بحسب تقرير لمنظمة الشفافية الدولية في 2013، فإن الفساد في الجيش اليمني وصل لدرجة “مخاطر فساد حرجة”، وفي بداية مايو الحالي نشر المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، دراسة لفلورنس غاوب المحللة في معهد الاتحاد الأوربي للدراسات الأمنية، عن أين ذهب الجيش اليمني خلال عملية عاصفة الحزم؟، أوضحت فيها أن اختفاء الجيش خلال العاصفة أدى إلى تفاقم الوضع الأمني المتردي أصلا.
وبحسب جاوب، فرغم تقديم القوات المسلحة اليمنية مساعدة لإخراج التغيير السياسي 2011 إلى النور، فإنها – القوات المسلحة- لم تلعب أي دور حاسم خلال أحداث عام 2015 ، وتشير جاوب إلى سيطرة السعودية على المجال الجوي اليمني بالكامل ومجرد شن عملية عاصفة الحزم، هو شهادة على الانهيار العسكري اليمني.
ترتيب القوة
فيما جاء ترتيب الجيش اليمني في المرتبة 43 عالمياً في قائمة أقوى جيوش العالم لعام 2013، التي يعدها سنوياً موقع جلوبال فاير باور المتخصص في مجال التسلح وفي المرتبة الخامسة عربياً بعد مصر والسعودية والجزائر وسوريا.
تاريخه بدأ بانفصال
الجيش الذي بدأ تأسيسه بتأسيس الجيش الجمهوري في الجمهورية العربية اليمنية عام 1962 وذلك بقيام ثورة 26 سبتمبر أما جيش دولة الجنوب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية فقد تأسس الجيش الاتحادي في 1959 قبل قيام ثورة 14 أكتوبر والاستقلال بعدة سنوات، تعثر دمج الجيشين فعلياً بعد قيام الوحدة اليمنية 1990 لأسباب سياسية، وبعد حرب صيف 1994 الأهلية، توحد الموالون للوحدة ضد الموالين للانفصال ولم يعد هناك جيشان بعد ذلك .
الانضمام للجيش
الانضمام للجيش اليمني تطوعي ولا يوجد تجنيد إلزامي ويفرض على المتطوعين سنتين خدمة عسكرية وتشكل ميزانية القطاع العسكري حوالي 2.9% الناتج الإجمالي المحلي.
مقدمات ضعف الجيش
أوضحت فلورنس جاوب في دراستها أن هناك ثلاثة تطورات ساهمت في حالة الضعف الراهنة التي تعتري القوات المسلحة اليمنية. أولا: تردّت الأوضاع في الجيش ترديًا شديدًا في العقد الأخير من حكم صالح. ثانيًا: ما زالت التداعيات السلبية لما حدث بين محسن وصالح، وهي الواقعة التي شقت الصف في عام 2011، وتتردد أصداؤها إلى اليوم. ثالثًا: كانت الإصلاحات التي نفّذها هادي -خليفة صالح- معيبة من نواحٍ عديدة. ومن ثم فعندما وصل المتمردون الحوثيون أخيرًا إلى العاصمة صنعاء، كانت القوات المسلحة عاجزة عن الاستجابة بفعالية.
وعلى الرغم من أن السياسة القبلية جزء لا يتجزأ من التكوين الاجتماعي لليمن، فإن استغلال صالح إياها في هذه الحالة شوّه هياكل القوات المسلحة والإجراءات المتبعة داخلها، على حد قول الباحثة؛ حيث استغلت القبائل القوات المسلحة لتعزيز مراكزها وضمان المحسوبية، ولم تكن الرتب العسكرية تُضفي على شاغلها سلطة دون رابط يربطه بقبيلة متنفّذة، وكان الاتصال يتّبع الخطوط القبلية لا هياكل القيادة.
وتُضيف جاوب: شجّع صالح المسؤولين الحكوميين، بداية من الثمانينيات، على استغلال مناصبهم والإثراء منها، وما زالت القوات المسلحة اليمنية إلى يومنا هذا ضالعة في تهريب الأغذية والوقود والسلع الأخرى، و”رِشوة” القبائل بالأسلحة الصغيرة. كما اعترفت الحكومة أيضًا بإقدامها، بما يخالف القانون، على إعادة تصدير الأسلحة إلى بلدان مفروض عليها حظر مثل السودان. ومثلما هو الحال في العراق، صار “الجنود الوهميون” (أفراد لا وجود لهم توزَّع رواتبهم على الضباط) ظاهرة واسعة الانتشار. وكانت قوة الأفراد الفعلية في معظم الألوية تصل إلى ثلث القوة الاسمية أو نصفها، وكانت مستويات التدريب والروح المعنوية متدنية.
وأشارت الدراسة إلى أن الوحدات الأشد تماسكًا كانت هي الوحدات التي كانت تشارك في الحملات الكثيرة، والتي شاركت فيها فرق متعددة من الجيش ضد الحوثيين تحت قيادة اللواء محسن، وكان يبدو أن الاعتبارات العسكرية تتفوق على الاعتبارات القبَلية في هذه الوحدات على الأقل.
ولفتت إلى أن الأمور اتخذت منعطفًا نحو الأسوأ في عام 2000 عندما عيّن صالح ابنه أحمد علي في منصب رئيس الحرس الجمهوري، فحوّله عندئذ إلى قوة راقية التدريب وعالية التجهيز مؤلفة من ثمانية ألوية. وبهذا التحرك صارت القوات المسلحة اليمنية تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قوة شديدة الفعالية تحت قيادة أحمد علي، والفرقة الأولى المدرعة بقدراتها المعقولة تحت قيادة اللواء محسن، وجيش نظامي منهك ومستنزف عالق في مكان ما بين الاثنين. في الوقت نفسه، كانت عناصر القوات المسلحة الثلاثة جميعًا تخوض سلسلة مكثفة من الحملات القتالية على الحوثيين؛ حيث كان نصف الألوية في البلد ضالعًا في هذه الحرب، بل واستلزم الأمر تجنيد متطوعين من القبائل لتشدّ من أزر قوات تزداد إنهاكًا يومًا بعد يوم.
أمّا من منظور سياسي، فترى الدراسة أن هذا التحرك قوّض عهدًا قبليًّا كان قد مهّد الطريق أمام صالح للوصول إلى سدة الحكم في عام 1978، ونص -في الوقت نفسه- على تسمية محسن ليخلفه في السلطة في نهاية المطاف. وبما أن كلّا من محسن وصالح ينتميان إلى قبيلة سنحان (لكن إلى عشيرتَيْن مختلفتَيْن)، وبما أن هذه القبيلة تمثل بدورها جزءًا من تجمّع حاشد القويّ؛ فقد أفضى انقسام الرجلَيْن إلى تصدّعات أوسع داخل القبيلة، وصارت هذه التصدعات بادية للعيان بوجه خاص ع
ندما تفككت القوات المسلحة في عام 2011
سقوط العاصمة
قدر عدد أفراد القوات الأمنية المتواجدة في صنعاء عندما دخلها الحوثيون، بـ 80 ألف عسكري موزعين على قوات الاحتياط المقدرة بستة الوية، ثم أربعة ألوية، تشكل قوات الحماية الرئاسية المسؤولة عن حماية الرئيس عبدربه منصور هادي، وقوات الأمن الخاص وجهازي الشرطة والشرطة العسكرية.
وحسب بعض التقديرات فقد حشد الحوثيون 30 ألفا لدخول العاصمة صنعاء، كما حشدوا ألفي عنصر للاستيلاء على القصر الرئاسي.
قبيل عاصفة الحزم
وزعت قوات الجيش اليمني في الفترة ما قبل عاصفة الحزم على سبع مناطق عسكرية، عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ، وتتبع غالبية الجيش لوزارة الدفاع وبعضها تتبع رئاسة الجمهورية مباشرة، وتمتلك القوات اليمنية مجتمعة تقريباً 66,700 جندي
بداية العاصفة
مع بداية عاصفة الحزم ، أعلن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اليمنية محمد علي المقدشي أن أولويته إعادة ترتيب الجيش اليمني الذي قال إن 80% من عناصره هم خارج الخدمة..
وأشار إلى أن الألوية ووحدات الجيش التي كانت تحت ضغوط جماعة الحوثي وأتباع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح سيتم دمجها في الجيش، أما تلك التي خانت وتورطت فستحال إلى محاكم عسكرية، حسب قوله في تصريحات صحفية .
وردا على سؤال بشأن سبل تسليح الجيش، علق علي المقدشي قائلا إن “البر مفتوح، والبحر مفتوح”، و”سلاح الجيش اليمني يباع في الأسواق”.
وكشف في السياق نفسه أن هناك ألوية أعلنت ولاءها للشرعية وللرئيس عبد ربه منصور هادي، وهي التي قامت بحماية المنشآت النفطية والغاز في بعض المناطق، ولا تزال تمول الناس حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وعزا سقوط العاصمة صنعاء في يد الحوثيين وقوات صالح إلى ما اعتبرها “انقسامات” و”خيانات” داخل الجيش اليمني، وقال إن هناك قادة متواطئين في الانقلاب على الشرعية وهم الذين أقالهم الرئيس وأحالهم إلى المحاكمة، دون أن يذكر أيا من الأسماء.
من جهة أخرى اتهم المقدشي إيران بتدريب الحوثيين ودعمهم بالسلاح، وكشف عن وجود خبراء من إيران وسوريا ولينان، وقال إن مجموعة منهم اعتقلت في صنعاء، لمساعدة الحوثيين الذين قال إنهم يشبهون في هيئتهم عناصر حزب الله اللبناني.
وشكر المسؤول العسكري اليمني السعودية ودول الخليج الذين قال إنهم لبوا نداء دعم الشرعية في اليمن ضمن عملية عاصفة الحزم واعتبر أن الرئيس عبد ربه منصور هادي لم يكن أمامه خيار آخر سوى طلب تدخل دول الجوار، بعد أن حاصرته المليشيات الحوثية في بيته داخل صنعاء ثم لحقت به إلى عدن.
وبشأن رؤيته لطبيعة الحسم العسكري في اليمن، أوضح المسؤول اليمني أن الحسم سيكون من الداخل على يد الشعب والجيش، وقال إنه يعول على هذا الشعب الذي أظهر -بحسبه- صمودا كبيرا في مقاومة الحوثيين وأتباعهم خاصة في عدن جنوبي البلاد.
هل هناك حرب أهلية داخل الجيش؟
رأت فلورنس غاوب أن أكبر خطأ ارتُكب في إصلاح القوات المسلحة اليمنية هو أنْ بدأت العلاقات الشخصية تُقدَّم على الأولويات الأخرى، وهذا لم يؤجج التوترات السياسية فحسب، بل تعارض أيضًا مع توصيات اللجنة الفنية، التي ركّزت إلى حد كبير على تنفيذ قانون التقاعد، وإجراء التدوير الوظيفي للقيادات، وقضية الجنود الوهميين، وتحقيق التوازن بين الوحدات من حيث الحجم وال
عتاد. وبهذا يكون هادي، بإدارته القوات المسلحة بما يتماشى مع الولاءات الشخصية، كرر الأخطاء التي ارتكبها صالح من قبله.
في هذه الأثناء، أعاد الحوثيون -الذين قوّت ظهورهم المعارك، وزادهم تمكينًا تحالُفهم مع صالح وكسبُهم الدعم الشعبي بفضل مناهضتهم للمؤسسة العسكرية – تقديم أنفسهم بوصفهم الجيش اليمني الجديد. ولم يكن من قبيل المصادفة عند دخولهم صنعاء أن استهدفوا على وجه الخصوص مقر القيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الدفاع ومقر قيادة المنطقة العسكرية السادسة. علاوة على ذلك، فإن عشرات الدبابات والكميات الهائلة من الأسلحة الثقيلة التي تمكنوا من الاستحواذ عليها جاءت كلها مباشرة من عناصر الجيش اليمني التي انشقت أو هربت من الخدمة العسكرية.
وبحسب الدراسة، فإن الضربات الجوية الحالية قد تُسفر عن إضعاف الحوثيين، لكنها لن تفعل شيئًا لحل المشكلة الأساسية، وهي انفجار الدولة من الداخل نتيجة التناحر السياسي الشديد. وفي حالة العثور على حل سياسي، فسوف تكون إعادة توحيد فلول القوات المسلحة اليمنية من الأولويات، غير أن هذه المهمة ستكون أصعب من ذي قبل، نظرًا إلى أن الوحدات باتت الآن يقاتل بعضها بعضًا قتالا مكشوفًا.