تحمل الخطابات الأخيرة للأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، رسائل ما بين السطور يمكن لمن يتابع التطورات في المنطقة فهمها وملاحظتها، وهي تدل على وجود أزمة حقيقية في وجه التنظيم ووجه نظام الأسد، تسببت فيها سلسلة الخسارات التي أصابتهم خلال الفترة السابقة، بحسب تحليل قدمته صحيفة هآرتس العبرية.
وفي هذا السياق، قال المحلل العسكري للصحيفة، عاموس هارئيل، إن ظهور زعيم حزب الله عدة مرات خلال أقل من أسبوع يحمل دلالتين أساسيتين؛ الأولى والواضحة هي نية دحض الشائعات التي تم تناقلها حول مقتله أو تدهور وضعه الصحي.
أما الدلالة الثانية فهي أكثر خطراً وأهمية، وهي وصول نظام الأسد إلى حالة يرثى لها، وحاجته إلى مزيد من الدعم الخارجي، فبحسب تحليل هارئيل للخطاب الأخير، فإن دعوات “نصر الله” المتكررة لضرورة “إجراء تجنيد عام في لبنان من أجل التصدي لخطر تنظيم الدولة، الذي وصفه بأنه “خطر ليس له مثيل في التاريخ”.
إلى جانب ذلك، قالت الصحيفة إن “نصر الله” صرّح في خطاب ألقاه السبت الماضي، بأن تنظيمه “يخوض حرب وجود لأجل لبنان والعالم العربي”، كما حذّر بشكل مفرط اللبنانيين من “المذابح والاغتصاب والاستعباد إذا نجحت التنظيمات السنية بإسقاط نظام بشار الأسد والتقدم أكثر نحو لبنان”.
اعتبر هارئيل هذه النداءات المتكررة والتحذيرات دليلاً آخر على الأزمات التي تواجه نصر الله ونظام الأسد في ما يخص تجنيد شباب للقتال في صفوفهم بجبهات القتال المختلفة، كما تتزامن هذه التصريحات المتتابعة مع الأخبار السيئة التي ترد بشأن خسارات جيش الأسد ومناصريه في سوريا بالأيام الأخيرة.
ففي الأيام الأخيرة، ركزت الصحافة العالمية على ثلاثة محاور كشفت أزمة نظام الأسد؛ أولاً سيطرة تنظيم “الدولة” على مدينة تدمر الأثرية شرقي سوريا، بعد معارك مع قوات الأسد، إلى جانب المذابح التي ارتكبها التنظيم أيضاً ضد جنود الأسد، والقلق العالمي حول مصير آثار تدمر.
وبالإضافة لخسارة الأسد أمام تنظيم “الدولة” في منطقة تدمر، تتابع قوات المعارضة السورية بالتقدم في شمال غربي سوريا، فقد استطاعت في الأسبوع الأخير السيطرة على مستشفى جسر الشغور، الذي كانت قوات الأسد تتحكم به لأسابيع طويلة.
ويضيف هارئيل أنه بناء على ما يحدث في جبهات أخرى، تتضح الصورة الكبرى تدريجياً، لتبيّن أن نظام الأسد -بعد عام من الجمود النسبي- يتراجع بشكل كبير على جبهات عدة، فبحسب مصادر أمنية إسرائيلية، يعود سبب التراجع المستمر لنظام الأسد منذ مارس الماضي إلى “التآكل المتواصل بقدرات جيش الأسد وبمعنوياته القتالية”.
إلى جانب ذلك، تصادق المصادر الأمنية الإسرائيلية على أن قوات المعارضة -لأول مرة منذ زمن طويل- حصلت على دعم كبير عن طريق دول متعددة نسقت في ما بينها لدعمهم، من بينها السعودية وتركيا وقطر، بعد أن اختلفت في ما بينها سابقاً على طريقة تقديم هذا الدعم.
وأضاف الكاتب أنه على الرغم من استمرار تلقي نظام الأسد للدعم من جانب “حزب الله” وإيران، فإن سلسلة الأحداث الأخيرة تدل على وجود خطر حقيقي على استمرار وجود نظام الأسد، وعلى ضوء ذلك، تحدثت تقديرات أمنية إسرائيلية أن هناك احتمالاً بأن يترك الأسد دمشق ويركز على حماية المناطق العلوية شمال سوريا.
وعليه؛ فإن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تستعد للإجابة عن السؤال الذي كانت تبدو إجابته بعيدة، وهو: “ما الذي يجب فعله في اليوم الذي يلي سقوط الأسد؟”.