قال تحليل لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إن سيطرة تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) علي مدينة الرمادي العراقية التي لا تبعد سوي مسافة 126 كيلومترًا عن العاصمة بغداد، ويمكن قطعها في ساعة ونصف في أي رحلة عادية، يغريه بالتقدم الي قلب بغداد، ولكن «السيطرة على بغداد مهمة مختلفة تمامًا عن احتلال الرمادي أو مدينة الموصل».
إلا أن المحلل الصهيوني «تسفي برئيل»، ألمح في تحليله الذي جاء تحت عنوان «رحلة طويلة تنتظر داعش للوصول إلي بغداد»، الثلاثاء 19 مايو/أيار الجاري إلى ثلاث عقبات أخري تواجه التنظيم للوصول إلي بغداد أبرزها مدن الحبانية والفلوجة وخطوط الجيش العراقي حول بغداد، بخلاف تحديات جوية وأرضية أخري.
وأوضح قائلا: «إن السيطرة على بغداد هي مهمة مختلفة تمامًا عن احتلال الرمادي أو مدينة الموصل وسيكون على الجهاديين، كي يصلوا إلى العاصمة العراقية، أن يحتلوا مدينة الحبانية، شرقي الرمادي، ثم إعادة احتلال الفلوجة التي خسروا فيها المعركة مع الميليشيات الشيعية ثم اجتياز خطوط الدفاع للجيش العراقي المنتشر على أطراف بغداد، وكذا خوض حرب شوارع أمام قوات أقوى منهم، وكل ذلك تحت قصف طائرات التحالف الغربي، والقوات الإيرانية، والميليشيات الشيعية والمتطوعين من السنة».
وتقول «هارتس» في تحليلها «إن هناك مخاوف من سيطرت تنظيم “داعش” على بغداد لأن تلك المسافة تعتبر تحد بسيط بالنسبة للتنظيم الذي بات يسيطر على معظم منطقة الأنبار الصحراوية ومدينة الرمادي وأصبح يتقدم شرقًا باتجاه بغداد أو غربًا باتجاه الأردن، بعدما أدت سيطرته على مدينة الرمادي العراقية التي لا تبعد سوي مسافة 126 كيلومترًا عن العاصمة بغداد، لاحتمال أن يشحن آلياته ويتجه نحو بغداد».
الخوف علي بغداد أم الأردن؟
ويبدو من تحليل المحلل الصهيوني أن هناك قلقا من توجه تنظيم «داعش» نحو الحدود الأردنية العراقية التي لا تبعد سوي 6 ساعات كما قال، لا نحو بغداد، ما يشكل تهديدا للدولة الصهيونية نفسها في ظل تحليلات إسرائيلية عديدة حذرت من خطروصول «الدولة الإسلامية» لحدود الأردن، واحتمالات دخول تل أبيب مباشرة الحرب ضد «داعش» لو وصل للأردن.
وأشار لأن «احتلال عاصمة العراق مهمة مختلفة كليًّا، ولكن آخر إنجاز حققه تنظيم داعش في الرمادي ليس بسيطًا، وهو يدفع مُتخذي القرار نحو إعلان حرب شاملة في الشرق الأوسط»، في إشارة لاحتمالات دخول تل أبيب الحرب أيضا ضد «داعش».
حيث عقب المعلق الصهيوني أن «ست ساعات سفر أُخرى باتجاه الغرب سوف توصل المسافر من مدينة الرمادي إلى معبر الحدود بين العراق والأردن»، وأن إلقاء نظرة خاطفة على خارطة الدولة من شأنه، وبشكل طبيعي، إثارة الخوف والرعب إذ أن تلك المسافة بالفعل تُعتبر تحدٍ بسيط بالنسبة لتنظيم «الدولة الإسلامية»، الذي بات يُسيطر على مُعظم منطقة الأنبار الصحراوية، بقي أمام التنظيم فقط، بعد احتلال مدينة الرمادي أول البارحة، أن يُشغل آلياته ويتقدم شرقًا باتجاه بغداد أو غربًا باتجاه الأردن.
عقبات
وعدد المحلل العسكري لصحيفة «هآرتس» العقبات التي تواجه التنظيم للوصول إلي بغداد قائلا: «هناك تقارير واردة من العراق تشير إلى دخول نحو 3000 مقاتل من الميليشيات الشيعية، التي تدربها وتمولها إيران، إلى منطقة الحبانية، الواقعة على بعد 33 كيلومترًا شرقا من الرمادي، كذلك أوردت التقارير أنه جاري تسليح حوالي ألف مقاتل مع أبناء العشائر السنية وعن غارات تشنها طائرات أمريكية في تلك المنطقة».
ونوهت «هآرتس» لوصول وزير الدفاع الإيراني، «حسين دهقان»، إلى بغداد في زيارة عاجلة لتنسيق هجوم مشترك ضد التنظيم مع نظيره العراقي «خالد العبيدي» لتحرير الرمادي ووقف أية محاولة من قبل التنظيم للتقدم باتجاه بغداد.
وقالت الصحيفة إن واشنطن غير راضية عن إشراك المليشيات الشيعية في معارك الرمادي لأن الإدارة الأمريكية تخشي أن تندلع في المنطقة معارك عنيفة بين العشائر السنية والقوات الشيعية، إلا أنه ليس لدى الإدارة الآن أي حل أفضل لحسم الأمر.
ضعف استراتيجي أمريكي
وقالت «هآرتس» أنه لولا هجوم الرمادي لظلت واشنطن سعيدة بالإنجاز الذي حققته مؤخرا عندما نجحت في عملية عسكرية في قتل «أبو سياف»، الذي تعتقد أنه بمثابة وزير مالية التنظيم المتشدد، واعتقال زوجته، ولكن احتلال «داعش» للرمادي أدي لتلاشى أكبر إنجاز حققته أمريكا في الآونة الأخيرة.
ووصف المحلل الإسرائيلي احتلال التنظيم للرمادي، بأنه «أظهر حجم الضعف الاستراتيجي الأمريكي»، وضعف الاستراتيجية الأمريكية التي تعتمد على الغارات الجوية المركزة فقط وتدريب الجيش العراقي الذي فشل في طرد الجهاديين من المناطق التي يسيطرون عليها.
وأضاف: «أظهرت المعارك التي شهدها الشمال العراقي وفي سوريا، أنه يمكن فقط لقوات برية، مثل القوات الكردية أو المليشيات التي تقاتل ضد الدولة الإسلامية في سوريا، أن تنجح في التغلب على مقاتلي داعش».
ولكن المشكلة أن الجيش العراقي لا يريد التورط بهذه المعارك البرية علي ما يبدو، رغم أن لديه الكثير من القوات البرية، كما أنه (الجيش العراقي) «لا يعرف كيف يُدير حربًا ضد القوات المتحركة والسريعة التابعة للدولة الإسلامية»، مشيرا لما وصفها بأنها «مواقف مُخجلة لجنود عراقيين، تم وضعهم في معسكرات محصنة، ولكنهم هربوا بالآليات العسكرية وتركوا خلفهم الكثير من العتاد والأسلحة التي وقعت في أيدي الجهاديين».
و
وفقًا للتقارير الواردة من العراق، قتل أكثر من 500 شخص، كثيرون منهم من العسكريين، في الهجوم الذي شنه تنظيم «الدولة الإسلامية» على الرمادي وأسر نحو 150 شرطيًا «تم إعدامهم في واحدة من استعراضات القتل المريعة التي يُنفذها التنظيم»، بحسب «هآرتس».
قوات إيرانية
وتقول «هآرتس» أن القوات البرية الوحيدة المُتاحة حاليًا، للتدخل في العراق ضد «داعش»، هي القوات الإيرانية، حيث تمتلك إيران قوات مدربة ومسلحة جيدًا ويمكن إرسالها إلى العراق، بشرط أن تجيز الحكومة العراقية مسألة دخولها، وذلك في ظل التردد الأمريكي والعربي عن إرسال قوات برية إلى العراق، مشيرة لنشاط لسلاح الجو الايراني منذ أشهر، فوق أجزاء من العراق.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الحقيقة، تجعل واشنطن في ورطة جديدة، فهي إما أن تشجع إيران على إرسال قوات إلى العراق، أو تتحرك بنفسها بريا وتعود للتورط في العراق للقضاء على حكم الجهاديين في الرمادي.
وتقول «هآرتس» أن احتلال الرمادي «يعرض خطة الحرب الكبيرة لتحرير منطقة الموصل من الخطر والتي تعول عليها الحكومة العراقية، والقوات الكردية والإدارة الأمريكية للخطر»، لأن تنظيم الدولة الإسلامية «حقق إنجازًا أكبر من مجرد احتلال ثاني أكبر مدينة في العراق، حيث أظهر بؤس الجيوش النظامية العراقية وقد يدفع متخذي القرار في واشنطن، وطهران، وعواصم الدول الأوروبية إلى اتخاذ قرار امتنعوا عن اتخاذه حتى الآن بشن حرب شاملة في الشرق الأوسط».