قالت شبكة بلومبرج الإخبارية الأمريكية المعنية بالشأن الاقتصادي إن مباحثات مصر مع صندوق النقد الدولي قد تعود مجددا في الوقت الذي يقول فيه المستثمرون إن قروض الصندوق تقدم منصة قوية لإحياء الاقتصاد المصري وعلى نحو يفوق الأموال الذي يغدق به الحلفاء الخليجيون على القاهرة.
ونقلت الشبكة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني عن ياسون توفي المحلل في مؤسسة ” كابيتال إيكونوميكس” اللندنية قوله إنه وحتى ومع ظهور بوادر تعافي في السياحة والاستثمار، فإن الفجوة بين العملة الأجنبية في مصر وبين الاحتياجات ربما تصل إلى 15 مليارات دولار سنويا بحلول 2017.
وأضاف توفي أن الدعم الذي تحصل عليه مصر من الخليج يسهم بالطبع في ” استقرار ميزان المدفوعات بها،” موضحا أن هذا ” لا يُعد حل طويل المدى.”
وتحولت مصر إلى الدول الخليجية في أعقاب الاضطرابات السياسية التي عصفت بها بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، وإطاحة المؤسسة العسكرية المصرية بالرئيس المعزول محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، وما تلا ذلك من هروب جماعي للمستثمرين وتراجع الاحتياطي النقدي للبلاد.
وفي البداية تعهدت قطر ثم المملكة العربية السعودية والإمارات بمساعدة القاهرة بما يزيد 40 مليارات يورو في صورة منح وقروض واستثمارات لدعم حكومتها. في غضون ذلك، توقفت المباحثات المتكررة بين القاهرة وصندوق النقد الدولي.
ولم تستبعد الحكومة المصرية الحالية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي الحصول على قرض من جانب صندوق النقد الدولي، على الرغم من أن نائب وزير المالية المصرية أيمن القفاص نفى تقريرا نشرته صحيفة الوطن المصرية المستقلة الأسبوع الماضي حول مناقشة إتفاقية بقيمة 6 مليارات دولار مغ مسئولين في صندوق النقد بالقاهرة الشهر المقبل.
الصندوق هو الخيار الأفضل
وقال سيرجي ديرجاتشيف المدير المالي البارز في مؤسسة ” يونيون إنفيستمنت برايفيت فاندز”إن ” التمويل عن طريق صندوق النقد هو الخيار الأفضل، إذ أنه يعني نوعا من الانضباط المالي والسياسات الحذرة في إدارة الديون.”
وكان السيسي قد أقدم بالفعل على تنفيذ بعض السياسات التي يطالب بها صندوق النقد كشروط مسبقة للحصول على قروض، فقد خفضت السلطات دعم الوقود في العام 2014، وتستهدف أيضا تقليل عجز الموازنة بمقدار 1.5 نقطة مئوية على الأقل إلى 10.5 % من الناتج الاقتصادي هذا العام.
ووفقا لـ لوتز رويهمير، مدير الصناديق في مؤسسة ” لاندزبنك برلين إنفيستمنت”، سوف يطلب صندوق النقد على الأرجح من القاهرة تسريع وتيرة الإجراءات في هذا الصدد فضلا عن أمور أخرى، مشيرا إلى أن هذا سيكون شيئا جيدا.
وتابع: “ المستثمرون حتى الأن لديهم إنطباع بأن السياسات والإصلاحات تسير بوتيرة بطيئة جدا في مصر،” مردفا ” برنامج صندوق النقد الدولي سوف يزيد درجة اليقين وسيكون ثمة أجندة إصلاح.”
وانتقد صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع القرار الذي اتخذته مصر بإرجاء فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على مستثمري الأسهم، القرار الذي أسهم في دفع مؤشر البورصة الرئيسي إلى الصعود على مدار يومين بنسبة 7.5%.
وقال كريس جارفيس رئيس بعثة صندوق النقد إلى مصر أيضا إن الحكومة المصرية لم تطلب تمويلا من صندوق النقد
الإرتباط الحتمي بالصندوق
ما تيوفي فاعتبر أن هناك عيوبًا في تمويل صندوق النقد الدولي من وجهة نظر الحكومة، وقال” السلطات المصرية تفضل عدم ربطها بنسبة حزمة تمويل صندوق النقد، وبدلا من إجراء إصلاحات اقتصادية بالوتيرة التي تناسبها، تعتمد على تمويل دول الخليج باعتبارهم حاجزا وقائياً”.
وفي السياق ذاته، قالت وزيرة التعاون الدولى الدكتورة نجلاء الأهوانى في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية الأربعاء الماضي “مصر حاليا لا تسعى للحصول على قرض صندوق النقد بسبب وتيرة الإصلاحات المطلوبة التي قد لا تكون متوافقة مع الظروف الاجتماعية في البلاد”.
ورأت “بلومبرج” أن العديد من الاقتصاديين يعتقدون أن وجود ضغط على الموارد المالية المصري سيجبر الحكومة على التغلب على أي صعوبة من هذا القبيل. وقال المحلل الاقتصادي عمر الشنيطي والعضو المنتدب لبنك الاستثمار بالقاهرة” عاجلا أو آجلا، سنضطر إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي .. لكن المصداقية أولاً قبل الأموال”.