تتسع دوائر الغضب في دول خليجية ضد حزب الله بإجراءات عملية وحازمة ومتصاعدة، فبعد يوم واحد من إعلان السعودية تصنف قياديَّيْن في (حزب الله) ضمن قائمة الإرهاب، كشفت صحيفة “القبس الكويتية”، أن بعض دول مجلس التعاون الخليجي بدأت في اتخاذ خطوات ضد المتعاطفين والمتعاونين مع “حزب الله” اللبناني، وتنظيم داعش، وجبهة النصرة، وغيرها من المنظمات الإرهابية المتطرفة. وتشمل هذه الخطوات عدم تجديد إقاماتهم في هذه الدول، ومراقبة تحويلاتهم المالية إلى الخارج، وذلك تنفيذاً لقرارات اتخذها وزراء الداخلية في دول مجلس التعاون أثناء اجتماعهم الأخير.
ويرى مراقبون وفق موقع (شؤون خليجية) أن هذه الخطوات جاءت متأخرة، ومنقوصة، حيث سبق وسارعت السعودية والإمارات إلى تصنيف جماعة الإخوان ضمن قوائم إرهابية، رغم أنها تصنف على أنها ضمن الحركات الإسلامية المعتدلة، بينما تبدأ منذ أمس، في تصنيف أشخاص بحزب الله اللبناني ضمن قوائم الإرهاب.
يشار إلى أنه في 7 مارس 2014، صنفت السعودية ضمن قائمة المنظمات الإرهابية حزب الله في السعودية، وكذلك أصدرت الإمارات رسميًا في 15 نوفمبر ،2014 مرسومًا حكوميًا يقضي بتصنيف بعض الجماعات والمنظمات على لائحة الإرهاب، تضمنت كل من “حزب الله في الحجاز وكتائب نصر الله في العراق”، ويرى محللون أنها لم تفعل بالشكل المطلوب.
يأتي ذلك الموقف الأخير تجاه حزب الله، على خلفية سلسلة شبه يومية من التهديدات المباشرة من قبل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله للسعودية، كان أشدها تهديده بإمكانية إعلان التعبئة العامة في صفوفه، إلى جانب دور بعض عناصره في خوض عمليات عسكرية في سوريا واليمن.
فقد أعلنت السعودية أمس، تصنيف اثنين من قياديي حزب الله اللبناني كمسؤولين عن عمليات “إرهابية” في الشرق الأوسط، ومساعدة وإرسال مقاتلين، ودفع مبالغ مالية إلى فصائل مختلفة داخل اليمن.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن هذا القرار يأتي على خلفية مسؤولية اثنين من قياديي حزب الله، هما خليل يوسف حرب، ومحمد قبلان “عن عمليات في أنحاء الشرق الأوسط، واستهداف أنشطة حزب الله الخبيثة التي تعدت إلى ما وراء حدود لبنان”.
وأشارت إلى أن “قياديي حزب الله مسؤولان عن أنشطة عدة، منها دعم نظام بشار الأسد في سوريا، ومساعدة وإرسال مقاتلين، ودفع مبالغ مالية إلى فصائل مختلفة داخل اليمن، وإلى قادة عسكريين مسؤولين عن عمليات إرهابية في الشرق الأوسط”. وأنه تم تصنيف حرب وقبلان، وفرضت عليهما عقوبات، استنادًا إلى “نظام جرائم الإرهاب وتمويله”.
ليس هذا فحسب، بل أعلنت المملكة “أنها ستواصل مكافحتها الأنشطة الإرهابية لحزب الله بكل الأدوات المتاحة، كما ستستمر في العمل مع الشركاء حول العالم، للتأكيد على أن أنشطة حزب الله العسكرية والمتطرفة ينبغي عدم سكوت أي دولة عليها”.
وتهدد الملكة بالمزيد “طالما يقوم حزب الله بنشر الفوضى وعدم الاستقرار وشن هجمات إرهابية، وممارسة أنشطة اجرامية وغير مشروعة حول العالم، فإن المملكة العربية السعودية ستواصل تصنيف نشطاء وقيادات وكيانات تابعة لحزب الله، وفرض عقوبات عليها وفق نتائج التصنيف”.
كذلك كشفت مصادر عدلية سعودية، أن المحاكم وكتابات العدل السعودية تعمل حالياً، على حصر ومتابعة حسابات مصرفية واستثمارات وأصول عقارية في السعودية تابعة لـ44 فرداً يحملون الجنسية اللبنانية، منتمين لـ “حزب الله”، وأشارت إلى أنهم مدرجون على قائمة المنع من دخول السعودية، أو لهم صلة بتلك الحسابات والاستثمارات والأصول.
وقالت المصادر إن كتابات العدل تعمل على جمع أية معلومات عن حساباتهم واستثماراتهم وعقاراتهم، لاتخاذ التدابير الكفيلة بفرض قيود على أي تعاملات مالية، أو استثمارية، أو أنشطة تجارية للأشخاص الـ44 المنتمين إلى “حزب الله” اللبناني.
تهديدات مباشرة
جاء الرد السعودي بالتزامن مع تصاعد تهديدات مباشرة وغير مباشرة من قبل حزب الله اللبناني للسعودية، على خلفية قيادتها للعملية العسكرية في اليمن، ودورها في دعم المعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد، حيث أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، الجمعة الماضية في كلمة عبر الشاشة، مخاطبًا من خلالها حشدًا من الكوادر المقاومين: “إن المقاومة تخوض معركة وجودية بكل معنى الكلمة”، لافتًا إلى أنه في المرحلة المقبلة “قد نقاتل في كل الأماكن”، و”قد تعلن التعبئة العامة لكل الناس”.
ووجه الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، هجومًا حادًا على السعوديّة، مطالبًا “الشعوب العربية والإسلاميّة للوقوف بوجهها”، وقال إن السعوديّة مسؤولة عن انتشار فكر تنظيم “القاعدة” وتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، في العالمين العربي والإسلامي. وذلك في كلمة له في مهرجان “التضامن مع اليمن المظلوم”، الذي نظمه حزب الله عصر الجمعة 17 إبريل في ضاحية بيروت الجنوبية، وقال إن “هناك تهديداً للحرمين الشريفين من قبل (داعش)، وأن الحرم النبوي في خطر من داخل السعودية والفكر والثقافة الوهابية، كتب التاريخ تشهد على ذلك”.
وجدد السيد نصرالله عبارة شكراً سوريا “لأنها صمدت ولم تخضع لهذا الفكر التكفيري الأسود”، وكرر “اتهامه للسعودية بالتدخل مباشرة في البحرين، ومنع الحل السياسي فيه”، بحسب قوله.
ليست فقط تهديدات كلامية، حيث نقل موقع “ذا واشنطن فري بيكون” الأمريكي، أمس تقارير عن الاستخبارات الأمريكية تم تداولها سرًا داخل أروقة الحكومة، تحدثت عن أن إيران أرسلت قوا
ت إضافية إلى اليمن، بهدف السيطرة على مضيق باب المندب في المقام الأول، ثم تهديد النظام السعودي كخطوة تالية. وأشار الموقع إلى أن القيادة الإيرانية أمرت مطلع الشهر الجاري، قوات من الحرس الثوري الإيراني، وخاصة فيلق القدس ومقاتلين من حزب الله اللبناني، بالتوجه إلى اليمن.
وتحدث الموقع عن أن القوات الإيرانية والتابعة لشيعة من العراق، التي تساعد الحوثيين في اليمن، تقدر بنحو 5 آلاف شخص، لكن لا يعرف عدد مقاتلي حزب الله اللبناني المتواجدين حاليًا في اليمن تحديدًا.
من ناحية أخرى ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أمس: “إن فرض السعودية عقوبات على اثنين من قادة حزب الله اللبناني بتهمة التورط في عمليات إرهابية بالمنطقة، دليل على تنامي التنسيق بين المملكة ووزارة الخزانة الأمريكية”.
وأشارت الصحيفة إلى إعلان الرياض وضع خليل يوسف حرب ومحمد قبلان على قائمة العقوبات، لأنشطتهما التي استهدفت زعزعة الاستقرار لحلفاء المملكة الاستراتيجيين، كاليمن ومصر ولبنان.
وبحسب خبراء، تمتد طموحات «حزب الله» إلى ما هو أبعد من الداخل اللبناني، باعتبارها حركة شيعية مسلحة عازمة- بشكل ملحوظ على ما يبدو- على الإجهاز على خصوم سنيين في منطقة الشرق الأوسط. ونتيجة لذلك؛ أرسلت الحركة الآلاف من مقاتليها إلى سوريا، وكبار المستشارين العسكريين إلى العراق، وساعدت المتمردين الشيعة على الوصول إلى السلطة في اليمن، وهددت البحرين ردًا على تعامله مع احتجاجات الأغلبية الشيعية.