ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية في اليومين الأخيرين، بحملة تعاطف مع مغرد معوَّق صدر حكم بسجنه لمدة 18 شهرًا مع 100 جلدة بسبب اتهامه لمدير أحد المستشفيات في تيماء (شمال السعودية) على حسابه الشخصي على “تويتر”، بالتقصير في حقه والإهمال واتهمه في أمانته، عبر سلسلة من التغريدات.
وبحسب دولان بن بخيت، فإنّ قصته مع الإهمال بدأت قبل عشر سنوات، عندما تعرض لحادث مروري تسبب في إعاقته ولكنه خلال تلك الفترة تعرض لإهمال شديد. وبعد رحلة علاج صعبة في الرياض، عاد إلى تبوك ليواجه الإهمال مرة أخرى حسبما قال، فلم يتم إخضاعه لبرنامج تأهيلي. وبعد أن تقدم بعدة شكاوى لوزارة الصحة لم تجد من يقرأها، فقرر اللجوء لتويتر… هكذا، بدأ يشكو معاناته مع مستشفى “تيماء”.
ولكن مع مرور الوقت، بدأت حدة التغريدات ترتفع. فاتّهم بن بخيب مدير المستشفى بعدم النزاهة، وهو ما دفع مدير مستشفى تيماء لإقامة دعوى ضدّه، حولت إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، ومنها للقضاء الذي حكم بسجنه سنة ونصف السنة مع 100 جلدة.
من جانبها، كشفت الشرطة الأسباب التي دعتها إلى تحويل بن بخيب للقضاء. وأكد المتحدث باسم شرطة تبوك المقدم خالد الغبان، أن المواطن الثلاثيني الذي اتّهم مدير مستشفى تيماء ووصفه بأوصاف “سيئة” يضعه تحت طائلة نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.
وأضاف: “إشارة إلى ما تم تداوله مؤخراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر ببعض الصحف حول موضوع الحكم على معوَّق بمحافظة تيماء بالسجن والجلد، فإنّه ورد لشرطة محافظة تيماء بلاغ من قبل مدير مستشفى المحافظة مفاده قيام أحد الاشخاص بالتشهير به وبإدارة المستشفى عبر تغريدات بموقع التواصل الاجتماعي منذ قرابة العام، ووصفهم بأنهم عصابة هدفها الاختلاس وغيرها من الأوصاف السيئة”.
وتابع: “تم استدعاء هذا الشخص من قبل شرطة المحافظة لسماع أقواله حيث اتضح أنه مواطن يبلغ من العمر 35 سنة، وأفاد بأنه هو من قام بنشر هذه التغريدات وعبر حسابه الشخصي، حيث أحيلت أوراق القضية لدائرة التحقيق والادعاء العام بالمحافظة للتحقيق بها بحكم الاختصاص وإطلاق سراحه بالكفالة”. وتم إقرار لائحة اتهام ضده كون ما قام به “فعلاً محرماً شرعاً ومجرماً نظاماً، استناداً إلى نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، مما يتعين معه إحالته إلى المحكمة المختصة، وصدور حكم ابتدائي عليه وإحالة الحكم لمحكمة الاستئناف لإكسابه الصيغة القطعية له”.
وكشف المقدم الغبان أنه لم يتم تنفيذ الحكم حتى الآن و”هو في طور الاستئناف”، حسبما قال المتحدث.
مستخدمو مواقع التواصل ناقشوا القضية، فأطلق المغردون وسمي #الحكم_على_معاق_بالسجن_والجلد” و”#تغريدة_تسجن_معاقا”. وانتقد المغردون قسوة الحكم، فكتب وليد سالم: “حد القذف 80 جلدة لكن الحكم كان سجن سنة ونص و100 جلدة، بصراحة لا تعليق”.
وكتبت ريم :”سجن وكمان فوقها جلد و لإنسان معاق ومن زين الوجه لكم عشر سنين مهملينه”. أما عيسى محمد فكتب متسائلا: “وهل شكوى المعاق والتذمر من المسؤولين تؤدي به الى سجن سنه وجلد إﻻ يوجد عقوبه غيرها”.
فيما طالب عوض القبيضي الحويطي بالرأفة بابن بخيب، وكتب: “الله المستعان، مع ألم الإعاقة سجن وجلد، أتمنى ممن اصدر الحكم مراعاة ظروف الرجل الصحية، أما الفساد فموجود في كل مكان”.
من جهته يؤكد المستشار القانوني أحمد الرشيد، في حديث لـ”العربي الجديد” أن الحكم الصادر بحق دولان بن بخيب جاء وفق نظام الجرائم الإلكترونية، ولكنه يستغرب هذه القسوة في الحكم على شخص يطالب بحقه حتى ولو أخطأ الأسلوب.
ويقول: “هناك فرق بين جرائم القذف العادية وبين الاتهام بالاختلاس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لأن الأخيرة تتبع نظام مكافحة الجرائم الإلكترونية، وهي قد تصل للسجن ثلاث سنوات، ولكن كان يفترض بالقاضي أن يقدر ظروف المتهم وكونه يعاني من الإعاقة وتعرض للإهمال، للأسف مدير المستشفى الذي أهمل في واجباته لم يطاوله العقاب”.
(العربي الجديد)