نشرت صحيفة “ميديل إيست آي”، الاثنين، تقريرًا حول مصير مقر السفارة الأمريكية القديم في وسط طهران الذي تحوّل إلى متحف بعد أن شهد حصارًا استمر 444 يومًا أثناء الثورة الإيرانية عام 1979م، متسائلاً: هل يثمر الاتفاق النووي عودة قريبة للأمريكان إلى مقر سفارتهم؟
يذكر أن إيران دابت على وصف الولايات المتحدة منذ ثورة الخميني بـ (الشيطان الأكبر)
وسلط التقرير الضوء على انطباعات الإيرانيين حول الاتفاق النووي ومدى ثقتهم في الغرب وأمريكا، بالإضافة إلى تطلعاتهم المستقبلية حال توقيع الاتفاق النووي مع أمريكا وانعكاساته على الوضع الاقتصادي للمواطن الإيراني.
وفي التفاصيل، قابل كاتب التقرير جوناثان ستيل، أحد المرشدين السياحيين في متحف السفارة الأمريكية بطهران، محمد رضا شوقي، الذي يرى أن “أمريكا لن تعود إلى هذا المبنى أبدا، فهو رمز لطغيانهم وظلمهم”، وهو ليس خائفًا على وظيفته بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وطهران، بحسب التقرير.
وشرع التقرير بوصف المبنى الذي كان قديما مقرًا للسفارة الأمريكية، فهو مبنى يقع في مجمع كبير اشتمل في يوم من الأيام على سكن السفير، إلا أنه تنقصه المرافق الأمنية التي تتوفر هذه الأيام في معظم السفارات الأمريكية، والتي تقع في الأغلب في مواقع نائية يمكن بسهولة مراقبة محيطها. لم يعد من مصلحة الأمريكان أن توجد سفارتهم في شارع محاط بالأشجار في وسط منطقة يسهل على المتظاهرين التجمع فيها.
وأضاف أن المبنى يخضع منذ وقت طويل لسيطرة قوات الحرس الثوري، ولقد تم تحويله إلى معرض يقصد منه مهاجمة الإمبريالية الأمريكية والتنديد بها، تغطي الشعارات والرسومات الثورية جدار المجمع على امتداد شارع طالقاني، ومن ضمن الأعمال الفنية التي رسمت على الجدار صورة لتمثال الحرية بجمجمة بدلاً من وجه.
وتابع بالقول: “في داخل المبنى، يمشي الزوار عبر ردهة تعرض فيها صور لجثث الأطفال ولغير ذلك من الفظاعات التي تسببت بها الحروب التي وقعت في منطقة الشرق الأوسط وفي فيتنام”.
ونوه التقرير إلى أنه يوجد في داخل القاعة تمثال من الشمع لآخر سفير أمريكي في طهران، هو السيد ويليام سوليفان، وهو قابع داخل غرفة زجاجية محصنة ضد التجسس، كما أنها توجد بعض الآلات القديمة التي كانت تستخدم في التنصت على هواتف المسؤولين الحكوميين في إيران وفي إرسال الرسائل المشفرة إلى واشنطن.
وأشار إلى أنه رفعت مؤخرا لوحة إعلانات ضخمة داخل الفناء الخارجي لمجمع السفارة، كرست لموضوع المفاوضات النووية، تحمل صورة القائد الأعلى في إيران علي خامنئي، مرفقة بالعبارة التالية: “نحن لا نثق بأمريكا”. وقد رسمت على نفس اللوحة صورة دائرية للنجوم والقطاعات التي تميز العلم الأمريكي وقد أحيطت بست دوائر تظهر نجمة داود الإسرائيلية.
ونقل التقرير عن المرشد السياحي شوقي قوله: “نحن لا نثق بالغرب، ولقد علمنا التاريخ أن الأمريكان والبريطانيين يسعون للهيمنة والاستعلاء علينا، ولا يريدون أن يفهموا أن العالم قد تغير، وأن الشعوب قد صحت من غفوتها”، وفقًا لتقرير ميديل إيست آي.
وقابل معد التقرير فتاة جامعية إيرانية تدعى إلهام، واستطلع رأيها حول موضوع عودة الأمريكان لسفارتهم بطهران، فكانت وجهة نظرها: “لا أظن أن الأمريكان سيعودون إلى هذا المكان خلال فترة وجيزة. وإن كنت آمل أن يأتوا بشكل سلمي ودود، وليس كما فعلوا في العراق وأفغانستان. نحن بحاجة لأن يكسب الجميع، كما قال الرئيس روحاني، العقوبات المفروضة على إيران مزعجة جدا، وتؤثر على كل شيء، فقد ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية بمعدل تجاوز بمراحل معدلات الارتفاع في دخلنا، الذي ما يزال متواضعًا، وكذلك ارتفعت أسعار الأدوية. لو حصل انفتاح فإن الوضع الاقتصادي بالتأكيد سيتحسن”.
وأشار التقرير إلى انخفاض سقف توقعات الإيرانيين وآمالهم، فحينما تم التوقيع على الإطار المبدئي للاتفاق النووي في لوزان في شهر أبريل (نيسان) غصت الشوارع بالجماهير وأطلقت السيارات لأبواقها العنان في أحياء الطبقة المتوسطة إلى الشمال من طهران. أما الآن، فلم يبق من مشاعر الغبطة والسرور التي غمرت الناس في تلك الأمسية شيء يذكر، وتمكنت السلطات من خفض سقف التوقعات بحدوث تغييرات آنية ومباشرة عندما ترفع العقوبات عن البلاد.
أما المهندس المعماري الإيراني فله وجهة نظر متفائلة بحسب التقرير، حيث يرى أنه “حينما تتوقف العقوبات فسيكون هناك تغيير كبير. سوف تتحسن فرص العمل، وستنشط السياحة وستتحسن العلاقات مع البلدان الأخرى. وربما انخفضت أسعار السلع وقد يعود سعر صرف الريال إلى وضعه الطبيعي. لدينا في إيران أشخاص مؤهلون. كل ما نحتاجه هو المزيد من الاستثمار والصناعة”.
واستدرك التقرير بأن الإيرانيين ليسوا جميعًا متفائلين بعقد صفقة مع أمريكا. وينقل عن مهندس إيراني يدعى حسين، يجتهد في تحسين دخله ككثيرين من أقرانه في طهران من خلال العمل سائق أجرة، قوله: إنه يشك في إمكانية التوصل إلى اتفاق، و”القوى العظمى تريد أن تأخذ الكثير، والكثير جداً، من إيران، ولذلك ليس من مفر أمام إيران سوى المقاومة”.