخل الإماراتي في الشأن الليبي والعمل على إجهاض الثورة الليبية”.
وفي مصر قال الكاتب الصحفي المصري، مصطفي بكري، إن دولة الإمارات قامت بدور كبير في إسقاط حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي، بمجرد توليه الرئاسة.
وقال بكري في مقال نشرته جريدة “الأسبوع” التي يرأس تحريرها إن الإمارات كانت واضحة منذ البداية في موقفها من جماعة الإخوان، وكانت تعليمات الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة منذ البداية “لا تعاون مع حكم الإخوان في مصر”.
وأضاف بكري على سبيل إظهار الثناء والإشادة بموقف الإمارات، “كانت مهمتهم الأولى، وتحديدًا الشيخ محمد بن زايد وشقيقه الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية، كيف يمكن إقناع الغرب بحقائق ما جرى في مصر، وبالدور الخطير الذي تلعبه جماعة الإخوان في تهديد أمن المنطقة والعالم، لم يكن المجتمع الغربي مستعدًا لتغيير مواقفه في هذا الوقت”.
دراسة حول الدور الإماراتي
ويضيف الموقع الإخباري، “استأثر الدور المشبوه الذي تلعبه الإمارات في دول المنطقة باهتمام سامي الجلولي، الباحث السياسي المختص في الأنظمة العربية، ومدير مركز جنيف للسياسات العربية، الذي كتب في هذا الشأن واختار له من العناوين “الإمارات .. إرهاب دولة” قبل أن يغيره إلى “الإمارات ما قبل الكارثة”.
وبحسب الكاتب، فإن للإمارات دور كبير في تأجيج الصراع وخلق بؤرة توتر جديدة ستعصف بالمنطقة، فاليمن ليس إلا باب لفوضى جديدة ستعمّ المنطقة، حسب تقديره.
وبناء على النظرية التي يرتكز عليها الجلولي، فإن جهات في الإمارات عملت على دعم الحوثيين وعلي عبد الله صالح، من أجل الإطاحة بالشرعية، ولكنه يرى أن المستهدف هو السعودية التي لا يخفي بعض قيادات إمارة أبوظبي عداءها التاريخي لها، وتعتبر هذه الشخصيات أن إسقاط النظام السعودي وتفكيكه من الأولويات، ورأى الباحث أن “سعي الإمارات الجنوني للزعامة” سيدخل المنطقة في دوّامة من الفوضى والعنف، وهذا ليس خافيًا على أحد، حسب ادعائه.