زهير أندراوس – ما زالت إسرائيل تُواكب عن كثب العلاقات المترديّة بين حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس) وبين مصر بقيادة المُشير عبد الفتّاح السيسي، فبالإضافة إلى تساوق المصالح بين تل أبيب والقاهرة في الضغط المُكثّف على حماس، يعمل صنّاع القرار في إسرائيل على تأجيج الخلافات بين حماس والقاهرة، لأنّ هذا الأمر يصّب في مصلحة الأمن القوميّ الإسرائيليّ.
وفي هذا السياق، نقلت الإذاعة الإسرائيليّة الرسميّة باللغة العبريّة (ريشيت بيت)، عن مسؤولين وصفتهم بأنّهم رفيعو المستوى، نقلت عنهم قولهم إنّ موقف مصر بالنسبة لحماس بات مُتشدّدًا للغاية، وأنّ المصريين لا يخفون هذا الموقف المُعادي للحركة.
وتابعت المصادر السياسيّة والأمنيّة في تل أبيب قائلةً إنّ الرئيس السيسي ليس معنيًا بتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزّة، بل على العكس، يعمل على تشديده، ولفتت المصادر عينها إلى أنّ الرئيس السيسي اتخذّ قرارًا بتجفيف حركة حماس، لأنّ هدفه التكتيكيّ والإستراتيجيّ هو إنزال حماس عن سُدّة الحكم في قطاع غزّة، وإعادة السلطة الفلسطينيّة إلى إدارة شؤون القطاع، وشدّدّت المصادر أيضًا على أنّه من أجل تحقيق هذا الهدف، فإنّ مصر تعمل بخطى حثيثةٍ جدًا من أجل التضييق أكثر فأكثر على حماس في جميع المجالات، على حدّ تعبير المصادر الإسرائيليّة.
علاوة على ذلك، أشارت المصادر ذاتها إلى أنّ السلطات المصريّة تتهّم حماس بمُساعدة الإرهابيين من جماعة (أنصار بيت المقدس) التي تنشط في شبه جزيرة سيناء، والتي بايعت تنظيم الدولة الإسلاميّة. بالإضافة إلى ذلك، تتهّم القاهرة حركة حماس بأنّها تأوي عددًا كبيرًا من المطلوبين للسلطات المصريّة بتهمة ارتكاب أعمالٍ إرهابيّةٍ، إلّا أنّ حماس رفضت طلبت القاهرة بتسليمها هذه العناصر التي تختبئ في قطاع غزّة، الأمر الذي زاد من حدّة التوتّر بين الطرفين، حسبما ذكرت المصادر في تل أبيب.
على صلةٍ بما سلف، قال مصدر مقرب من حركة “حماس″، لوكالة الأناضول التركية، يوم أوّل من أمس الأحد، إن موسى أبو مرزوق، القيادي البارز في المكتب السياسي لحركة حماس، عُيّن مسؤول عن ملف العلاقات الخارجية في الحركة، وأنّه ينوي الانتقال إلى العاصمة القطرية، الدوحة، للإقامة هناك. وبحسب المصادر الإسرائيليّة فإنّ هذا التغيير في قيادة حماس يؤكّد على أنّ حركة المقاومة الإسلاميّة (حماس) لم تعد تثق بالقيادة المصرية، وتتوجه إلى دول الخليج لتركن عليها. وكان أبو مرزوق قد انتقل للإقامة في القاهرة في أعقاب إغلاق مكتب الحركة في دمشق عام 2011، وبعد صعود حركة الإخوان المسلمين في مصر، إلا أنّه انتقل في مرحلة معينة إلى غزة، ويُقيم أبو مرزوق في قطر إلى جانب عدد من قادة حماس السياسيين، أبرزهم رئيس المكتب السياسي، خالد مشعل.
وعلى صعيد آخر، يسعى المكتب السياسيّ لحركة حماس، حسبما تناقلت الصحافة الإسرائيلية والعربية في الآونة الأخيرة، إلى تمرير رسائل إلى إسرائيل بخصوص نيته إبرام اتفاق تهدئة طويلة الأمد بين الطرفين. وقد يكون لتسليم أبو مرزوق ملف العلاقات الخارجية علاقة بهذه المفاوضات مع إسرائيل. ولكن مع ذلك، من الأهميّة بمكان الإشارة إلى أنّ حركة حماس نفت جملةً وتفصيلاً أنْ تكون قد مررت رسائل إلى الحكومة الإسرائيليّة، عبر طرف ثالث، طالبة من خلالها إبرام الهدنة مع الدولة العبريّة إلى أمدٍ طويلٍ جدًا. وفي ما يتعلّق بحماس، كتب المحلل للشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس″، عاموس هارئيل، أنّ مصر تُواصل حربها على “أنفاق التهريب” التي تربط القطاع بالأراضي المصرية، مضيفًا أنّ غضب جنرالات مصر على حماس يعود إلى العون السريّ الذي تُقدّمه الحركة للجماعات الجهادية في سيناء.
وقال هارئيل، الذي اعتمد على مصادر عسكريّة إسرائيليّة رفيعة المستوى، إنّه لا يستبعد الاحتمال أنْ تشنّ مصر عملية عسكريّة ضدّ حماس في القطاع في حال تصعيد أمنيّ في شبه جزيرة سيناء. ولفت المُحلل العسكريّ، وهو صاحب الباع الطويل في المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، إلى أنّ مصر غير معنية بأنْ تتوسط ملفات تتعلق بحماس، وتُعارض أيّ وساطة عربية وإسلاميّة أخرى، مثل قطر وتركيّا، وأنّها تأمل أن يعود القطاع لسيطرة السلطة الفلسطينيّة، على حدّ قوله.