ذكرت مؤسسة كارنيجي الأمريكية للأبحاث، عدة أسباب ادت إلى إسقاط حكم جماعة الإخوان وعزل الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي، عقب تظاهرات حاشدة، ورصدت المؤسسة لذلك تقريرًا مفصلًا عن إخفاقات الإخوان، التي أدت إلى انتفاضة ضد حكمهم.
وأكد التقرير أن الجماعة لم تتمكن من القيام بعملية تحول في بنيتها الأيديولوجية والتنظيمية بما يتماشي مع روح العصر كما أن اشتغالهم بالعمل السياسي واندماجهم في النظام القائم قبل ثورة 25 يناير لم يؤد إلى تبنيهم أفكار الديمقراطية والحداثة كما توقع البعض، مضيفا أن قيادة الجماعة لم تنجح في استرضاء أركان الدولة القوية في مصر كما عجزت عن جذب النخب والفاعلين السياسيين ذوي الأهمية والتأثير في الشارع المصري.
ووصف كاتب التقرير فكر الإخوان السياسي بـ«الضحالة والانتهازية»، مما أثر بالطبع على إدعاءاتهم بالشرعية وبامتلاك مشروع لإقامة دولة ذات نظام حكم إسلامي وفي هذا الإطار لم تتمكن الجماعة من ترجمة الانتصارات الانتخابية التي حققتها إلى سيطرة حقيقية على المشهد السياسي وقد أدى كل ما سبق إلى فقدان الثقة في شعار «الإسلام هو الحل» الذي رفعه الإخوان، حسب التقرير.
وحدد التقرير ثلاثة أخطاء رئيسية وقعت فيها جماعة الإخوان ، الأول يتعلق بالجانب السياسي فلم تتمكن الجماعة من قراءة الوضع السياسي في مصر على نحو سليم حيث اندفعت بقوة نحو محاولة السيطرة على المشهد في عملية تخللها أخطاء تكتيكية فادحة حيث لم يدرك قادة الإخوان وجود قوى مؤسسية تقليدية ممثلة في الجيش والشرطة والقضاء والجهاز الإداري للدولة ينبغي إما مواجهتها أو استرضاءها حيث لم تتمكن الجماعة من تحقيق الاثنين، معتبرين الانتصارات الانتخابية التي نجحوا في تحقيقها بمثابة تفويض شعبي مطلق متناسين أهمية عدم تهميش النخب العلمانية وضرورة تقديم بعض التنازلات لكسبهم في صف الإخوان.
وأضاف التقرير أن الجماعة خاضت معركة لا يمكن حسمها أو تحقيق النصر فيها متسلحين بالحماسة الأيديولوجية وأوهام العظمة وليس بناء على تقييم واقعي للحقائق الموجودة على الأرض وفي ذات السياق لم يفطن قادة الإخوان للديناميات الإقليمية المحيطة والتي تجلت في دعم السعودية والإمارات وبدرجة أقل الكويت لمؤسسات الدولة التقليدية في مصر حيث ألقت الدول الثلاث بثقلها السياسي والاقتصادي والإعلامي خلف المعسكر المناهض للإخوان وذلك خوفا من تنامي النفوذ الإخواني داخل هذه الدول الثلاث، حسب وصف التقرير.
وذكر التقرير أن الخطأ الثاني يرتبط بالمستوى الأيديولوجي، حيث ظهرت الانتهازية بشكل جليّ في تطويع بعض الأفكار لتحقيق انتصارات سياسية على المدي القصير إلا أن هذا لم يمحو من ذهن المصريين الأفكار المتطرفة التي تعتبر ركيزة أساسية في فكر الجماعة كما أن الانفصال الواضح بين فكر الجماعة ومواقفها السياسية قد أظهر للجميع عدم التوافق بين فكر الإخوان والقيم الديمقراطية الحديثة. ولفت إلى أن الخطأ الثالث يتعلق بالمستوي التنظيمي فكانت الهيراركية الجامدة التي تتصف بها الجماعة من الناحية التنظيمية فضلا عن المركزية الشديدة وعدم الشفافية في صنع القرار والانغلاق على الأعضاء والعزلة عن بقية أطياف المجتمع عقبة أمام قدرة الجماعة على التكيف مع المتغيرات المجتمعية التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة، حيث أن حرص الجماعة المبالغ فيه على تحقيق الوحدة التنظيمية وإسكات الآراء المخالفة قد أدى إلى ابتعاد العقول المميزة وانشقاقها عن الجماعة كما أن عقلية القادة التنظيميين للإخوان والتي يطغي عليها الإنطواء والتحجر قد ساهمت أيضا في إعاقة قدرتها على بناء شبكة من الحلفاء الداعمين لها.
ويستعرض التقرير كيف اتسمت جماعة الإخوان وقادتها بضيق الأفق السياسي الذي لم ير في ثورة 25 يناير سوى فرصة سانحة للقفز على المشهد والانقضاض على السلطة غافلين العوامل التي أدت إلى اندلاع تلك الثورة وعلى رأسها رغبة المصريين في تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية وبالتالي كان افتقاد الإخوان للرؤية وعدم قدرتهم على بلورة أجندة إصلاحية أحد أهم أسباب سقوطهم المدويّ، فقد وجد الإخوان في نموذج «أردوغان» مثالا يحتذي به بغض النظر عن غياب الكوادر المؤهلة داخل صفوف الجماعة والقادرة على تحقيق التنمية الاقتصادية وبناء التحالفات السياسية على غرار ما قام به أردوغان في تركيا وبالتالي كان اندفاعهم نحو السلطة بمثابة انتحار سياسي سريع.
واختتم المركز تقريره بالقول: «كان من الطبيعي بعد كل ما سبق أن ينصرف الشعب المصري عن هذه الجماعة ويعلن لفظه لها من خلال المظاهرات العارمة التي اجتاحت محافظات مصر في 30 يونيو 2013 إيذانا ببدء مرحلة جديدة يسطر فيها الشعب المصري صفحة ناصعة من صفحات الوطنية والانتماء والتكاتف من أجل رفعة مصر داخليا وخارجيا»، وذلك على حد وصف التقرير.