بعثت منظمة “هيومن رايتس مونيتور” بشكوى عاجلة إلى المقرر الخاص بالقتل خارج إطار القانون في الأمم المتحدة، حيث وثقت المنظمة 5 حالات قتل خارج إطار القانون قامت بها قوات الأمن المصرية خلال أقل من أسبوع.
وقالت المنظمة، إنه في صباح 19 مايو نشرت صفحة وزارة الداخلية المصرية خبرًا مفاده قتل قوات الأمن متهمين بمحاولة اغتيال المستشار معتز خفاجى، وأكدت الصفحة أن المتهمين قاما برصد منزل المستشار معتز خفاجي وزرعا القنبلة أسفل سيارته، في حين أنهما قتلا في شقتهما بمنطقة حلوان جنوبي القاهرة، حيث راح ضحية الحادث المواطن “أحمد حسن عبداللطيف مرعي” طالب فني هندسة بالإدارة الصحية بحلوان، وكذلك “سعيد سيد أحمد السيد”، حاصل على دبلوم صناعي. ولفتت المنظمة إلى أن ما يثير التساؤل حول إذا كانت قوات الأمن قد رصدتهما أثناء ذرع القنبلة لماذا لم تعتقلهما على الفور وذهبت لمسكنهما وتصفيتهما مباشرةً؟ بالإضافة إلى نشر عدد من الصحف الموالية للسلطات المصرية أخبارًا نقلتها عن مصادر أمنية بالوزارة بها تناقضات عن كيفية تنفيذ تلك الجريمة، فبعض الأخبار تشير إلى أن إحدى الضحيتين ضبط أثناء زرع القنبلة ورصدته قوات الأمن حتى ذهب لمنزله وقامت بقتله لكنها قتلت صديقه في السكن أيضًا الذي لم يثبت عليه أي تهمة، بحسب تلك الرواية.
ومصادر أمنية أخرى تحدثت أن تحريات قام بها الجهاز الأمني دلت على مسكن المتهمين وحاصرتهما وصفتهما في تبادل لإطلاق النار في تمام الساعة العاشرة مساءً، بينما لم تظهر في الصور التي نشرتها الصحف والوزارة آثار لإطلاق رصاص في جدران الشقة أو باباها وإنما ظهر الضحيتان يرقدان على الأرض غارقين في الدماء، وغيرها تحدثت عن أن أهالي المنطقة أكدوا استمرار إطلاق النار حتى الساعة الثانية من منتصف الليل، في حين قالت الوزارة إن العملية انتهت في العاشرة مساءَ، وغيرها من الروايات التي أظهرت الكثير من التناقض بين رواية الداخلية وروايات الصحف الموالية لها التي نشرت على لسان قيادات أمنية.
وقالت المنظمة، إن في كل الأحوال وإن صدقت إحدى تلك الروايات فهل اعتبرت الشرطة المصرية نفسها قاضيًا وجلادًا بالإضافة إلى عملها، وأنها باتت تتحرى عن الجريمة وتصدر حكمًا وتنفذه في آنٍ واحد، فإن كان الشابان متهمين بالفعل في قضية زرع قنبلة كما زعم الأمن المصري، فكان يمكن اعتقالهما لمسائلتهما قانونيًا عن تلك الاتهامات، وتستطيع الشرطة إن أرادات أن تلقي الغاز عليهما لتعتقلهما أو تشل حركتهما بطلقات الخرطوش إن كان يمتلكان سلاحًا بالفعل، ولا تصيبهما بطلقات في مقتل، لأن لهما الحق في المحاكمة العادلة.
وأضافت، أن من حق كل فرد أن يواجه بأي تهمة جزائية أية دعوى مدنية، وأن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون، وهذا ما لم تفعله الشرطة المصرية فكانت القاضي والجلاد على مواطن لم تثبت إدانته بأي تهم، حيث اتهمتهم بتهم ملفقة ومن ثم حكمت عليه بالقتل وقامت كذلك بتنفيذ الحكم، وارتكاب جريمة لابد من المعاقبة عليها، حيث إنها قضت في غير اختصاصها واستعملت سلطات ليست من شأنها. ووصل للمنظمة استغاثة تفيد اعتقال الطالب بكلية الهندسة بجامعة عين شمس”إسلام صلاح الدين عطيتو – 22 عامًا” من لجنة الامتحان بكليته على يد قوة أمنية بلباسٍ مدني بتاريخ 19 مايو واقتياده إلى مكان مجهول، وفي اليوم التالي تفاجأت المنظمة بمقتل الطالب بتاريخ 20 مايو. فيما خرجت وزارة الداخلية لتعلن عن مقتل شاب أثناء تبادل لإطلاق النيران أثناء اختبائه في أحد الأوكار في صحراء التجمع الخامس رغم كونه معتقلاً قبلها بيوم برفقة الجهات الأمنية، واتهمته بالانتماء لجماعة الإخوان وقتل العقيد وائل طاحون، رغم روايات الداخلية السابقة والمصادر الأمنية التي تحدثت عن أن مقتل ذلك العقيد جنائي وليس سياسيًا ما يثير الشك في تناقض تلك الروايات. الروايات اختلفت هنا أيضًا لكن شهود العيان من زملاء الطالب بالكلية وأعضاء الاتحاد الذين تقدموا باستقالتهم على إثر تلك الجريمة تفيد بأن الطالب حضر معه الامتحان في 19 مايو وقام الأمن باعتقاله ذلك اليوم بمساعدة العاملين في شئون الطلاب في الكلية، وأكدوا للمنظمة أنهم بحثوا عنه في أقسام الشرطة ولم يتوصلوا لمعلومة عنه ليفاجأوا في اليوم التالي بجثته في الصحراء، تلك الرواية أكدها عميد الكلية بتصريحاته الصحفية عن أن الطالب أدى امتحانه بالفعل في يوم اعتقاله.
فتلك الجرائم ليست الأولى من نوعها التي يرتكبها رجال الشرطة المصرية، فخلال الشهر الماضي فقط تكرر الأمر مع مواطن يدعى “همام محمد أحمد عطية” الذي قتل في منزله أمام أطفاله، وادعت السلطات المصرية أنها قتلته في تبادل لإطلاق النار أمام قسم شرطة وأنه يقود تنظيمًا إرهابيًا، وسبقه بأسابيع مقتل “سيد الشعرواي” بطلقات الرصاص أمام أولاده في منزله بالجيزة، مطلع مارس الماضي.
تلاها اختطاف المواطن “أحمد جبر” بين الحياة والموت في نفس الشهر بعد إطلاقها الرصاص عليه هو الآخر أمام أولاده وزوجته في منزله بالإسكندرية، وكذلك اختطافها لثلاثة شباب في الشرقية وإطلاق الرصاص عليهم، قبلما يتفاجأ ذويهم بجثة اثنين منهم متفحمة والثالث كان مصابًا بإصابات خطرة قبلما يلقى حتفه هو الآخر بعد صديقيه بأيام، وآخرها اعتقال مواطن إثر مشاركته في تظاهرة بالمنوفية، ومن ثم تصفيته جسديًا في أحد الطرق أمام مرأى ومسمع الأ
هالي، وذلك قبل أيام، ليليهم الضحية همام، والذي بدا حينها أنه لن يكون الضحية الأخيرة لجهاز الشرطة المصرية. الضحية الرابعة للشرطة المصرية الأسبوع الماضي كانت المواطن “سيد عبدربه” الذي اعتقل من منزله بعزبة النخل شرقي القاهرة فجر يوم 21 مايو هو وزوجته على خلفية انتمائه السياسي، ليلقى حتفه في مساء ذلك اليوم، وتحدث بعض أفراد أسرته للمنظمة عن أنه لقي مصرعه جراء التعذيب الشديد الذي تعرض له في قسم شرطة المطرية لإرغامه على الاعتراف بتهم لفقت له، بالرغم من نصوص العهد الدولي الخاص بحقوق الإنسان التي تؤكد عدم جواز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة.
أما الضحية الخامسة فكان الطفل “أحمد حفناوي شحاتة – 15 عامًا” الذي لقي حتفه الجمعة بتاريخ 22 مايو جراء إصابته برصاص الشرطة المصرية أثناء تواجده أمام منزله الكائن بقرية ناهيا بالجيزة دون جريمة ارتكبها غير أنه تواجد أمام منزله بالتزامن مع مرور حملة أمنية لقوات الأمن مساء 21مايو، ليظل الطفل يعاني جراء إصابته يومًا كاملاً قبلما يلقى مصرعه هو الآخر. واتهمت المنظمة الشرطة المصرية، بأنها باتت تضرب بعرض الحائط كل القوانين والمعاهدات الإنسانية الإقليمية منها والدولية، ولم يعد هناك ما يردعها عن ممارسة القمع بحق المواطنين، في ظل غياب المؤسسات القضائية عن المشهد العبثي في الأوضاع الإنسانية بالداخل المصري، ولم تعد مؤسسات مصر تحترم حق المواطن في الحياة أو حقه في حرية الرأي والتعبير، أو حقه في حياة كريمة، أو الأمان على شخصه، وغيرها من الحقوق المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بحماية حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وطالبت المجتمع الدولي والمقرر الخاص بالقتل خارج نطاق القانون في الأمم المتحدة، بضرورة التدخل للوقوف على الأوضاع الحقوقية المتدنية في مصر، بعدما دق جرس الإنذار بتزايد حالات القتل خارج إطار القانون في الدولة المصرية، وتزايد أعداد القتلى على يد جهاز الشرطة المصرية، مع ضرورة إقامة محاكمات عادلة لقادة وضباط جهاز الشرطة الذين يعطون الأوامر ويقومون بتنفيذ تلك الجرائم، والمتسترين عليها كالأجهزة القضائية.