في 23 أيار/مايو، استجوب أعضاء البرلمان الإيراني وزير الخارجية محمد جواد ظريف ونائبه عباس عراقجي، وذلك خلال جلسة غير رسمية لـ «المجلس». وتسربت تصريحات من الجلسة أشارت إلى أن ما قاله المرشد الأعلى علي خامنئي بصورة علنية حول المحادثات النووية الجارية مع مجموعة «دول الخمسة زائد واحد» قد تختلف عن التعليمات السرية التي يعطيها للمفاوضين الإيرانيين.
وبعد يوم واحد من الجلسة، قام موقع على الإنترنت يديره النائب حميد رسايي – من أشد منتقدي الفريق المفاوض – بنشر تصريحات عراقجي المزعومة أمام «المجلس». ووفقاً لموقع (http://www.rasaee.ir)، قال عراقجي أن الفريق المفاوض سيوافق على الإجراءات المعززة المطلوبة للتحقق والتثبت بموجب «البروتوكول الإضافي» لـ «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، من بينها تفتيش المنشآت العسكرية الايرانية – شريطة أن لا يتم استغلال هذه السلطة من قبل عملاء أجانب. وقال للمجلس أنه “منذ بداية المفاوضات في مسقط، تم تخويلنا بقبول «البروتوكول الإضافي» والمضي قدماً في المفاوضات”، مما يعني ضمناً وإلى حد كبير أن خامنئي هو الذي منح التخويل لذلك. وعندما احتج النواب، أشار إلى أنه “من حق «المجلس» أن يرفض الموافقة على [«البروتوكول الإضافي»]”، لكنه يعني أيضاً أن ذلك لن يغيّر شيئاً يذكر بالنسبة للمفاوضين لأنه كان قد تم تخويلهم بالفعل لقبوله.
وسرّب الموقع هذه التصريحات بعد أن رفض عراقجي ادعاءات أخرى لأعضاء البرلمان بأن الفريق المفاوض سيوافق على وصول مفتشي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» إلى المنشآت العسكرية. وعلى الرغم من إنكار عراقجي لهذه الإدعاءات، إلا أن تسريب رسايي يُظهر ظريف وهو يقول: “حتى أن «خطة العمل المشتركة» التي تم التوصل إليها في جنيف تشير إلى «البروتوكول الإضافي»، ويجب أن يتم السماح بالوصول إلى المنشآت غير النووية بما فيها المنشآت العسكرية بموجب «البروتوكول الإضافي»… ولكن سيتم التحكم [بما يمكنهم] الوصول إليه… وإذا ادّعى مفتشو «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»أن هناك نشاطاً مشبوهاً في منشأة عسكرية … فسوف نقود المفتشين إلى هناك معصوبي العينين إلى أن يصلوا إلى الموقع المحدد الذي يريدون رؤيته. وسوف نغطّي المساحات التي لا نريدهم رؤيتها … وهذه هي عملية التحكم المتعلقة بالوصول [إلى المواقع]”. ومن الصعب التوفيق بين هذا الموقف والتصريحات العلنية المتكررة التي أدلى بها خامنئي بأن تفتيش المنشآت العسكرية هو خطاً أحمر بالنسبة للجمهورية الإسلامية.
وبالمثل، تقف أحدث تصريحات ظريف العلنية على خلاف مع موقف خامنئي العلني. ففي 25 أيار/مايو، قال لـ «وكالة أنباء الطلبة الإيرانية» أن المقابلات التي تجريها «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» مع العلماء النوويين الإيرانيين ليس لها علاقة مع جوهر المفاوضات: “هذه قضية هامشية … حتى في ظل الحكومة السابقة [محمود أحمدي نجاد]، فقد أُجريتْ عدة مرات مقابلات مع علمائنا النوويين من قبل وكلاء «الوكالة النووية للطاقة الذرية»”. وفي المقابل، أعلن خامنئي في خطاب ألقاه في 20 أيار/مايو، “أنا لن أسمح للأجانب بالقدوم والتحدث إلى علماء وأطفال الأمة الأعزاء واستجوابهم … عدونا الفظ والوقح يتوقع منا السماح لهم بالتحدث مع باحثينا وعلمائنا حول [إنجاز] أساسي وطني ومحلي، ولكن لن يتم قط منح مثل هذه الرخصة… وهذا ينبغي أن يكون واضحاً لأعداء الجمهورية الإسلامية وجميع أولئك الذين ينتظرون قرار الحكومة [حول الاتفاق النووي].” وتشير تصريحات ظريف أنه تم تجاوز هذا الخط الأحمر في الماضي وأنه لا يُعتبر أمراً مهماً. ونظراً للسيطرة الواسعة للمرشد الأعلى على صنع القرار الإيراني، فمن المستبعد جداً أن يعبّر ظريف أو غيره من المسؤولين عن هذه الآراء إذا لم يلتزم خامنئي نفسه بها وراء الأبواب المغلقة.
وباختصار، يبدو أن هناك اختلافات كبيرة بين التصريحات العلنية التحريضية التي أدلى بها خامنئي بشأن المحادثات النووية والتعليمات والإرشادات الأكثر عملية ومرونة التي يعطيها على ما يبدو للمسؤولين الايرانيين وراء الكواليس. إن القراءة المتفائلة لهذه الفجوة هي أن اتفاقاً قابلاً للتطبيق قد يكون ممكناً وأنه من الممكن إلى حد كبير تجاهل الخطوط الحمراء المعلنة من قبل خامنئي. وفي الوقت نفسه، فإن عدم رغبة خامنئي في الاعتراف علناً بالتنازلات التي يوافق عليها وراء الكواليس لا تُعتبر أمراً مشجعاً. وكما جرت العادة، لا يريد المرشد الأعلى اتخاذ أي موقف حازم من شأنه أن يجعله مسؤولاً عن نتائج المفاوضات أو الاتفاق الناتج.
مهدي خلجي هو زميل “ليبيتزكي فاميلي” في معهد واشنطن.